أكدت الحركة الإسلامية “أن الإدارة الرسمية فشلت” على مدى أكثر من عام في فهم التحولات التي يشهدها الوطن العربي، مشيرة إلى أن النظام “لم يستجب لنداءات الناصحين الذين لم يملوا التأكيد على ضرورة الاستجابة لمتطلبات المرحلة، والإسراع في إجراء إصلاحات تشريعية وسياسية واقتصادية تضع حداً للاحتجاجات اليومية الواسعة”.
وأضافت الحركة في بيان لها الاثنين، ،أن المعالجات الجزئية بالمسكنات ”لم تفلح في حل المشكلات وإنما زادت المشهد تعقيداً وصعوبة”، وأن السلطة مارست أسلوب المعالجة الأمنية بصورتيه الناعمة والخشنة، و”في كل مرة فقدت الإدارة قدراً من رصيدها.
واعتبر البيان أن إصرار الإدارة الأردنية على المعالجة من خلال المزاوجة بين الإجراءات الأمنية المباشرة وغير المباشرة “سياسة عقيمة، لن تحقق مصلحة وطنية، ولن تخدم النظام ولن تعيد الشعب الى القمقم بعد أن عرف طريقه”.
وانتقدت الحركة الحكومة الحالية ،اذ قالت انها لم تستفد من تجربة دوار الداخلية وساحة النخيل وسلحوب والمفرق وغيرها، التي أسهمت فيها وتتحمل مسؤوليتها أكثر من حكومة، وإنما “أضافت تجربة فاشلة جديدة” في محافظة الطفيلة.
ودعا البيان الإدارة الرسمية الى الإفراج الفوري عن المعتقلين، وتعيين الشباب العاطلين عن العمل وفقاً لتعهدها، وإنهاء المظاهر الأمنية “قبل أن تتجاوز الأمور المديات المأمونة”.
واستنكرت الحركة موقف مجلس النواب بعدم إحالة ملف شركة الفوسفات الى القضاء ،معتبرة أن خطوته هذه شكلت صدمة جديدة للمواطنين، نظراً لما يتضمنه الملف من تجاوزات دستورية وقانونية، وشبه فساد في مرفق من أهم مرافق الوطن الاقتصادية.
إلى ذلك، حذرت الحركة الإسلامية من خطورة الإصرار على رفع تعرفة الكهرباء، ورفع الدعم عن المحروقات، لما لهذه السياسة من تداعيات “خطيرة”،إذ “لم يعد خافياً العلاقة الوثيقة بين الأوضاع الاقتصادية والعنف المجتمعي بأشكاله المتعددة، الذي بات يهدد الأمن الوطني والنسيج الوطني” .
وتاليا نص البيان:
بيان صادر عن الحركة الإسلامية في الأردن
جماعة الإخوان المسلمين و حزب جبهة العمل الإسلامي
في جلسة مشتركة للمكتبين التنفيذيين لجماعة الإخوان المسلمين وحزب جبهة العمل الإسلامي، تم التوقف عند عدد من القضايا الوطنية والعربية، وخلص المجتمعون الى ما يلي :
أولاً : على الصعيد الوطني :
أكد المجتمعون أن الإدارة الرسمية فشلت على مدى أكثر من عام في فهم التحولات العميقة التي يشهدها الوطن العربي، ولم تستجب لنداءات الناصحين الذين لم يملوا التأكيد على ضرورة الاستجابة لمتطلبات المرحلة، والإسراع في إجراء إصلاحات تشريعية وسياسية واقتصادية تضع حداً للاحتجاجات اليومية الواسعة، لتبدأ مرحلة الإصلاح والبناء . وإنما عمدت الى سياسة المعالجات الجزئية بالمسكنات، التي لم تفلح في حل المشكلات، وإنما زادت المشهد تعقيداً وصعوبة . كما مارست أسلوب المعالجة الأمنية بصورتيه الناعمة والخشنة، وفي كل مرة فقدت الإدارة قدراً من رصيدها، ودفعت المحتجين الذين لم يقتنعوا بالمعالجات الرسمية الى رفع سقف الخطاب الى أعلى المستويات .
