--------------------------------------------------------------------------------
القلب ...
هذه المضغة الصغيرة التي حوى فيها خالقها الكثير من الأسرار عن قدرته وعظمته ،،،
هو بالنسبة للإنسان وعاء للأحزان ... أو قل مصبغة للأشجان ... أو لعله مخزن لكل ما كان ،،،
يتفاوت الناس في مقدار إحساسهم بقلوبهم ... فحين ترى أناساً لا يملكون قلوباً البتة ... فإنك ترى في الطرف الآخر أقواماً هم قلوب تمشي على الأرض ... لا يكفي في حقه أن تقول هو صاحب قلب كبير !!!
بل هو قلب كبير ... ويكفي !!!
عندما أشاهد بأم عيني مشهداً من مشاهد العقوق التي يوجل إبليس من فعلها ... أتمنى أن ليس قلب !!!
عندما أرى أناساً تمشي على الأرض بأخلاق خساس .. تأنف ضباع الصحراء من مثلها ... أتمنى أن ليس لي قلب !!!
كلما وقع ظلم عظيم من قريب أو حبيب لمن يدعي حبه أو أجبر على قرابته ... أتمنى أن ليس لي قلب !!!
عندما ينكر الآخرون معروفك وفضلك ... ويقابلون هذا الإحسان بالإساءة ... أتمنى أن ليس قلب !!!
عندما تفيض بالنفس الصابرة الأحزان تلو الأحزان ... ولا أجد من يشاركني إياها إلا متملق أو شامت ... أتمنى أن ليس لي قلب !!!
عندما أشفق على القريب والبعيد ... وأرحمه وأتمنى له الخير ... ثم هو يسيء الظن فيّ ... أتمنى أن ليس لي قلب !!!
كلما أسرجتُ قنديلاً أتبصر به في طريقي المعتم ... ثم يأتي من أعرفه ويسحب فتيله ويترك القنديل بلا فتيل ... أتمنى أن ليس لي قلب !!!
عندما أشعر بالضعف البشري المسيطر أمام ظلم الآخرين الطاغي ... وأحاول النهوض من سقطتي المؤلمة فأعجز ... أتمنى أن ليس لي قلب !!!
عندما يذكرني الشيطان المواقف المؤلمة من الآخرين ... ويأبى قلبي الكبير إلا أن يجلدني بسياط المواقف الطيبة منهم ... أتمنى عندئذٍ أن ليس لي قلب !!!
عندما يحتمل قلبي إساءة المسيء .. وظلم ذوي القربى .. وبجاحة الوقح .. وابتزاز القوي .. وقهر الرجال .. وتجهم الصديق ... أتمنى أن ليس لي قلب !!!
عندما أتمنى أن ليس لي قلب ... أتذكر صاحب القلب الكبير " ابن تيمية " وهو يردد :
تموت النفوس بأوصابها *** ولم يدر عوادها مابها
وما أنصفت مهجة تشتكي *** أذاها إلى غير أحبابها