أظهرت وثيقة صادرة عن سفارة سلطنة بروناي في جاكارتا، وحصلت “الغد” عليها، أن “شركة كاميل هولدنغ ليمتد مملوكة بالكامل لوكالة بروناي للاستثمار”. وقالت سفارة بروناي في وثيقة أرسلتها إلى السفارة الأردنية في جاكارتا بتاريخ 15 شباط (فبراير) 2012، والتي بعثتها بدورها إلى وزارة الخارجية، إن “وكالة بروناي للاستثمار تمارس أعمالها تحت إشراف وزارة مالية حكومة سلطنة بروناي دار السلام”.
بدورها، قالت شركة مناجم الفوسفات الأردنية إن “شركة Kamil Holdings Limited مملوكة لحكومة بروناي”، مبينة أن مجلس إدارة الشركة أعد تقريره السنوي لسنة 2011، موضحا فيه الوثائق المبينة لملكية بروناي، متزامنا مع دعوة الهيئة العامة للشركة للاجتماع في 7 نيسان (أبريل) المقبل للمصادقة على البيانات المالية وإطلاعهم على جميع التفاصيل، إضافة لإقرار التوزيعات النقدية.
وأكدت الشركة، التي حققت ربحا قدره 142 مليون دينار السنة الماضية، أنها ستعمد إلى توثيق تلك الأمور في تقريرها السنوي الذي سيصدر قريبا، و”يضم معلومات عن موجودات الشركة التي زادت على مليار دولار”، إضافة إلى “إقرارات من قبل مجلس الإدارة تقطع الشك حول ملكية الشركة، بما يفضي إلى تأكيدات بأن كاميل هولدنغ المالكة لـ 37 % من مناجم الفوسفات مملوكة لبروناي”، وأن “هناك أعضاء يمثلونها في مجلس إدارة الشركة”.
في الأثناء، أكدت شركة سكند سيركل ليمتد وشركة بريمر سيركل ليمتد، أن “كاميل هولدنغ المحدودة التي تملك 37 % من رأسمال شركة مناجم الفوسفات، مملوكة لحكومة بروناي”.
وتم تزويد “الغد” بوثائق صادرة من شركة سكند سيركل ليمتد، بينت أن امتلاكها حصة واحدة في رأسمال كاميل هولدنغ المحدودة، هي حصة منفعة لوكالة استثمار بروناي التي هي المالك النهائي والذي يتمتع بالأرباح، وكذلك الأمر بالنسبة لبريمر سيركل ليمتد.
وتأتي تلك التأكيدات متوافقة مع ما حصلت عليه “الغد” من معلومات بموجب رد رسمي بواسطة البريد الإلكتروني من وزارة المالية في بروناي تؤكد ملكيتها لشركة كاميل هولدنغ، وكذلك ما أكده رئيس الوزراء عون الخصاونة في مقابلة مع “الغد” في وقت سابق، غير أن لجنة التحقيق النيابية في خصخصة شركة الفوسفات، خالفت تلك التأكيدات في تقريرها النهائي.
وأكدت الشركتان، بحسب الوثائق، أن “لجنة التحقيق النيابية أغفلت الكثير من الوثائق التي تدل على ملكية كاميل هولدنغ”. وأضافت أن “لدى الحكومة عشرات الأوراق والوثائق التي تعزز وتوثق أن شركة كاميل هولدنج ليمتد هي شركة مسجلة في جزيرة Jersey البريطانية، وهي بدورها مملوكة مناصفة من قبل شركتين، هما Premier Circle، وSecond Circle، وهما بدورهما (حافظ أمين) Nominee Shareholders بالنيابة عن مؤسسة بروناي للاستثمار Brunei Investment Agency بموجب عقود وقف أو حافظ أمين، Declarations of Trust، وهو الأسلوب المتبع في شركات الأوف شور”.
