الرئيس الفلسطيني الذي تجاوز تاريخ انتهاء الصلاحية، يدعو العرب والمسلمين لزيارة القدس، طبعاً بعد أخذ الموافقة من سفارات العدو الصهيوني، ولأجل ماذا؟ لأجل الدفاع عن القدس وتثبيت ملكيتها للعرب والمسلمين، وبإذن من العدو الصهيوني!
لا أدري إن كان الصهاينة سيتساهلون في إعطاء هذه التأشيرات، وهم يعتبرون القدس عاصمة أبدية للشعب اليهودي، ولكن الصهاينة العلمانيين يحسبونها بالمادة، وأيضاً هناك اعتراف ضمني بالدولة المحتلة حين يتقدم الناس لسفارتها للحصول على التأشيرة.
وبهذا يضرب الصهاينة عصفورين بحجر واحد؛ اعتراف بشرعية الكيان، ودخل سياحي، إضافة إلى معلومات استخبارية يحصلون عليها من أكثر من مكان وشخص، ويمكن أن يحققوا أهدافاً أخرى خفية من مثل هذه الدعوة التي أطلقها الرئيس منتهي الصلاحية.
كنّا ننتظر من «الرئيس» أن يطلق مبادرة أو مناشدة لحماية القدس من التهويد والتفريغ والتهديم، كنّا «نظن» أنّه سيدعو إلى انتفاضة في الضفة الغربية دفاعاً عن الأقصى والمقدسات، كنّا نظن (وبعض الظن إثم) أنّه وبعد كل المحاولات البائسة لوقف الاستيطان أنّ شيئاً ما سيجعله يغيّر من طريقته في التعاطي مع الصهاينة، ولكن يبدو أنّ الظن لا يغني من الحق شيئاً، وأنّ من شبَّ على شيء شاب عليه ومات عليه.
حين يدعو عباس لزيارة القدس بعد كل ما جرى ويجري ندرك أنّ «الرئيس» وصل إلى حالة ميئوس منها (Hopeless Case) وأنّه يجب عليه أن يتنحّى، وأنّ الشعب الفلسطيني يستحق أفضل من هذا بكثير، وأنّ من قال أنّ الشعب الفلسطيني هو أكثر الشعوب حاجة إلى ربيع عربي قد صدق في مقولته، فلماذا يسكت الشعب الفلسطيني على كل هذا الهراء والغثاء، وهو الذي أنجز الثورات العربية كلها بصموده الملحمي في جنين والضفة وغزة، وهو الشعب الذي حطم كل الأرقام في صبره وصموده وثباته؟!
الشعب الفلسطيني يستحق الحرية والكرامة والدولة المستقلة، فهو مؤهل تماماً لهذا الاستحقاق.
«الرئيس» يناور بالمصالحة والمراوغة والدعوات الفارغة، ينتظر أن يأتيه الفرج من عالم الغيب، يشتري الوقت بأيّ بضاعة تقع بين يديه ولا يستثمره في ما هو حقيقي وصحيح.
«الرئيس» يعلن استسلامه، وينتظر من يطلق عليه رصاصة الرحمة.
خطر لي أنّ الرئيس يمكنه أن يفعل مثل ما فعل البوعزيزي، فيحرق نفسه لعل ذلك يفيد شيئاً، وخاصة أنّه لم يعد يستطيع فعل شيء أو أن يُنتَظر منه أيّ شيء.