زهير عبد القادر
في جلسة هادئة على ضفاف نهر الراين في مدينة بون العاصمة الالمانية القديمة جمعتني الصدفة ذات مرة،،بمفكر وباحث الماني كبير واستاذ في علم النفس،ولم اجد في جعبتي سؤالا اطرحه عليه وهو الذي تكلم كثيرا عن القلق والحزن والسعادة والفرح في كتبه ومحاضراته غير سؤال واحد…كيف يكون الأنسان سعيدا؟ نظر الي وصمت برهة ونظر حوله وسألني…هل ترى تلك الشمعة المضيئة والتي تتربع بنورها على الطاولة؟…هل ترى النور الذي يشع منها ليضفي على الجو رومانسية وجمالا؟ هل ترى الورود التي وضعت بتناسق جميل يتناسب مع الوانها البيضاء والحمراء والخمرية والصفراء ؟ هل ترى الصورة الجميلة الموضوعة على الحائط وجمال الوانها ؟ هل ترى البراءة في عيون الطفل الصغير الذي يجلس مقابلنا في مقعده المخصص للأطفال وينظر الى والديه بفرح وسعادة…وأضاف…هل تشعر الآن بالراحة وانت تحدق النظر بما حولك…انظر الى مياه النهر المنسابة…هل تلاحظ جمال مياه النهر حين تعكس علينا انوار قناديل الشارع واضواء المحلات على ضفاف النهر؟ قلت له نعم أرى كل شيء…فقال عليك ان ترى الأشياء التي حولك دائما على بساطتها وصغرها ففي هذه الأشياء فرحك وسعادتك…راقب جمال الطبيعة حولك…الشروق والغروب…أستمع الى حفيف الأشجار…وتمتع بأوراقها الخضراء الجميلة…أنظر الى الوردة…وتفحص جمال اوراقها ولونها…وأقترب منها وتمتع برائحتها…أبتسم لكل من يقابلك…أتقن عملك عندها ستحقق نجاحا باهرا…سيحترمك الأخرون…ويقدرون عملك…وستسمع مديحا من زملائك ورؤسائك في العمل…سيرضى عنك من حولك…وستشعر بنشوة النجاح …
،،وفجأة توقف الرجل المفكر…فظننت انني اثقلت عليه…ولكنه قطع الصمت وقال أغمض عينيك قليلا…ففعلت…وسألني فورا…هل ترى الآن شيئا مما رأيته من قبل …ضحكت وقلت له :لا بالطبع…فقال لولا سلامة عينيك لما رأيت شيئا…أليس وجود عينيك السليمة وتمكنك من رؤية كل ما حولك سببا لسعادتك ؟ أليست قدرتك على المشي في الغابات وعلى ضفاف الأنهار بقدمين سليمين سببا للسعادة؟ قلت له نعم،،وشكرته وأبتسمت له وشعرت فعلا بالفرح والسعادة…
،تعلمت من هذا الرجل ان السعادة موجودة في داخلنا وحولنا وليست بعيدة عنا…علينا فقط ان نراها ونعيشها…نراها في جمال الوردة الصغيرة وفي براعم الشجر وفي خرير المياه…وفي نسمات الصباح…وفي شروق الشمس وغروبها…في براءة الأطفال…وفي تغريد العصافير…وهطول الامطار…السعادة أصدقائي في داخلنا…فقط علينا ان نرى الاشياء التي فيها فرحنا وسعادتنا بالرغم من بساطتها وصغرها…أدام الله علينا وعليكم السعادة والفرح…صباح الخير.
zuhairjordan@yahoo.com