واستهجنت الوثائق “إغفال لجنة التحقيق عشرات الوثائق والمستندات والأوراق، حوالة Swift التي تم بموجبها تحويل مبلغ الصفقة والبالغ 111 مليون دولار أميركي بأمر من وكالة الاستثمار في بروناي”، مبينة أن “نظام Swift هو نظام مالي عالمي لا يحتمل التأويل أو التكذيب”، ذاهبة إلى أن “لجنة التحقيق أخذت على عاتقها إغفاله”، فضلا عن “إغفال ثلاث استشارات قانونية من كبرى مكاتب المحامين في JERSEY تؤكد ما ورد أعلاه”، وأن الاستشارات بحوزة الحكومة.
وجاء في الوثائق التي تنشرها “الغد” كما وردت في إطار ملاحظات حول تقرير اللجنة النيابية، أنه “من قراءة سريعة لتقرير لجنة التحقيق في خصخصة شركة مناجم الفوسفات، يتضح جليا أن اللجنة كانت منحازة كليا لإدانة وتجريم عملية الخصخصة بأكملها”. وأشارت إلى أن “العديد من عمليات الخصخصة تمت بالتفاوض المباشر، ومن جهة واحدة، ومثال ذلك شركة الإسمنت، حيث تم بيعها إلى شركة لافارج الفرنسية عن طريق التفاوض المباشر وبدون استدراج عروض”.
وحول فوائد بيع الفوسفات لوكالة الاستثمار في بروناي قالت الوثائق “إنه يمكن تلخيص هذا في تعزيز عرى العلاقات الاقتصادية، حيث أن سلطنة بروناي ليس لها أي استثمار في منطقة الشرق الأوسط من إجمالي حجم استثمارها في العالم والبالغ حوالي 100 مليار دولار”. وأضافت “كان الهدف أن يكون ذلك باكورة للاستثمار في الأردن، إضافة إلى إيجاد صناعات جديدة منبثقة عن الفوسفات، بحيث نتحول من بيع الفوسفات إلى بيع منتجات الفوسفات المتعددة، ودور ذلك في زيادة حجم الاستثمار وتشغيل الأيدي العاملة الأردنية وفتح آفاق جديدة للاستثمار”.
وحول رسائل إبداء الاهتمام من المستثمرين المهتمين، قالت الوثائق “لقد كان من بين المهتمين والبالغ عددهم 61 مستثمرا، مستثمرون منافسون (المغرب وتونس)، وهذا يعني أنه في حال زيادة العرض العالمي وانخفاض السعر فإن الإجراء من قبلهم في حال الشراء والسيطرة على الإدارة هو بيع كميات أقل من الأردن لصالح بيع كميات أكبر من شركاتهم. من جانب آخر كان من بين المهتمين أيضا شركات وجهات هندية (على سبيل المثال)، وهذه الشركات تقوم بشراء الفوسفات الأردني، وفي حال قيامهم بشراء حصة في الشركة وسيطرتهم على الإدارة فسوف يقومون بالبيع بسعر أقل لصالح شركاتهم ودولهم. علاوة على أن أحد العروض كان من شركة إسرائيلية يتعذر البيع لها، ولا يمكن استثناء عرضها في حال أنها تقدمت بأحسن الشروط وأفضل عرض”.
وعن مدى عدالة بيع سعر سهم شركة الفوسفات، قالت الوثائق “قيم المستشار المالي (HSBC) السعر العادل بحوالي، 3.84 دولار للسهم، في حين تم البيع بسعر 4 دولارات للسهم، كما أن سعر السهم في السوق المالي قبل الإعلان عن السير في خصخصة الشركة كان 2.35 دينار للسهم، وارتفع بعد ذلك لتوقع الناس أداء أفضل للشركة بقدوم المستثمر الجديد”. وأضافت أن “نسبة الأسهم المتداولة في السوق المالي تقل عن 8 % من إجمالي الأسهم”، إضافة إلى أنه “لا يمكن بيع ما نسبته 37 % في السوق المالي، لأن ذلك سيغرق السوق وسيؤدي إلى انخفاض أسعار الأسهم بصورة كبيرة، علاوة على أن تقييم المستشار أوضح أنه وباعتماد الأداء المالي للعام 2004، فإن المستثمر في حاجة إلى 50 سنة لاسترداد قيمة استثماراته”.
