ينحدر الشاب علاء الفزاع 37 عاما من أسرة فقيرة تقطن منطقة أبو الزيغان في الأغوار، حضر قبل عدة سنوات إلى العاصمة ليخوض غمار العمل السياسي تحت مظلة اليسار إلى جانب عمله في الإعلام الإلكتروني في موقع إخباري (كل الأردن) طالما أثار جدلا كبيرا حول الهوية الأردنية ، ثم انتهى به المطاف للتقدم بطلب تأسيس حزب يعني ” بالحفاظ على الهوية الأردنية”.
الجدلُ حول الهوية الأردنية لم يكن وليد اللحظة على الرغم من أنه لم يكن بهذا الزخم حتى بعد قرار فك الارتباط بين الضفتين عام 1988.
ويتخذ هذا الجدل اليوم مدى أبعد من المناكفات الإعلامية أو الندوات والبيانات، لتظهر محاولات لتأطيره داخل حزب أو جسم سياسي ، فبعد محاولات لتيار المتقاعدين العسكريين تأسيس حزب لهم، أعلن مؤخرا عن تقدم مجموعة من الناشطين لطلب ترخيص حزب تحت مسمى “”حزب التحرر الوطني الاجتماعي الأردني” احد ابرز مبادئه”حماية الهوية الأردنية والمحافظة عليها” .
يرى الفزاع أن هناك حاجة ماسة لمثل هذا الحزب في الوقت الحالي فهو ” ضرورة موضوعية ناتجة عن عدم وجود مشروع وطني يساعد كل الهويات الفرعية على التشارك في مشروع وطني أردني حقيقي ذي بوصلة شعبية”، والسبب الآخر لوجود الحزب” عدم وجود برامج حزبية تركز على البعد الإنساني والاجتماعي للتنمية الاقتصادية، وأفضل مثال يمكن ضربه هنا هو تجارب الديمقراطية الاجتماعية، أو اقتصاد السوق الاجتماعي، في شمال أوروبا، مع الفوارق طبعا” والحديث لفزاع.
ويطالب الحزب ( تحت التأسيس) بـ “قوننة فك الارتباط ورفض التجنيس السياسي ونتائجه مسألة أساسية، وذلك لحماية الهوية الوطنية الأردنية ودعم المشروع الوطني الفلسطيني، وللتأكيد على ثبات مواطنة الأردنيين من أصل فلسطيني” ويرى ان “المدخل الطبيعي في هذا المسار هو إقرار قانون جنسية واضح”.
الكاتب بسام بدارين يرى بدوره أن “القواعد الشعبية تجاوزت منذ سنين المحطة التي يقف فيها بعض من يدعي الثقافة والوعي ويتنطح للمايكروفون باسم الناس ..لا يحتاج الأمر لأجسام ومؤسسات وهياكل وكل ما يحتاجه التأشير شعبيا واجتماعيا على دعاة الفرقة والانعزال ورموز الانقسام وهؤلاء معروفون لدينا ولدى الناس عموما وفرصتهم في اختراق المجتمع ضئيلة جدا لكنها موجودة “. على حد قوله
داعيا ” لإيجاد إطار قانوني وتشريعي يجرم المساس بالوحدة الوطنية”. قائلا ان ” المسألة في الأساس هي مسألة وعي وثقافة،فلابد من هزيمة ثقافة الانقسام والإقصاء التي حظيت بالدلال الرسمي طوال خمسة عقود الماضية”.
الفزاع لا يرى أن هنالك صراع هويات في الأردن، ولكنه من الناحية الأخرى يرى إن “إنكار الاختلافات والتغاضي عنها ليس من الحكمة في شيء”. ويزيد” نلاحظ في المنطقة صراعات على أسس هويات فرعية مثلما هو في العراق وسوريا وغيرها، والأولى أن ننظم أمورنا في الأردن مبكراً حتى نغلق كل الثغرات الممكنة في ظل رياح جنون تجتاح المنطقة”.
