رغم التزام رئيس الوزراء عون الخصاونة لوعوده حول إقرار مشروع قانون المحكمة الدستورية لسنة 2012 خلال شهر شباط وإحالته لمجلس النواب بشكل مستعجل إلا أن ذلك لم يجد ترحيبا من قبل النشطاء السياسيين.
فقرار الحكومة بإقرار مشروع القانون عملا بأحكام الفقرة 1 من الماده 58 من الدستور التي تقضي بإنشاء محكمة دستورية تختص بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة وتفسير نصوص الدستور.
وتختص المحكمة في الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذه إضافة إلى تفسير نصوص الدستور ما ينظر لها كأهم خطوة في دمقراطة الحياة السياسية في الأردن.
“ما قامت به الحكومة من مشروع القانون ما هو إلا خطوة نحو الضرب بعرض الحائط كل المقترحات التي قدمها المجتمع المدني من حيث عدم حصر الطعن بالجهات الثلاث واستثنائها النقابات والاحزاب وتشكيل المحكمة”، يقول خالد رمضان المنسق العام للتيار القومي التقدمي.
ورغم ان صيغة المحكمة لتكون ملجأ المتضررين من القوانين المخالفة للدستور لكن في ظل ما هو مطروح وما تسير عليه الأمور فهي لن تكون كذلك على ما يراه رمضان.
رئيس الدائرة السياسية في جبهة العمل الإسلامي زكي بني ارشيد لا يرى أي أفق إيجابي لقانون المحكمة لطالما أحيل إلى مجلس النواب، ويقول: “سبق وأن أحيلت قوانين ولم يعدلها المجلس نحو مصلحة المواطنين، فالتجارب مخيبة للآمال وكان المجلس ملكيا أكثر من الملك وحكوميا أكثر من الحكومة وعليه لا يوجد أي أمل”.
وتابع بني ارشيد أن الأصل في قانون المحكمة الدستورية خطوة بالاتجاه الصحيح لكن في هذه الأحوال ستفقد قيمتها الحقيقية والمعنوية والضمانة الحقيقية لحق المواطنين في الطعن في دستورية القوانين.
وعلى ذات النسق، يرى رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان (الأردن) المحامي هاني الدحلة أن ثمة ملاحظات وتعديلات أبدتها الأحزاب والحركات لكن على ما يبدو قد لا يؤخذ بها، “وما نعول عليه هو دور أكبر لمجلسي النواب والأعيان لتصحيح بعض الأخطاء في مشروع القانون”.
وما يراه الدحلة بحصر الطعن بالجهات الثلاث الحكومة ومجلسي الأعيان والنواب، “تجاهلا للإرادة الشعبية وتعطلا لمصالحهم ومن هنا على الجميع تحمل مسؤولياته تجاه تلك الإرادة”.
وعن تشكيل عضوية المحكمة فهي تنسب من الحكومة وتصدر بإرادة ملكية وحتى أمين عام المحكمة هو موظف يتحكم بالمسار الاداري للمحكمة وهو قرار للحكومة، كما يقول رمضان، بذلك “فنحن ندور في فلك السلطة التنفيذية التي هي ما تزال متقدمة عن جميع السلطات في الأردن انطلاقا من نمرة السيارات الحكومية تبدأ 11 والتي هي تجسيد للمشهد السلطة التنفيذية المتقدمة عن التشريعية والقضائية”.
“يدي على قلبي أننا لا نسير بالاتجاه الصحيح رغم الملاحظات المدنية التي تفُتتح خاصة في ملفات الفساد والتقدم بها حكوميا بها”، وفق رمضان الذي ينتقد أيضا المجتمع المدني الذي يراه فاقدا لخارطة طريق واضحة تعبء على اساسها المواطنين.
ويضيف خالد رمضان أن المجتمع المدني يعاني من فقدان خارطة طريق حقيقية للاصلاح وما يطرح ما هو إلا في خانة المشروع الاعتراضي وليس المشروع التطبيقي.
وكان مجلس النواب قد وافق سابقا على قرار اللجنة القانونية والحكومة في المادة (60) بحصر حق الطعن بمجلس الوزراء ومجلسي الاعيان والنواب، إضافة لمن يطعن في الدعاوى المنظورة أمام القضاء.
على أن إقرار مشروع القانون تنفيذا لما وعدت به الحكومة أمام مجلس النواب بتقديم مشروع قانون المحكمة الدستورية خلال شهر شباط في إطار الخطة الزمنية للإصلاح السياسي للحكومة.
ويحدد مشروع القانون، الذي يعمل به بعد مرور 120 يوما على نشره في الجريدة الرسمية، طريقة عمل المحكمة وإدارتها وكيفية الطعن أمامها وإجراءات الفصل في الطعون والدفوع وطلبات التفسير المقدمة إليها وجميع الشؤون المتعلقة بها وبأحكامها وقراراتها وحقوق أعضائها وحصانتهم التي تمكنهم من أداء مهامهم بحياد واستقلاليه .
وتعتبر المحكمة هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها ويكون مقرها العاصمة، وتتمتع بشخصية اعتبارية وباستقلال مالي وإداري، الأمر الذي يمكنها من تملك الأموال المنقولة وغير المنقولة والقيام بجميع التصرفات القانونية اللازمة لأداء مهامها، وينوب عنها في الإجراءات القضائية المحامي العام المدني.