الذي، يحدث في مجلس الأمن من صراع سياسي علني ليس صراعا بين الكبار حول سوريا، لكنه اختلاف جذري بين الكبار حول ترتيب العالم الجديد، أحد موضوعاته هي سوريا
باختصار، الخلاف الصيني – الروسي من ناحية، والأميركي – الأوروبي من ناحية أخرى، ليس بسبب سوريا، بل هو خلاف حول الشروط الجديدة لإدارة العالم.
لا يمكن للصين أن ترضى بأن تكون صاحبة حصة خجولة في القرار العالمي وهي مرشحة كي تكون القاطرة المؤثرة في الاقتصاد العالمي عام 2030، وكونها الدولة الأكثر استثمارا في سندات الحكومة الأميركية (قرابة التريليون دولار).
ولا يمكن لروسيا الاتحادية، بعد النمو الاقتصادي المستدام خلال السنوات الـ7 الماضية، وتطور مبيعات السلاح العالمية وارتفاع فرص الاكتشافات النفطية الروسية وإمكانيات الغاز الكامنة في البلاد، ثم بعد فوز بوتين وإدارته بنسبة مريحة للغاية، أن تقبل بدور «الكومبارس» في فيلم أميركي طويل!
العالم الآن يصوغ ميزان القوى، بعدما دفعت أوروبا فاتورة باهظة لتجنب انهيار اقتصادات إسبانيا واليونان والبرتغال وأيسلندا، مما أثر على «الحلم الوردي باتحاد أوروبي قوي اقتصاديا». العالم يصوغ هذه العلاقات، وهناك قوى صاعدة مثل البرازيل وكوريا الجنوبية وماليزيا وتركيا وبولندا.
هذه الصياغة الجديدة لترتيب القوى وشروط ومعايير العلاقات الجديدة، بناء على آخر المعطيات الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية، تتم في عالم مضطرب: فيه أزمات مالية على جانبي الأطلنطي، وثورات ربيع في العالم العربي المشرقي الغني باحتياطي النفط، وتتم في زمن فيه إشكالية كبرى لاستخدام القوة المسلحة في فض المنازعات الداخلية بين الحاكم وشعبه.
في الماضي القريب كانت التدخلات لمنع غزو، إلا أننا لو لاحظنا كل التدخلات العسكرية الأميركية عقب الحرب العالمية الثانية أدركنا أنها كانت تحت شعار إنقاذ الشعب من ديكتاتورية حاكمه مثل: كوريا، فيتنام، البوسنة، أفغانستان، العراق، هايتي، وليبيا.
من هنا لا بد أن يتفق الكبار: من هو النظام الذي نتدخل معه، ومن هو النظام الذي نتدخل ضده.
روسيا والصين تلعبان دور «المفسد» لرغبات التدخل الأميركية الأوروبية، ليس لأنهما تؤمنان بنظام مثل نظام الأسد، ولكن لأنهما لم تحصلا بعد على الاتفاق المطلوب لتقسيم العالم بناء على معطيات القوى الجديدة الصاعدة.