خسائر العراق البشرية، والمادية، والأمنية لا تختلف في حجمها وتأثيرها على النظام السياسي عن الخسائر في سوريا، أو الخسائر أيام الصراع المسلح في ليبيا. لكن أحداً غير معني كثيراً بما يجري في العراق.. فقد أدمن العرب على رؤية اللحم العراقي الممزق في الشوارع.. فقبل يومين وقع 12 هجوماً تخريبياً في صباح واحد ذهب ضحيته 60 قتيلاً و250 جريحاً وهو الرقم السوري ذاته في حمص وقرى حماه!!
أمس، ابلغنا وزير الخارجية العراقي أن سوريا ليست مدعوة لمؤتمر القمة الذي أعلن انعقاده في بغداد في آذار المقبل. وكأن الوزير يبلغنا ويبلغ المعنيين بالقتل والتدمير أنه لن يكون بشار الأسد من المدعوين، ولذلك لا مبرر لهذه الهجمات الشرسة التي من المؤكد انها لا تشجع القادة العرب على التجمع في بلد فيه هذا الكم من الخطورة!!
ونسأل بكل ما نملك من جديّة وصدق: هل نصدق أنفسنا ونحن نجمع القادة العرب في قمة عربية، أن أوضاعنا الافرادية والجمعية تشجع على انتظار نتائج إيجابية من هذه القمم؟؟
لقد رست بعض مطارح الربيع العربي، لكنها ما تزال تلعق الجراح. وما يزال بعض المطارح تنزف.. وبعضها تطفو على السطح كما تطفو قطعة الخشب على أمواج الماء. فهل من المعقول أن تكون أوضاع قمة هذه البلدان قادرة على خلق حوافز أمن واستقرار في أقطار الأمة؟ أو على وضع خطط لتنميتها وازدهارها؟ أو تمويل هذه الخطط وفتح الحدود لاستيعاب منتجاتها سلعاً وخدمات وتجارة بينية؟!.
لا نعرف لماذا يصرُّ إخواننا في العراق على انعقاد القمة في بغداد. لكننا نعرف أن السياسيين العراقيين يحبون الاستفادة من القمة في تسويق نجاحاتهم الداخلية على شعوب تعرف أن هذا النمط من التسويق لا يقنع أحداً وأن القادة العرب على الأغلب لن يحضروا القمة لسبب واحد هو أن الإنسان يعيش مرّة واحدة. ولا لزوم للمخاطرة إذا كانت النتيجة تسويق السيد نوري المالكي وحزبه على العراقيين، الذين يفتقدون الماء والكهرباء ونظافة المدن والأمن الفردي والمدرسة، والجامعة .. وكل شيء!!.