الإصلاح نيوز/
اعربت منظمة أصدقاء الإنسان الدولية في ” فينا” عن قلقها الشديد من تردي وضع الأسير الفلسطيني خضر عدنان في السجون الاسرائيلية مطالبة المجتمع الدولي بالتدخل لإنقاذ حياته، ودعت سلطات الإحتلال الإسرائيلي إلى الإطلاق الفوري لسراح عدنان.
وأوضحت المنظمة الحقوقية أن حياة خضر عدنان (33 عاماً) من بلدة عرابة بالقرب من جنين، معرضة للخطر بعد اضرابه عن الطعام لمدة،67،يوماً احتجاجاً على ظروف سجنه المهينة وعدم توجيه اي اتهامات له من قبل السلطات الإسرائيلية.
وقالت المنظمة في وثيقة أصدرتها اليوم الثلاثاء بعنوان “أحكام بلا أدلة”، أن اعتقال القيادي الفلسطيني في السابع عشر من كانون الأول (ديسمبر) الماضي؛ وانتزاعه من بيته واُسرته تعسفاً، وإهانته وضربه، وتهديده بالقتل، واحتجازه إدارياً منذ السابع عشر من شهر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، يعد مثالاً واضحاً وبسيطاً عن الوسائل اللاقانونية التي تتبعها سلطات الإحتلال الإسرائيلي مع السجناء الفلسطينيين.
وعن واقع المعتقلين الإداريين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، قالت أن المعتقل الإداري يُنظر إليه كمتهم مدان حتى تثبت براءته، وأن هذا الاعتقال لا يعتمد على تهمة مؤكدة أو إثباتات واضحة أو مدة محددة، بل يقوم على ذرائع سرية في الأغلب، ويُزج بالأسير في المعتقل دون محاكمة او معرفة سبب الإعتقال أو المدة التي ينبغي له تكبد عنائها في الأسر.
وذكرت في الوثيقة أن سلطات الاحتلال أصدرت منذ 28 أيلول (سبتمبر) عام 2000 ما يربو على 21300 قرار اعتقال إداريا بحق أسرى فلسطينيين، وأن عدد الرازحين تحت وطأة هذا الإجراء يقدر في الوقت الحاضر بحوالي 315 معتقل، موزعين على سجون النقب ومجدو ورامون وعوفر.
وأشارت “أصدقاء الإنسان” أن أجهزة المخابرات الإسرائيلية تتخذ هذا الصنف من الإعتقال بديلاً عن عقوبة السجن بقضية، بحق الأسرى الذين لا تملك عنهم مواداً تثبت انخراطهم بنشاطات مُناهضة وترغب بمعاقبتهم، وكذلك من أجل تغييب فلسطينيين ترى أن لديهم قدرات عالية. وأكدت أن الإعتقال الإداري بمثابة غول يطارد الفلسطينيين وسيف مسلط عليهم ومنهم المتعلمين الذين يشكلون الطبقة المثقفة والناشطة من أبناء الشعب الفلسطيني، فالاعتقال الإداري يحوي بين جنباته من صفوة أبناء الشعب الفلسطيني.
وعن المحاكمة الإدارية أوضحت أنها تتم في محكمة عسكرية إسرائيلية وفي مكان مغلق، ولا يسمح لأفراد من العائلة بحضور حيثيات المحكمة، فقط يحضر المحامي والمعتقل والقاضي والمدعي العسكري، وممثلو المخابرات في بعض الأحيان، مما يشكل حرماناً للمعتقل من حقه في الحصول على محاكمة علنية حيث تكفل المادة 14:1 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية “الحق في المحاكمة العلنية”.،،
وعن جلسات المحاكمة ساقت المنظمة مثالاً لجلسة محاكمة ناشط حقوقي فلسطيني، وكيف أن المداولات بدأت وانتهت خلال دقائق معدودة: “النيابة: أطلب المصادقة على أمر الاعتقال والفترة المذكورة فيه، وهو قائم على أساس معلومات إستخبارية، سأقوم بتقديمها بوجود طرف واحد من أجل عدم المس بمصادر المعلومات. المحامي: موكلي معتقل منذ تاريخ: 2/8/2007، لم يتم احتساب الأيام الأولى من إعتقاله في قرار الإداري وهي 24 يوم. يعمل موكلي كمدير لجمعية نفحة للدفاع عن الأسرى والإنسان في نابلس، وتم الإفراج عنه من اعتقال سابق في العام 2002. فقرر القاضي على الفور: وُضعت أمامي معلومات إستخبارية جديدة ونوعية تدلل على خشية أكيدة على أمن المنطقة إذا تم الإفراج عن المعتقل، وكذلك على ضلوع المعتقل في نشاطات جديدة مساندة للإرهاب“.
وعن بطلان هذه المحاكمات وعدم نزاهتها خصت “أصدقاء الإنسان” بالذكر قضية الملف السري، وكيف يُتخذ سبباً من قبل الادعاء العام الإسرائيلي وجهاز الأمن العام “الشاباك”؛ من أجل تبرير الاعتقال الإداري وتمديده للمعتقل مرات أخرى، وكذلك لوضع هذه الكارثة “أمر الاعتقال الإداري” ضمن إطار قانوني وإعطائها غطاءً قضائياً من قبل المحاكم العسكرية الإسرائيلية عموماً، ومحكمة العدل العليا؛ بعد لجوء المعتقل إليها إثر تمديد اعتقاله الإداري مرات عديدة بدون كشف المادة السرية.
