عبير الزبن تكتب : المعلم

عبير الزبن /،
المعلم، كلمة بمفردها دون اضافات لها؛ تعني اكتمال الفضائل التي نادت بها الشرائع السماوية , فالمعلم بدأ بكلمة اقرأ , و هي مفتاح لكل العلوم التي عرفتها البشرية , تحمل في ثنايا حروفها الاربعة , كل قدسية و احترام وخشوع , فهنيئا لمن حملها صفة له و تميز بها حرفة مقدمة على كل الحرف , بها الهداية , و بها الانتنقال من الظلمات الى النور , و بها الحصن ش
تساؤل يجيب نفسه بنفسه , فليس المقصود منه ايضاح الغموض بمقدار ما يحتوي من الزهو و الفخر و الاعتزاز , الا و هو كيف ينمو المجتمع و كيف تتحقق اهدافه, كيف يتقدم و ما هي وسيلته , كيف تنتصر الفضيلة و تهزم الرذيلة , و يأمن المجتمع على الدوام , فما هي الركيزة الاولى في بناء الاوطان , انه المعلم , العنصر الاكثر اهمية في انجاز النظام التربوي , و الوصول به الى اهدافه .
قد نأتـي بالمناهج و الخطط و نحدد الاهداف , و الانظمة الادارية , و القوانين من شتى المصادر , فهي في العالم كثير , و لكن لن نأتي بمعلم كفؤ , الا من وطننا و ارضنا و دمنا و لحمنا , فليس التعليم هو اتقان المهنة وحفظ المواد الواردة بالمناهج, بمقدار ما هو الاخلاص بالاداء و الولاء للوطن والتفاني بالعطاء, و الفهم العميق للمجتمع , بعاداته و تقاليده وثقافة اهله , و استيعاب لهجتهم المحكية , و المحبة و الرغبه ممزوجة في اداء الامانه السماوية المستقاة من ركوعه و سجوده طاعة لله و تنفيذا لاوامره .
فالاهتمام بالمعلم ليس و اجبا فحسب بل هو امر , لان المعلم هو قائد الاجيال التي تصنع الحضارة والتاريخ , فقدرة المعلم على صيانة الاجيال و صناعتهم مرهونة بالعناية به و انصافه بحقوقه طواعية و انسيابا دون منّة , او تعريضه لخدش الحياء و هزم الكبرياء بانه لاهث وراء كسب المنافع المادية على حساب رسالته المقدسة وان لا يناصبه المجتمع العداء و الازدراء , باسباب كبوة تنامت بتأثير غامض خفي, فالمعلم حريص على الوطن و الطالب معا .
المعلم بحاجة الى الدعم المعنوي قبل المادي , و هو الاولى بالاحترام النابع من الثقة به و برسالته , و ليس احتراما مبنيا على الغمز و اللمز فيه , فالعوامل الاجتماعية و النفسية و الاقتصادية , عوامل هامة في مسيرة المعلم و ابداعه , يجب مراعاتها و العناية بها , و هي مسؤولية المجتمع بكل مكوناته و ليس حصرا على الحكومة و ايقاع اللوم عليها .
مشكلة المعلمين و المتمثلة باضرابهم , هي في طريقها الى الحل و هو آت بأذن الله, ولكن العبرة بأخذ العبرة منها , وهي لفت انتباه لمتابعة الاستمرار بالعناية بالمعلم , و عدم ايجاد اسباب تكرارها مستقبلا , فالنقابة التي ستنشأ لهم , ستمارس واجباتها بالبحث عن المزيد من الحقوق , فضبط الامور في بدايتها و تقنينها افضل بكثير من الاتيان متأخرين لعلاجها بعد انفجارها , فالحذر واجب .
حمى الله الاردن وشعبه ومليكه .