الإصلاح نيوز/
يختلف التفسير الاجتماعي عن التفسير الطبي للصرخة الاولى للطفل عند ولادته، فقد صار طبيعياً ان يسمع الذين ينتظرون خارج صالة الولادة في اي مستشفى صرخة الطفل القوية والعالية، ليتأكدوا ان المرأة التي جاءوا برفقتها قد وضعت مولودها، الا ان أحداً لم يستطع حتى الان تمييز بكاء الطفل الذكر عن الطفلة الانثى، لان صراخهما متشابه في هذه اللحظة.
واذا كان تفسير الناس ان الطفل يبدأ حياته باكياً، فإن للطب رأياً اخر في هذه الظاهرة، اذ تقول طبيبة الاطفال عالية نشوان ان الطفل عندما يخرج من رحم امه، تدخل كمية كبيرة من الهواء عن طريق التنفس الى رئتيه الفارغتين تماماً، وان كمية الهواء هذه تحدث صدى عالياً في رئة الطفل حديث الولادة تدفعه للصراخ بصوت مرتفع، مشيرة ان بكاء الاطفال حديثي الولادة يظل في الايام العشرة الاولى من حياتهم بدون دموع.
لان القناة الدمعية لم تكن قد دخلت في صلب وظيفتها في جسم الطفل بعد.
ويمكن لبكاء الاطفال بعد هذه الفترة ام يكون مصحوباً بالدموع، مثله مثل اي انسان مكتمل النمو.
وتضيف الدكتورة نشوان ان بكاء الاطفال قبل اكتمال الشهر الخامس من عمرهم، يكون مختلفاً تماماً عن البكاء بعد ذلك العمر فالبكاء في الشهور الخمسة الاولى يكون بمثابة حاجة عضوية ومادية للطفل، كأن يكون جائعاً او متسخاً او متألماً، وعندما يبدأ بالصراخ والبكاء فإنه يكون يوجه نداءه على طريقته الخاصة لتلبية حاجاته.
مؤكدة انه لا يوجد وقت محدد يمكن ان تصيب الطفل حديث الولادة نوبة البكاء، الا ان المسؤولية الكبرى تقع على الأم التي يجب ان تظل قريبة من طفلها، وان تحضنه لحظة البدء بنوبة البكاء مهما استمر وقتها، لان في ذلك انعكاس على حياة الطفل في المستقبل ويمكن ان يتسبب بكاء الطفل وخاصة في ساعات النوم بازعاج العائلة كلها، ما يتطلب من الأم ان تكون الى جانب طفلها دائماً، وان تعرف السبب الذي دفعه للبكاء، حيث يقول المثل الشعبي الذي جاء على لسان سيدات كبيرات في السن وخبيرات في تربية الاطفال، ان الطفل يبكي في حالتين ‘يا جوع يا موجوع’، اي في حالتي الجوع والالم فقط، وهي تعليمات تقدمها السيدات الكبيرات في السن عادة للامهات الصغيرات اللواتي لم يتدربن بعد على بناء علاقة مع الاطفال .
وتضيف الدكتورة نشوان ان الطفل في مراحل لاحقة يبدأ بالبكاء لاسباب اخرى، مثل الجوع، والخوف من الظلام، أو الشعور بالضيق في حال ارتفاع درجة حرارته، او حاجته لأمه، ولذلك على الام ان تفرق جيداً بين حالات البكاء عند طفلها، لانها وحدها، ومعها الطبيب، القادرين على تحديد نوعية بكاء الطفل، فيما لا يملك الاخرون القدرة على تفسير رغباته، خاصة وهو في السنة الاولى من عمره، الا ان ذلك لا يلغي ان تسارع الام الى هدهدة طفلها عندما تأخذه نوبة بكاء، او عندما يأخذ بالصراخ، لأن هناك سبباً أكيداً دفعه لذلك.
وبعد ان تتفتح مدارك الطفل،ويبدأ بالتمييز لما هو حوله من اشياء واشخاص،وخاصة بعد ان تكتمل سنته الاولى،ممكن ان يبدأ البكاء اذا رأى وجهاً غريباً لم يعتد عليه من قبل،او اذا شعر بالتهميش،لانشغال والدته ومن يحيط به ،فيبدأ البكاء لجلب انتباههم.