لقد أتيحت الفرصة للإدارة الرسمية لإجراء تعديلات دستورية وقانونية حقيقية، وإجراء انتخابات نيابية مبكرة، مستفيدة من تجربة عام 89، ومستلهمة التجربة المغربية، التي تمكنت في فترة قياسية من القيام بتعديلات دستورية مقنعة، وإجراء انتخابات نيابية، انبثقت عنها حكومة نيابية، وفقاً للمعايير الديموقراطية، ولكنها لم تحسن استثمار هذه الفرصة . إن إصرار الإدارة الأردنية على المعالجة من خلال المزاوجة بين الإجراءات الأمنية المباشرة وغير المباشرة والمسكنات سياسة عقيمة، لن تحقق مصلحة وطنية، ولن تخدم النظام ولن تعيد الشعب الى القمقم بعد أن عرف طريقه . ويبدو أن الحكومة الحالية لم تستفد من تجربة دوار الداخلية وساحة النخيل وسلحوب والمفرق وغيرها، التي أسهمت فيها وتتحمل مسؤوليتها أكثر من حكومة، وإنما أضافت تجربة فاشلة جديدة في محافظة الطفيلة، حين سوّفت في الوفاء بتعدها بتعيين عشرات الشباب العاطلين عن العمل، ما تسبب في احتكاكات بينهم وبين الجهات الأمنية، تم استغلالها في محاولة لوقف الحراك الشعبي السلمي المطالب بالإصلاح، باعتقال أربعة من نشطائه، وإحالتهم الى محكمة أمن الدولة والزج بهم في السجن، ورفض تكفيلهم . وقد ناشدنا الحكومة منذ اللحظات الأولى لأحداث الطفيلة بعدم اللجوء الى الحل الأمني، وطالبناها بالإفراج الفوري عن معتقلي الحراك، والوفاء بالوعد الذي قطعته على نفسها بتعيين ( 164 ) عاطلاً عن العمل، وإنهاء المظاهر الأمنية المستفزة، ولكنها لم تلق بالاً للنصيحة، وإنما أطلقت العنان لفبركات أمنية، في محاولة منها لتجريم الحراك الشعبي السلمي وإيقافه .
إن الإدارة الرسمية مدعوة ودونما إبطاء الى التراجع عن هذا الأسلوب العقيم، وذلك بالإفراج الفوري عن المعتقلين، وتعيين الشباب العاطلين عن العمل وفقاً لتعهدها، وإنهاء المظاهر الأمنية قبل أن تتجاوز الأمور المديات المأمونة .
وفي الوقت ذاته فإنها مطالبة بالإسراع في التقدم بتعديلات دستورية للمواد 34، 35، 36، التي تحصن مجلس النواب من الحل، وتضمن تكليف كتلة الأغلبية بتشكيل الحكومة وانتخاب مجلس الأعيان، والتي بات تعديلها مطلباً جماهيرياً، وبمشروع قانون انتخاب وفقاً للنظام المختلط الذي يجمع بين القائمة النسبية المغلقة والدوائر المتوازنة التي تراعي الأبعاد الجغرافية والسكانية والتنموية بنسبة 50% لكل منهما، وهو نظام يحظى بالقبول لدى أوسع شريحة حزبية ومجتمعية، ليصار بعدها الى إجراء انتخابات مبكرة تخرج البلد من أزمته .
وعلى صعيد مكافحة الفساد الآفة الخطيرة التي أفقرت البلاد والعباد، وهددت الأمن المجتمعي فقد شكل مجلس النواب بعدم إحالة ملف شركة الفوسفات الى القضاء صدمة جديدة للمواطنين، نظراً لما يتضمنه الملف من تجاوزات دستورية وقانونية، وشبه فساد في مرفق من أهم مرافق الوطن الاقتصادية . إن شركة الفوسفات التي تشكل ثروة وطنية بالغة الأهمية، لا يجوز أن تذهب الى أيدي جهات متنفذة في صفقات مشبوهة، وكان حرياً بمجلس النواب أن يحيل الملف الى النائب العام، ليتولى القضاء التحقيق في العيوب التي شابت هذه الصفقة، بما يضمن إعلان بطلان هذه الصفقة، واستعادة ما أهدر فيها من أموال، ومحاسبة كل المتورطين في هذه القضية . أما وقد فشل مجلس النواب في القيام بمسؤولياته، فإن المسؤولية تقع الآن على عاتق الحكومة، وعلى هيئة مكافحة الفساد، وعلى النيابة العامة، لتصويب الأوضاع، واستعادة الحقوق، ومحاسبة المفرطين بالحقوق الوطنية .
وفي ما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، فإن الحركة الإسلامية ترى أن الحكومة جانبها الصواب حين عمدت الى محاولة التخفيف من الأزمة الاقتصادية من جيوب المواطنين، برفع تعرفة الكهرباء، وبرفع الدعم عن المشتقات النفطية ، فالحكومة تدرك تماماً أن الأوضاع المعيشية للمواطن لا تسمح بإضافة أية أعباء جديدة ، في ظل اتساع دائرة الفقر والبطالة وضآلة الدخل . ومن هنا فهي مدعوة الى سياسة اقتصادية راشدة، تستند الى ضبط الإنفاق ولاسيما الإنفاق العسكري، والى تحصيل أموال الخزينة من بعض المتنفذين، والى الالتزام بالضريبة التصاعدية سنداً للدستور، والى استعادة الأموال والثروات التي بددتها السياسات الفاسدة، والى إيجاد بيئة استثمارية جاذبة للاستثمار، والى التوسع في أيجاد فرص عمل لأبناء الوطن في الدول العربية والإسلامية .
