كتب: حسين بني هاني/
الوطن هذه الايام، بازار سياسي مفتوح، الكل يعرض فيه بضاعته، والمشترون قلة، بعض ما يعرض فيه يصعب تسويقه، واخر انتهت مدته، ولا احد يعرف، متى سيغلق هذا البازار ابوابه.
نواب يتهمون الحكومة، بالتغول على مجلسهم، واخرون يؤازرون الحكومة، في اغلاق ملف اللجان، التي تحقق في ملفات تقول انها حافلة بالفساد.
اتهامات بالجملة، تدور خلف الكواليس، ولا تعرف مَن ضد مَن، وصحافة الكترونية تلهب المشاعر، والوطن يكاد ان يغرق في جدل، عنوانه الفساد، رغم ان بعض رموزه قد اصبح خلف القضبان.
حديث عن الانتخابات هذا العام، يقوده جلالة الملك، حتى تُفتح بوابة الاصلاح، ويُقفل الحديث حوله، ومعارضة تتحدث عن مقاطعة لها، بين اولئك الذين يستنجدون بالسماء ليحكموا الارض، ما لم يعدل الدستور مرة اخرى، وحصريا بعض مواده، التي ستأتي على حساب سلطات جلالة الملك.
مقاطعة، اذا وقعت، تعني ان الانتخابات لن تقفل الجدل حول خطوات الاصلاح، ولن يرضى عنها، لا المعارضة ولا العالم، الذي اخذت بعض دوله، تضغط علينا في هذا الربيع، كي نقدم ما يمكن ان يحقق بعض التنازلات، لصالح قضايا معلقة في الاقليم، والمستفيد فيها اسرائيل.
تطاول على النظام غير مسبوق، بل هو بعيد عن شيم الاردنيين، يتوسع فيه الجدل، ليطال المؤسسين والبناة الأوائل للوطن. ووزير مالية يحذر في مقابلة صحفية، من مغبة الانهيار الاقتصادي، واحتمال مواجهة مصير يشبه مصير اليونان، التي اخذت تقترب من الافلاس، ما لم نعدل مسارنا الاقتصادي، والمقصود… رفع الدعم وزيادة الاسعار، الجميع يعرف انه خيار صعب، سيحول الربيع الاردني الى صيف لاهب، يحرق الجيوب والقلوب، ولا يعرف احد ان وقف الامر لدى الناس عند هذا الحد.
نواب يحتسبون لحل المجلس، اكثر مما يحتسبون لمستقبل الوطن، وكأني بهم يقولون، علي وعلى نظرائي من حكومة ومعارضة، اذا كان حل المجلس بعد اقرار قانون الانتخابات هو المطلوب.
المشكلة ان دوائر صنع القرار، تعرف كل ما سبق، وتراقب حراك الشارع، الذي مضى عليه اكثر من عام، واستهلك ثلاث حكومات متتالية، واضيف اليه حراك اخر، من قوى صاعدة جديدة، مثل المعلمين وغيرهم، اخذ يضغط على عصب الدولة، ولا احد يعلق الجرس، وكأننا جميعا على رؤوسنا الطير، نخشى اتخاذ اي قرار، حتى لو كان في غير مكانه، ولم يحضر اهله ايضا.
يضيق الخناق على سوريا، وضغط النظام هناك يدفع المزيد من اللاجئين الينا، ليضيف، بل يفاقم مشكلة الوطن على الصعيدين السياسي والاقتصادي، كل ذلك يحدث، والكل لدينا يتصرف، وكأنه ليس لدينا ازمة تستوجب التصرف، واخذ القرار، ويبقى السؤال الاهم، الذي اخذ يؤرق الجميع، ويكثر تداوله كل يوم، بين المخلصين للوطن والخائفين عليه، ترى هل لدينا فريق لإدارة الازمة، ام ان الفريق الذي يديرها يعتقد بأن الدنيا لا زالت لدينا قمرا وربيعا، وانه ليس لدينا ازمة ؟ سؤال وجيه، اظن ان الجميع ينتظر، بل يتمنى الاجابة عليه اليوم قبل الغد، وقبل ان تقع الفأس بالرأس، وقبل ان يدخل الجميع في نفق، الله وحده يعلم فقط كيف يمكن ان نخرج منه.