يوم2011/9/18 نشر البرفسور موشي شارون أستاذ تاريخ العصور الوسطي الاسلامية بالجامعة العبرية في القدس تقريرا يضيف مزيدا مما لا يسنده تاريخ من ضلالات الفكر الصهيوني في فهم الحضارة الاسلامية. وعنوان المقال مستفز( أجندة الاسلام حرب بين حضارتين).
هما الحضارة التي تأسست علي قاعدة الإنجيل والتوراة وبين الحضارة الإسلامية وقاعدتها القرآن.
ويلف ويدور البرفسور موشي شارون في تقريره الذي بلغ(70) ألف كلمة ليصل في نهاية تحليلاته المتعسفة ومبرراته الخرافية الي أن قيام دولة اسرائيل إنما هو نتاج للصراع بين هاتين الحضارتين, وأن إسرائيل ستظل دوما مهددة بحرب مع الحضارة الاسلامية.
كذلك تبرز الفروق بين الحضارتين في أساس العقيدة الإيمانية لكل منهما, حيث ينطلق الاسلام من أشهر رسالة للعالم كله, لتحكم شريعته وقوانينه السيطرة علي كل أنحاء العالم. بيد أن الحضارة الدينية الأخري تدعو الي الخلاص بنوعيه. خلاص التوراة يقود الي( الخلاص القومي, وليس الي مجرد أمة تنشد إقامة دولة, وإنما هو خلاص أمة تنشد عبادة الله). العقيدة الرئيسية في الإنجيل( تقود الي الخلاص الفردي بأن الله وراء كل فرد في رعايته) وهكذا فإن المنطلق الديني في كل من اليهودية والمسيحية هو( احترام هيئة الله في الانسان,وعلي الأمل في الخلاص). وفي مقابل ذلك نجد أن حياة الأفراد والمجتمع في الاسلام( تحكمها جميعا مباديء الالتزام السلوك والتعامل كما وردت في شرائع القرآن).
ويترتب علي ذلك أيضا أنه في الكيان السياسي المسيحي يستطيع كل فرد من خلال عقيدة الخلاص الفردي أن يتخلص من ذنوبه.
وفي نقيض ذلك يري الأستاذ الصهيوني أن الكيان السياسي للاسلام قائم علي أن الله قد بعث محمدا لكي تعم سيطرته وإقرار نظام الحكم الاسلامي عالميا.
ومن ثم يصبح في العالم داران( دار الاسلام ودار الحرب) ودار الاسلام هي التي تخضع لنظام الحكم الإسلامي,( أما دار الحرب) ـ والتي لا يطلق عليها دار غير المسلمين ـ فليست لهم أية حقوق في الوجود المستقل, وإنما يتاح لهم العيش تحت قوانين القرآن, طالما التزموا بما فرضته عليهم شريعته.
ومع ذلك تظل( دار الحرب) مواقع ضرورية للغزو وإخضاعها للحكم الاسلامي, استنادا الي أن الله بعث محمدا ومعه رسالة الحق من أجل أن يعم الحق بقية مناطق العالم. ويصح إعلان الحرب علي الذين لا يقبلون العيش وفق شريعة الاسلام من اليهود أو المسيحيين أو من أي عبادات أخري. وهذا مايعرف بالجهاد في سبيل الله. ومن هنا يقفز الأستاذ الي وجوب الحرب ضد اليهود والمسيحيين في الشرق الأوسط.
وهنا يكشف البرفسور عن الدوافع الحقيقية من دعاوي الحضارتين المتصارعتين باختلافاتهما العقائدية, وبما يبرر موقف الحضارة الاسلامية من كيان اسرائيل. وفيها يشير الي أن الحضارة الإسلامية كونت حكما قاطعا بالنسبة لأرض خضعت للحكم الإسلامي واستقر عليها غيرهم, من ضرورة الجهاد لاستردادها وعودتها الي دار الإسلام. ولذا فإن كل مايدور من حديث عن الصراع الاسلامي والاسرائيلي( تتردد فيه كلمة أرض, أرض أرض).
ويتابع البروفسور ضلالاته بأن قضية استرداد الأرض ستظل دائما من العوامل وراء كل حرب بين الاسلام واليهود, وبأنه ليس لها نهاية, وبذلك فإن علاقته بين الحضارتين, إنما هي مسيرة حرب بينهما حتي نهاية التاريخ, وإن مايتحقق من اتفاقيات أو مصالحات بينهما إنما هي من قبيل اضطرار الاسلام في حالة ضعفه من اللجوء الي وقف مرحلي تكتيكي لاطلاق النار حتي يسترد مقاتلوه قوتهم لاستئناف القتال من جديد.
ويقفز البرفسور مرة أخري الي الإدعاء بأن التوجه العدواني للحضارة الإسلامية لا يقتصر علي شن الحروب, وإنما يقوم أيضا باشعال الحروب من خلال مايؤدي إليه تزايد عمليات التسرب والهجرة من إثارة الفتن داخل الدول المستقبلة لها.
ويتابع البروفسور بث سموم تعصبه في الحكم بأنه ليس للسلام وجود إلا في أرض الاسلام, حيث إنه لا يسود إلا بين مسلم ومسلم وعلي كل مسلم أن يواصل مسيرة الجهاد ضد الأعداء. لقد انقضي خمسون عاما علي الشعب الاسرائيلي قبل أن يدرك أنه لا يمكنه أن يوقع صلحا دائما مع المسلمين. ويؤكد كذلك أنه سوف يقضي العالم الغربي المسيحي أربعين عاما أخري حتي يدرك أنه في حالة حرب مستمرة مع الحضارة الاسلامية, ومن ثم عليه أن يأخذ حذره من أن يواجه يوما ما حربا معها قد تكون كيميائية أو نووية.
وفي ختام هذا التقرير, وفي زعم البرفسور بأن استمرار حالة الحرب بين الحضارتين الاسلامية والمسيحية تدعو اسرائيل الي طلب المساعدة من شقيقاتها الحضارية. إن اسرائيل( في حاجة الي العون من أمريكا وأوروبا ومن العالم المسيحي, ومن الأفراد المسيحيين ممن يرون أن ذلك هو الطريق نحو الخلاص).
وختاما هنا أعرض غيطا من فيض لأهم ماورد في تقرير البروفسور الصهيوني من تفسيرات وتحيزات تتسم بالتعصب والحقد والتضليل. ويكفي أن أكذب زعمه بأن الاسلام ليس دين سلام. فالسلام من أسماء الله الحسني, وتحية الإسلام تحية سلام. ولا يتسع المقال لأي تعليقات تواجه الفكر السقيم لهذا الصهيوني, وقد يقوم بها من هو أجدر مني
حامد عمار – الاهرام.