لم تعد إسرائيل تخيف أهالي غزة ولا غيرها.. دولة أكذوبة أقل ماتفعله أنها تحفر مدى لقبرها المقبل، وأنها تدق المسامير في نعشها. تتحول تلك الدولة إى ما يشبه الأسطورة في زمن الحقائق، ويتساءل كثيرون، هي موجودة بالقوة لكنها ليست كذلك بالفعل. تتمرجل على الغزاويين لعل نبضهم الفلسطيني يتغير. تتطلع حولها إلى المدى العربي فلا تجد غير غبار الصحاري والنفط، وبعض من أعراب يتسلون لأسباب خاصة بمواقع سوف تنكرهم في النهاية، حيث لم يبق سوى بعض الوقت كي يتم استرداد النعمة والنضارة العائدة.
الصابرون في غزة، وكلهم من أهل الصبر، يتطلعون حولهم لعل منقذا ومنفذا .. فلا المنقذ موجود ولا المنفذ مفتوح. مصر غائبة عن وجعها، ومن تبقى من العرب يدافعون عن ممتلكاتهم قبل أن تضيع في زحمة العربي المشغول بهم.
لايملك الغزاويون غير إعادة القوة إلى أعصابهم المشدودة دوما.. اذا كان لابد من المواجهة فأغلب الظن أن الإسرائيلي ينتحر مجددا عند اعتاب القطاع القليل المساحة الكبير الفعل والواقع. يفتش الغزاوي عن ابن جلدته فلا يجده في الضفة ولا في رام الله العاصمة المكسورة المحاصرة بواقع الداخل والخارج. متروك الغزاوي للمزيد من التعب كي يرفع يديه ملوحا بـ ” السلامة ” التي اختارتها حكومة رام الله ومازال الفلسطيني هناك على حلم يصغر مع الوقت الذي يقولون عنه في تلك الحكومة إنه مسهل للعيش طالما أن الكفاح المسلح قد سقط.
وماذا يكتب المرء عن قلعة غير أنها تجدد الدليل على أنها القلعة التي لم تنفعل بعد وإن الاسرائيلي ينتظرها هذه المرة كيلا تكون مثل المرات السابقة، هكذا ظنونه، أما ظنون الغزاويين فمختلفة، لن تكون المرة كما سبق رغم النزال الذي سبق والذي وفر فيه الغزاويون مقدمة ما سيأتي وسيلي.
مثلما صارت الأمة مبعثرة ومقسمة ومجزأة وبعضهم يأكل البعض الآخر، ستصير غزة وحيدة تفتش عن هويتها الضائعة، حيث كلمات التأبين جاهزة عند اللزوم، وفلسفات الخائبين مكتوبة من زمن، وهم الذين يريدون لها أن تترك القوة لتقول آخر كلمات التنحي عن القضية الفلسطينية مثلما قالها آخرون من أهل القضية أيضا . حتى جملة ” الشعب يريد العودة ” صارت من الممنوعات في زمن ” الحريات ” التي اعتدت على التاريخ.
لا يملك العربي المتفرج غير تعداد الجرحى والقتلى واحصاء المعوقين وتصوير الدمار الذي وضعت له الأموال لكنها لم تصل، قد تصل فقط عندما يسلم الغزاوي رقبته للجلاد ويتنحى عن آخر حكايات القوة، ويسترخي.