ويقول إن: ” الدفاع عن الهوية الوطنية الأردنية يعني عدم السماح بمشاريع التوطين السياسي والتهجير وما إلى ذلك، ولهذا نحن ننادي بقوننة فك الارتباط والتي تمنع المزيد من التجنيس، وفي نفس الوقت تحفظ جنسية الأردني من أصل فلسطيني. مرحلياً وحتى لا ندخل في جدالات طويلة حول فك الارتباط يمكن البدء بالمطالبة بقانون جنسية واضح يجعل كل ما يتعلق بالجنسية والرقم الوطني تحت سيطرة مجلس الوزراء تحديداً، أو تحت سيطرة هيئة خاصة للجنسية، وبهذا نمنع التجنيس الجماعي والسياسي، ونمنع سحب الجنسيات”.
ويتخوف الفزاع من محاولات ” تقزيم حق العودة” فنسبة كبيرة من مواطني الأردن يمتلكون حقاً بموجب القانون الدولي للعودة، وهو وحق العودة كما هو معروف مسألة في قلب المشروع الوطني الفلسطيني”.
وحسب الفزاع فأن “أي تهاون فيها يعني نهاية ذلك المشروع أو تقزيمه، وهكذا فإن الدولة الأردنية ينبغي أن تضع في أول أولوياتها مسألة تمكين مواطنيها أصحاب حق العودة الراغبين في ممارسته، تمكينهم من ذلك،وتستطيع ذلك عن طريق القانون الدولي والاتفاقيات الثنائية وغيرها، وينبغي عليها كذلك أن تكون متشددة تماماً فيما يتعلق بمنح الفلسطينيين جنسية أردنية، وأن تحصر ذلك في أضيق الحالات”.
أما فيما يتعلق بالأردنيين من أصل فلسطيني يقول :هؤلاء وبوضوح مواطنون أردنيون، وجميع الأردنيين متساوون في الحقوق والواجبات. ولهم على الدولة الأردنية كما قلنا سابقاً أن تضع في أولوياتها تمكين من يرغب منهم في ممارسة حقه في العودة.
و يلخص الفزاع مبادئ الحزب في هذا المجال بالقول” نحن نسعى لدولة مواطنة يتساوى فيها الجميع، وتكون هويتها أردنية واضحة، وبذلك نعتقد أن البلاد ستنجو مما يجري حولنا. وأنوه هنا أن برنامجنا يركز في جوهره على العدالة الاجتماعية والتنمية ودور الدولة في تقديم الرعاية لمواطنيها، ولهذا ينبغي أن ننجز استحقاقات الهوية والمواطنة حتى ننتقل إلى العمل الحقيقي”.
أما منسق التيار القومي التقدمي خالد رمضان يؤكد في رده على الأصوات المطالبة بقوننة فك الدستور “بأهمية الحفاظ على الهوية الأردنية وعدم العبث بطبيعة الدولة الأردنية، مشدداً على أن “الأردن شعب واحد وليس مجاميع سكانية أو مكونات متجاورة وان المواطنة المتساوية وضمان حصول الجميع على حقوقهم المدنية والسياسية يعني أولا أن الأمر لا يتعلق بنسبة الأصول والمنابت في المناصب الحكومية بل بالكفاءة والخدمة، كما يعني أن التمثيل الديمقراطي ينبغي أن يرتقي وصولا إلى التمثيل النسبي على أساس سياسي وليس على أساس المحاصصات”.
ويعرف المواطنة بأنها ” المساواة بين المواطنين من دون تمييز، وهي تقوم على مبدأ سيادة الشعب فتكون بمثابة اعتراف مشترك وعلاقة تبادليّة بين الدولة ومواطنيها تتّضح فيها حقوق وواجبات المواطنين والدولة، فتتضمّن حقوقًا مدنيّة تضمن الحريات، وحقوقًا سياسيّة تضمن الاختيار والمشاركة، وحقوقًا اجتماعيّة تضمن الحياة الكريمة والعدالة”.
دستوريا تعريف الهوية الأردنية استنادا إلى المادة الأولى من دستور المملكة الأردنية الهاشمية التي تقول :” المملكة الأردنية الهاشمية ذات سيادة ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه . والشعب الأردني جزء من الأمة العربية ونظام الحكم فيها نيابي ملكي وراثي ” .
الصورة بعدسة الزميل محمد ابو غوش من صفحته الشخصية على الفيسبوك