وتود الحركة الإسلامية أن تحذر من خطورة الإصرار على رفع تعرفة الكهرباء، ورفع الدعم عن المحروقات، لما لهذه السياسة من تداعيات خطيرة إذ لم يعد خافياً العلاقة الوثيقة بين الأوضاع الاقتصادية والعنف المجتمعي بأشكاله المتعددة، الذي بات يهدد الأمن الوطني والنسيج الوطني .
ثانياً : على صعيد القضية الفلسطينية
يواصل العدو الصهيوني جرائمه اليومية بحق الشعب الفلسطيني، فهو من جهة يصل الليل بالنهار في محاولة تغيير بنية القدس الجغرافية والحضارية والسكانية، بهدف تهويد هذه المدينة المقدسة، ويمضي قدماً في سياسة الاستيطان، ونهب الأرض، وتقطيع أوصال الضفة الغربية، ويمارس أبشع أشكال الاعتداء على المواطنين من مداهمة وقتل واعتقال، ويسوم الحركة الأسيرة سوء العذاب، غير عابيء بالقوانين والقرارات الدولية . ومن جهة أخرى يواصل عدوانه على قطاع غزة، حيث أسفر عدوانه الهمجي منذ يوم الجمعة الماضي عن استشهاد ثمانية عشر شهيداً .
إن الحركة الإسلامية وهي تترحم على أرواح الشهداء الأبرار، وتحيي الفصائل المجاهدة التي أمطرت العدو الصهيوني بصواريخها، لتؤكد أن هذه الجرائم ما كان لها أن تتواصل لولا الدعم الأمريكي غير المحدود، الذي يلقاه الكيان الصهيوني، بل إن هذه المجزرة الأخيرة في قطاع غزة جاءت بعد زيارة زعيم الكيان الصهيوني لواشنطن، ما يشير الى ضوء أخضر من الإدارة الأمريكية .
إن الحركة الإسلامية إنطلاقاً من إيمانها الراسخ بمركزية القضية الفلسطينية، ووعيها بخطورة المشروع الصهيوني التوسعي، لتؤكد أن من الظلم للشعب الفلسطيني أن يظل يدفع الثمن وحيداً دفاعاً عن مقدسات العرب والمسلمين. وإذا كان النظام الرسمي العربي من موقع الشعور بالعجز، أو أيثار السلامة، يتعامل بالتجاهل والسلبية مع هذه القضية المقدسة، فإن الشعوب العربية مدعوة الى الاضطلاع بمسؤولياتها في الدعم السياسي والإعلامي والمادي .
حيث أثبتت الشعوب أنها حين تتحرك قادرة على ممارسة الضغط على الأنظمة الرسمية لتغيير مواقفها، وعلى المجتمع الدولي حين يشعر أن دعمه للعدو الصهيوني، وسكوته على جرائمه، له كلف باهظة .
ثالثاً : علي صعيد ثورة الشعب السوري
إن الحركة الإسلامية، التي انحازت الى خيار الشعوب في تونس ومصر وليبيا واليمن، تؤكد وقوفها الى جانب الشعب السوري في ثورته من أجل الحرية والكرامة . وتطالب الجامعة العربية أن تعيد النظر في سياساتها تجاه ما يجري في سوريا .
إن ما تشهده سوريا اليوم حرب إبادة، تعيد الى الأذهان مذبحة عام 82 على يد النظام الرسمي السوري نفسه، التي راح ضحيتها أكثر من أربعين ألف مواطن . إن سياسة التردد التي تنتهجها الجامعة العربية في ظل الفيتو الروسي والصيني، والنفاق الغربي، أعطت الضوء الأخضر للنظام للسير قدماً في الجرائم ضد الإنسانية التي يمارسها النظام ، الذي يستخدم أحدث ما في ترسانته من أسلحة لتدمير المدن والقرى على رؤوس ساكنيها .
إن الجامعة العربية مطالبة ودونما إبطاء بالعمل على وقف المجزرة التي لم يسلم منها البشر والمساجد والمشافي والمواشي .
إن الشعب السوري اليوم يحس بالغربة والخذلان على مختلف الصعد العربية والإسلامية والدولية . وإذا كان لروسيا والصين مصالحهما بوجود النظام القائم في سوريا، ومخاوفهما من نتائج الثورة السورية، ولأمريكا والغرب أهدافهما المتمثلة بالحفاظ على أمن واستقرار الكيان الصهيوني، وبإعطاء مزيد من الوقت لإضعاف كل من الثورة والنظام على حد سواء، لفرض شروطهما عليهما، فإنه لا عذر للجامعة العربية في ترددها وإحجامها عن وقف المجزرة بحق الشعب، وتأمين ضرورات الحياة التي افتقدها بفعل الحصار والدمار والقنص .
وصدق الله العظيم القائل : { واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن الله شديد العقاب }.
عمان في 19 ربيع الثاني 1433هـ الموافق 12/3/2012م
جماعة الإخوان المسلمين،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، حزب جبهة العمل الإسلامي