وبينت الوثائق أن “البيع لمستثمر استراتيجي من وكالة الاستثمار في بروناي أفضل من البيع لأفراد أو مستثمرين آخرين بنوك وشركات صغيرة، ما أدى إلى ارتفاع، سعر السهم في السوق المالي إلى مستويات عالية”.
وقالت إن ارتفاع أسعار الفوسفات عالميا لم يكن متوقعا، حيث تبين البيانات التاريخية لأسعار مادة الفوسفات أنها “كانت تقل عن حوالي 54 دولارا للطن خلال الفترة 1992 وحتى ربيع العام 2007، في حيث أخذت بالارتفاع متجاوزة 400 دولار للطن خلال العام 2008، ولتعود حاليا إلى حوالي 200 دولار للطن”، مبينة أن “الارتفاع مفاجئ ولم يكن متوقعا من أي طرف”، وأن هذا “التذبذب كان حادا وكبيرا ولم يكن له سابقة تاريخية قبل ذلك”.
وبينت الوثائق أنه حدث تحسن في أداء الشركة بعد الخصخصة، حيث بلغت الأرباح التراكمية للشركة منذ العام 1953 ولغاية نهاية 2005، حوالي 240 مليون دينار، في حين ارتفعت تلك الأرباح إلى أكثر من 600 مليون دينار منذ العام 2006 وحتى نهاية العام 2011، إضافة إلى ارتفاع حقوق الملكية من حوالي 140 مليون دينار في نهاية العام 2005 إلى حوالي 635 في نهاية العام 2011.
وقالت إن آخر استثمار في الشركة العام 1993 كان بقيمة 72 مليون دولار، في حين ارتفعت الاستثمارات بعد العام 2005 وحتى اليوم إلى ما يزيد على مليار دولار”.
وجددت الوثائق التأكيد على أن الحكومة تمتلك 26 % من الشركة، بينما تمتلك مؤسسة الضمان الاجتماعي
16 % منها، إضافة إلى ما يمتلكه الأردنيون أفرادا ومؤسسات قطاع خاص، “وبالتالي فإن زيادة الأرباح أو حقوق الملكية أو الاستثمار انعكست بالفائدة على جميع هذه الجهات”، فضلا عن “تعيين حوالي 800 موظف في الشركة منذ العام 2006 ولغاية اليوم، وذلك جراء التوسع في الاستثمار في الشركة، مقابل تعيين حوالي 116 موظفا خلال الفترة 2000-2005″.
وحول منح الامتياز والاحتكار للمشتري، بينت الوثائق أن “اللجنة النيابية وقعت في خطأ ولغط دستوري فاحش نتيجة ترجمة الفقرة G2 من رسالة الضمانات، إذ أن المدقق في النص الإنجليزي الأصلي لتلك الفقرة يلاحظ أنها يجب أن تقرأ كفقرة واحدة، ومفادها أن لشركة الفوسفات حقوق الأولوية، وليس حق امتياز، على رخص وحقوق تعدين الفوسفات في الأردن، بحيث ينبغي على الحكومة أن تعرض هكذا حقوق أو رخص على شركة الفوسفات قبل عرضها على آخرين، ولشركة الفوسفات أن تقبل أو ترفض هكذا حقوق أو رخص ضمن فترة 90 يوما”.
وبينت أنه “إذا أرادت الحكومة، مثلا، أن تمنح رخصة تعدين فوسفات في منطقة معينة، فعليها أولا أن تعرض هذه الرخصة على شركة الفوسفات بالشروط التي تراها الحكومة مناسبة من حيث كميات التعدين ورسوم التعدين وغيرها، ولشركة الفوسفات الحق في قبول أو رفض هذه الرخصة بالشروط الموضوعة من قبل الحكومة ضمن مدة 90 يوما، فإذا قبلت بها أعطيت تلك الرخصة، وإذا رفضتها الشركة فللحكومة أن تقوم بإعطاء الترخيص لأي جهة أخرى، وبهذا لن يتم حرمان المملكة من استغلال ثروة الفوسفات”.