يحكم على الأسير من خلال “الملف اللعين”؛ كما يتعارف الأسرى الفلسطينيون على تسميته، والذي لا يعلم محتواه إلا المدعي العام، أن يمضي الأشهر والسنين في الاعتقال الإداري بعيداً عن ذويه، وقد يتوفى في الأسر كما حدث على سبيل المثال مع الأسير جمال السراحين الذي في معتقل النقب الصحراوي بتاريخ 16/1/2007 نتيجة الإهمال الطبي.
وما يثبت بطلان الملفات السرية والمحاكم الإدارية، أن أشخاصاً عاديين (ناشطين في العمل الإنساني مثلاً)، تُوجه لهم تهم كبيره جداً، يخال المرء حين يسمعها أنهم لن يخرجوا طوال أعمارهم من السجون، وقد يصابون بالإحباط الشديد لهول ما يُتهمون به، من كونهم نشطاء في الجناح العسكري لهذه الفصيل أو ذلك، وأن لدى السلطات الإسرائيلية معلومات تفيد بأنهم خطيرين على أمن المنطقة، ليُفاجؤوا بالإفراج عنهم بعد انتهاء مدد محكومياتهم البالغة ستة أشهر مثلاً.
،وقالت المنظمة أن القاضي العسكري والمدعي العام لا يختلفان كثيراً، وأن وجودهما يشكل محاوله لتصوير الإحتلال بأنه سلطة قانون ونظام، فحسب “القانون”؛ يجب أن يعرض المعتقل أمام قاض عسكري وفي محكمة عسكريه خلال ثمانية أيام من اعتقاله، وقد يكون القاضي شغل هذا المنصب بعد أن كان قبل أيام من تاريخه هو ذاته مدع عام يقف أمام المعتقل الفلسطيني ويلوح له بالملف السري.
وعن المزاجية في تعامل السلطات مع الأسرى الإداريين ذكرت أن طريقة فرض الاعتقال الإداري تختلف من أسير إلى آخر، ومن منطقة إلى أخرى، وتتفاوت الأحكام كذلك، تبعاً لمزاج قائد المنطقة التي ينتمي إليها الأسير، في مرات يتم إصدار أوامر الإعتقال الإداري حال تنفيذ إعتقال الأشخاص والزج بهم في غياهب السجون دون إخضاعهم للتحقيق أو الإستجواب، وكما يتندر الأسرى الفلسطينيون على ذلك ويقولون “من الفرشة للإداري”. وفي مرات أخرى، يتم إصدار أمر الإعتقال الإداري بعد أن يحقق مع الأسير لفترة طويلة، قد تتجاوز الثلاثة شهور، وفي بعضها يُحول الأسرى الذين كانوا محكومين على قضايا سابقة بعد انتهاء مدد محكومياتهم؛ والتي قد تكون قد امتدت لسنوات عدة، إلى الإعتقال الإداري.
وعن تعدد صور معاناة الأسرى الإداريين، تحدثت منظمة أصدقاء الإنسان الدولية عن مساومة السلطات للمعتقل، إما أن يعترف ويقر ببعض التهم أو يُجدد له الاعتقال الإداري إلى ما لا نهاية، فقد يتم التمديد فعلاً لمرة أو مرتين أو لما يزيد عن عشر مرات، فهناك من أمضى أكثر من 5 سنوات عبر تمديدات متكررة، وبعد أن يستنفذ الإدعاء كل الذرائع الواهية للإعتقال، يتم الإفراج عن الأسير الإداري ليقضي خارج السجن فترة قصيرة لا تتجاوز الأسابيع أحيانا، بل هناك من أعيد إلى المعتقل في نفس اليوم، وقد اعتقل بمجرد وصوله إلى اقرب حاجز عسكري إسرائيلي بعد إخلاء سبيله، وقبل أن يصل إلى منزله.
وخصت بالذكر المعتقل الإداري الأقدم احمد نبهان صقر (49 عاماً) الذي يحتجز إدارياً منذ أزيد من 39 شهراً وقد أمضى منذ بداية تسعينات القرن الماضي ما مجموعه (133) شهراً رهن الإعتقال الإداري.
وأكدت المنظمة الحقوقية أن هذا الأسلوب من الإعتقال كما يتفنن في تعذيب الفرد والنيل من روحه ومعنوياته، فهو يركز أيضاً على تعطيل نمو المجتمع، خاصة إذا علمنا أنه يستهدف في الغالبية العظمى النخب الاجتماعية، كرجال السياسة وأعضاء المجلس التشريعي وناشطي العمل الاجتماعي، والعلماء والأكاديميين، وصولاً إلى أعضاء مجالس البلديات والنوادي والهيئات المحلية، إلى طلاب الجامعات ومعلمي المدارس والأطباء والمهندسين، وغيرهم. فالإعتقال الإداري أسلوب يهدف إلى تعطيل عمل هذه المجالس وشل إمكانيات نمو المجتمع، عبر حرمانه من الكفاءات والنخب التي تعتبر لبنة أساسية في حياة الشعوب ونهضتها، وهذا يوضح السبب الحقيقي وراء استهداف هؤلاء.
وفي سياق عرضها لواقع الأسرى الإداريين وكيف يتم التعامل معهم، وثقت المنظمة شهادات مجموعة من الكتاب ومحاضري الجامعات من الأسرى الإداريين، وقد أشارت جميعها إلى احتجازهم بدون أدلة كافية، وإلى صورية جلسات محاكماتهم بل على عدم اطلاع المدعي العام على الكثير من البيانات الشخصية الخاصة بالأسير في قاعة المحكمة. واشتكى الأسرى في شهاداتهم من الظلم الشديد الذي لحق بهم وبعائلاتهم جراء الاعتقالات التعسفية بحقهم.