حين أسمع في برامج إذاعية خفيفة لا تستهدف سوى ملء ساعات بث في جدول اليوم صوت المذيعة، وهي تتحدث لهجة هجينة أحمد الله أن المدة المسموح لها بالتحدث هي دقائق قليلة جدا، والوقت كله للأغاني فهي وإن كانت أغاني تافهة فهي أحسن حالا من الاستفزاز الكبير الذي يأتيني من لهجة المذيعة، وأكثر من ذلك قراءتها للأخبار والمعلومات المكتوبة لها بشكل صحيح، فتحول الكلمات التي تنتهي بالتاء المربوطة إلى الألف، فدولة الإمارات العربية المتحدة أصبحت بفعل دلع هؤلاء المذيعات واستهتارهن «دولاة الإمارات العربيا المتحدا» وقس على هذا كل الكلمات التي تنتهي بالتاء المربوطة.
كان الأمر سيكون هينا لو اقتصر على هذه البرامج فليس أسهل من إدارة مفتاح التبديل إلى إذاعة أخرى أو إغلاقها تماما، لكن الملاحظ أن هذا الشيء أصبح شبه عام بين المذيعات «الدلوعات» في الإذاعات المختلفة وبين مذيعات التلفزيون قارئات النشرات الإخبارية وأيضا بعض المسؤولين الذين تستضيفهم البرامج الإذاعية الحوارية أو في مداخلات لمواضيع شتى لم يعد عند هؤلاء أثر للتاء المربوطة.
يزيد الطين بلة وتتعرض الأذن لتلوث سمعي مؤذٍ حين تأتي عدة كلمات في الجملة، معظمها ينتهي بالتاء المربوطة، دون أدنى شعور من المتحدث بالجرم الكبير الذي يقترفه بحق كلمات عربية، بفعل التحريف لم يعد في وسع المستمع للمذيع أن يفقه ماذا يقول، وإن فهم يتساءل ما هذا؟
نطالب إذاعاتنا المحلية والتلفزيونات حبا في لغتنا الجميلة بضرورة إخضاع المذيعين والمذيعات إلى دورات مكثفة تؤهلهم، لا نقول تجعلهم يغوصون في بحور اللغة العربية، بل على الأقل تكون قراءتهم لما بين يديهم سليمة ليس رفعا ونصبا فحسب بل نطقا، وأن تكون هناك متابعة لما يبث عبر الأثير، فنجاح أي وسيلة إعلامية مرهون بكم البرامج الناجحة فيها وكم من يستمعون لها، لا كما هو حال بعض الإذاعات فهي محسوبة علينا ولا علاقة لها بنا.
و حيث إن الحديث يجر بعضه، لا بد من الوقوف عند الإعلانات التجارية الإذاعية التي ترفع الضغط، ولا نعلم هنا من يجيز إذاعة هذه الإعلانات التي تفتقر إلى أبسط قواعد وأصول الإعلان الإذاعي الذي له شروط تضمن نجاحه ووصوله إلى جمهور المستمعين، لا كما هو الحال مع إعلانات إذاعاتنا المنفرة التي يبدو جليا أنها بلا سيناريو متمكن ولا حوار ناجح يؤدي إلى نتيجة إيجابية
