نزيه القسوس
لم نشهد نشاطا مكثفا للجامعة العربية خلال الأشهر الماضية منذ تأسيسها وحتى اليوم وهذا النشاط ما زال مستمرا من أجل معالجة الوضع في سوريا حتى أنها توجهت إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار ضد النظام السوري كما أننا نسمع البعض يتباكون على الشعب السوري ويدعون إلى تسليح المعارضة السورية وهذه الدعوات المشبوهة تعني قيام حرب طائفية في سوريا والذي يدفع الثمن في النهاية هو الشعب السوري .
في المقابل فإن المسجد الأقصى المبارك الذي هو أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين يتعرض إلى أقسى هجمة في تاريخه من أجل هدمه وإقامة الهيكل المزعوم مكانه ولم نسمع أي كلمة من أمين عام الجامعة العربية ومن الذين يتباكون على سوريا وتوجهوا إلى مجلس الأمن لاستصدار قرار يدين النظام السوري وكأن المسجد الأقصى لا يعني لهم شيئا .
لقد أطلق خطيب الأقصى عشرات النداءات للعرب لكي يهبوا وينقذوا الأقصى من الهدم الذي هو متوقع بين يوم وآخر. وآخر هذه النداءات النداء الذي أطلقه قبل يومين الشيخ يوسف إدعيس رئيس المحكمة العليا الشرعية رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في فلسطين والذي حذر فيه من مخططات إسرائيلية تهدف إلى هدم المسجد الأقصى المبارك وإقامة الهيكل المزعوم مكانه وقال إن من بين هذه المخططات المحتملة إقدام سلطات الإحتلال على اصطناع زلزال وهمي ينهار على أثره المسجد خاصة بعد تفريغ الأتربة حول أساساته والتجاويف التي أحدثتها الحفريات المتواصلة أسفله .وبين إدعيس أن التشققات الواضحة والإنهيارات المتتالية في منازل المواطنين في البلدة القديمة من القدس إضافة إلى إنهيار أجزاء من مسجد عين سلوان وبناء الحدائق التوراتية في الجزء الجنوبي من المسجد الأقصى حيث القصور الأموية ومن الجهة الشرقية وحتى الهضاب المطلة على المسجد هو مقدمة لإنهيار كامل لهذا المسجد مبينا أن الأيام المقبلة ستشهد إنهيارات جديدة بفعل الحفريات الإسرائيلية وأشار الشيخ إدعيس إلى أن هناك تحركات ولقاءات سرية مكثفة بين قادة وحاخامات المجموعات الإستيطانية بالتنسيق مع المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من أجل وضع المخططات الرامية إلى هدم المسجد الأقصى المبارك ودعا المسؤول الفلسطيني إلى عقد قمة إسلامية من أجل إنقاذ المسجد الأقصى من الهدم .
يتساءل المراقبون السياسيون عن الأساليب التي يتعامل بها العرب والمسلمون مع أهم قضاياهم الدينية ومع أقدس مقدساتهم ولماذا يتباكون على سوريا ويعقدون الإجتماعات المتتالية وعلى أعلى مستوى ويتوجهون إلى مجلس الأمن لإدانة النظام السوري بينما لا يرف لهم جفن على مسجدهم الذي يعتبر من أقدس مقدساتهم والذي يتعرض إلى أبشع هجمة من العدو الصهيوني تمهيدا لهدمه وإقامة الهيكل المزعوم مكانه .
إن الأمة العربية تمر بمخاض عسير وسيدفع العرب ثمنا غاليا إذا ما ظلوا هكذا يتصرفون حسب ما تفرضه عليهم بعض الدول الكبرى ويستغرب المراقبون السياسيون هذا الصمت المطبق من الذين يتباكون على سوريا لكن لا يرف لهم جفن وهم يتفرجون على إسرائيل وهي تعد العدة لهدم المسجد الأقصى المبارك وكأن هذا المسجد ليس مسجدهم أو أنهم غير معنيين بما يجري في مدينة القدس لتي يهجر سكانها وتصادر منازلهم من أجل تهويدها والاستيلاء على منازلها وأراضيها .
المسجد الأقصى المبارك في خطر شديد والعرب والمسلمون يتباكون على سوريا ويدعو البعض إلى تسليح المعارضة السورية بينما لا نسمع صوتا واحدا يدعو إلى إتخاذ أي إجراء لإنقاذ المسجد الأقصى المبارك أو يلبي صرخات الإخوة الفلسطينيين الذين تذهب صرخاتهم مع الأسف أدراج الرياح
الدستور.