الإصلاح نيوز/
يسلط الفيلم الاردني “مدن ترانزيت” الذي يعرض للمرة الاولى في عمان حكاية امرأة اردنية تعود من الولايات المتحدة الى بلدها عقب انفصالها عن زوجها بعد غياب دام 14 عاما لتصطدم حياتها بتغير المجتمع الأردني.
وتدور احداث الفيلم حول عودة ليلى كامل عبدالحميد (36 عاما)، الى مدينتها عمان في محاولة لاستعادة حياتها السابقة الى جوار اسرتها، لكن حياتها في الخارج ابعدت عينيها عن رؤية التحول الكبير الذي أصاب بلدتها البسيطة سابقا، فتصدم بالواقع الجديد وتنهال عليها التوترات والضغوطات من كل جانب، وتكتشف أن كل شيء قد تغير، الناس، العادات، طريقة العيش، المدينة التي ترعرعت فيها وحتى احوال اسرتها ووالدها الذي طالما احبها، نتيجة تحولات الواقع.
ويصور الفيلم (71 دقيقة) وهو اول فيلم روائي طويل للمخرج الاردني الشاب محمد الحشكي مواقف يومية تواجهها ليلى بدءا من فقدان حقائبها في المطار مرورا بمحاولتها العبثية البحث عن عمل وانتهاء بشعورها بالضياع وعدم التواصل مع اهلها ومجتمعها الذي تحول الى جزء من عولمة دينية.
ويتطرق الفيلم لموضوع الحجاب وحرية المرأة والعولمة والغلاء، كما يظهر كيف ان هناك اشخاصا يرفضون هذا التغيير ويعيشون على وقع ذكريات الماضي عندما يسلط الضوء على حياة خالة ليلى التي تعيش في شقتها شبه معزولة عن العالم تتابع الافلام العربية القديمة وتحفظ اغانيها عن ظهر قلب وترفض الخروج.
والفيلم من بطولة صبا مبارك ومحمد القباني وشفيقة الطل واشرف فرح وهيفاء الآغا والتأليف لكاتب السيناريو احمد أمين وشارك في كتابة الفيلم المخرج محمد الحشكي.
واعقب عرض الفيلم في المركز الثقافي الملكي وسط عمان جلسة النقاش شارك فيها المخرج وبطلة الفيلم مع الجمهور الذي حضر بالمئات وغصت بهم صالة العرض ووقف وصفق طويلا للفيلم.
وقال الحشكي الذي يعد الفيلم ك”أكبر حدث” في حياته والذي سبق وان اخرج افلام قصيرة ووثائقية “لقد أرقني كيف يشعر الانسان انه غريب في بلده، وكيف تغيرت العادات والتقاليد، وكيف اصبح الناس غريبين ومعقدين جدا الى هذا الحد، وكيف اصبحنا مرتبطين ببعضنا البعض عبر الانترنت والموبايل وغيرها من اجهزة الاتصال الحديثة”.
واضاف “عندما يغيب شخص ما عن بلد لفترة طويلة فأنه حالما يشعر بالتغيير، وهذا ما حصل لبطلة الفيلم ليلى، فقد شعرت بعد عودتها وحيدة وكأنها بدون وطن وان عمان لم تعد كالسابق، فهناك عمارات كثيرة وعالية وسيارات حديثة كالبورش ومطاعم مكدونالدز ربما اكثر مما هو موجود في مدينة شيكاغو” في الولايات المتحدة.
وتابع “لم اصدر احكاما وحاولت ان ابتعد عن توجيه رسالة، ليس هنا صح وخطأ، لكن حاولت التطرق الى الاشياء بأسمائها وان لا استخف بالامور الموجودة في بلدنا”.
ويتميز “مدن الترانزيت” الذي يبرز واقع التحولات التي طرأت على الاردن خلال العقود القليلة الماضية بالبساطة وموسيقاه الجميلة، ورغم انه صور خلال ثمانية ايام الا انه نجح في رصد الواقع بطريقة صادقة.
وتقول صبا مبارك ان “الفيلم يعد من الافلام الاردنية الهامة، وهو قريب من مشاكل المجتمع الاردني، ويلقي الضوء على مشاكل لا احد يتجرأ الحديث فيها”.
وتضيف ان “المجتمع العربي تغير تغييرات كبيرة خلال العقود الماضية وفي كل شيء، وحصل انفتاح ثقافي”.
وتابعت “كان هناك اماكن مكركبة فيها الكثير من الغبار، كان المطلوب منا كنسها ورفعها وعدم وضعها تحت السجاد، لقد القينا الضوء على هذه الاشياء ولم ندفن رأسنا بالرمال”.
واوضحت مبارك ان “الفيلم ورغم تكاليفه القليلة وتصويره بوقت قياسي الا انه اثبت ان هناك سينمائيين اردنيين جادين وان هناك امكانيات واعدة”، مشيرة الى ان “كل ما نحتاجه هو الدعم كي تنطلق السينما الاردنية بعد ان عانينا من مرحلة فراغ في صناعة السينما الاردنية”.
وشارك الفيلم وهو من انتاج العام 2010 في العديد من المهرجانات الدولية، وحاز جائزة لجنة التحكيم الخاصة وجائزة الاتحاد الدولي لنقاد الأفلام (فيبرسكي) في مهرجان دبي السينمائي الدولي في عام 2010 كما حصل على جائزة الرئيس الأولى في مهرجان حوار الثقافات السينمائي الدولي في نيويورك.
والفيلم نتاج ورشة تدريبية في الهيئة الملكية الاردنية للافلام التي تعمل على تطوير مهارات الشباب واجراء دورات تدريبية لهم.