في كل خطوة تخطوها الحكومة لضبط اوضاع الخزينة تأتي ردود فعل غاضبة على خيارات تضيق يوما بعد يوم امام فريق اقتصادي مكبل اليدين يهدف الى تصحيح نهج، الانفلات في الانفاق العام والاستهلاك بدون الاخذ بالاعتبار ما اوقعنا في ما نحن به من احوال.
ويأتي امتحان رفع اسعار الكهرباء في اول استحقاق لضبط جزء يسير من خسائر الخزينة التى تراكمت من جراء استيراد المشتقات النفطية الاعلى كلفة من الخارج لانارة بيوتنا وشوارعنا عوضا عن الغاز الطبيعي المصري الاوفر الذي كنا نعتمد عليه بشكل شبه كلي.وكانت الاستدانة من البنوك المحلية اما عبر السندات او الاقتراض المباشر لتغطية كلفة مستوردات الطاقة، قد فاقمت المديونية عما هي عليه وهي اموال لم تسدد بعد وزادت من، التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاظمت بعد حراك الشارع في اعقاب الربيع العربي.
وامام السيل المنهمر من مطالبات، القطاع العام فان قدرة الحكومة او اي حكومة على الرضوخ لكل فئة تخرج من هنا وهناك وتعتصم لعلاوة فنية او خلافه باتت اكثر صعوبة، من اي وقت مضى إلا إذا تحققت آمال البعض بمساعدات سخية تسعفنا في اللحظة السانحة ونتفادى بفضلها ازمة، ربما محتمة.
ان قدر الاردن على خلاف الدول الاخرى المجاورة له انه لا يملك الطاقة الرخيصة، التى حباها الله لهم ونبقى دوما تحت رحمة تقلبات الاسعار العالمية ومدى سخاء اشقائنا لتخفيف وطأة فواتير الاستيراد التى، كنا في السابق نحصل عليها بأسعار تفضيلية وفي سخاء ولى عصره.، لقد بنيت استراتيجيات الطاقة في السنوات، الاخيرة الماضية على تحويل، صناعاتنا وكهربائنا نحو الغاز المصري الاقل كلفة في توجه منطقي سليم لتقليل الكلف.
ولم يكن في حسبان احد تقدير وقع الربيع العربي على ما حصل لنا من تفجيرات متتالية، خفضت الى اكثر من النصف كميات الغاز، القليل الكلفة الذي يصلنا من مصر. ولعلنا، كنا في وضع اسوأ لو ان الانقطاعات دامت اكثر لزادت حينها فاتورة الاستيراد لمستوى لا يمكن تحمله.
ولا شك ان فاتورة الطاقة باتت اهم البنود التى ترهق ميزانية مثقلة اصلا باعباء الرواتب والتقاعد المتصاعدة. وربما يكون قرار رفع اسعار الكهرباء الدي تأخرت حكومات متعاقبة في اتخاذه تحت ضغط الشارع بات، يصعب، ارجاؤه اذا اردنا ان نسير في خطوات اخرى تسعف موازنة تئن من وطأة، تراجع الايرادات في مناخ استثماري تأثر بما يحصل من اضطراب حولنا.
فالخيارات تضيق والوقت ليس في صالحنا لانه لا يوجد نهاية لمسلسل الاعتصامات الذي، تبحث فيه كل جماعة ضاغطة عن مزيد من المكاسب دون اعتبار لما يمكن ان تحدث تلك المطالبات على الاستقرار المالي وتقويض اركانه.
الا ان نجاح الموازنة التقشفية رهن بمنطق العدالة التي، تستند اليها وتقضي فيها على هدر الدعم، لفئات لا تستحقها وترفع الضرائب على السلع الكمالية التي يستهلكها الاغنياء، وتعمل على تخفيض انفاق كبار الموظفين ووقف تعيينات المحاباة.
ان ضبط الاستهلاك الشره الذي مارسناه هو الخطوة الاولى التي تجنبنا الانزلاق الى وضع لا نحسد عليه ويدفع لأزمة اقتصادية تجبرنا للجوء الى المؤسسات الدولية التي ستفرض حينها شروطها التعسفية دون اي خيار!
الغد