اخمد ابو خليل – العرب اليوم
حسناً, فرغم إفشال النواب توصيات لجنة زملائهم المكلفة بالتحقيق في خصخصة الفوسفات, إلا انه لا شك أننا كسبنا بهذه المناسبة مشهداً جميلاً افتقدناه في الأردن منذ عشرات السنين, أعني مشهد دموع النائب أحمد الشقران وزميله عبدالرحمن الحناقطة التي سالت حزناً على مصير القضية التي حققوا فيها. إنه مشهد جميل رغم ما فيه من ألم وأسى.
أرجوكم الانتباه جيداً.. لقد رأينا أخيراً في الأردن مسؤولاً يبكي من أجل وطنه, أليس ذلك المشهد جميلاً حقاً?
لم تكن الفوسفات في الوجدان الأردني مجرد شركة يجري تقويمها حسابياً آخر العام, ولم تكن مجرد قيمة مادية تقاس بحجم الاستثمار فيها. لقد كانت الى حد كبير قيمة مجتمعية وثقافية وسياسية بقدر ما هي اقتصادية, وقد قدمتها الدولة كذلك للناس.
إن كل ما تم بناؤه في الأردن من مؤسسات اقتصادية وطنية كبرى كالفوسفات والاسمنت والبوتاس, او من خدمات بناها القطاع العام خاصة في مجالي التعليم والصحة, كان يندرج في السياق ذاته, لقد كنا أمام جيل من البناة حملوا مشاعر عميقة “شخصية جداً” تجاه عملهم ولم يكونوا يميزون بينه وبين شؤونهم الخاصة, بل إن مشاعرهم تجاه ما هو عام كانت أعمق وأكثر تحوطاً منها تجاه ما هو خاص, في ذلك الوقت كانت كلمة “خاص” و”مصلحة خاصة” من الأمور التي يستحي بها أصحابها عندما تجري المقارنة مع هو عام على مستوى الوطن.
دعونا نُحَيِّ الدموع التي سالت والتوترات والأحزان التي انفجرت أمس انفعالاً مع شأن وطني, فبهذا النوع من الانفعالات يمكن ان نستعيد الحلم بإعادة بناء وطننا ودحر ناهبيه.