وقالوا إما بقاء الفساد أو بقاء الوطن، فبالرغم من كل الصيحات التي أُطلقت و بُحّت حناجر الناس فيها، فإن معالجة ملفات الفساد لا زالت غير مقنعة، و الأموال التي نُهبت لم يُسترد منها شيء، و يرى السواد الأعظم من الأردنيين أن هناك تلاعبا في الرأي العام لإدامة الملف موجودا، و لكن ليس فاعلا – و الناس يقولون و نحن معهم – إما اجتثاث الفساد أو ضياع الوطن
واكدوا ان، العشائر الأردنية كانت و لا زالت صمام الأمان لهذا الوطن و أبناؤها يشكلون لُحمة الأجهزة الأمنية و الجيش و الدفاع المدني، و قد طال هذه العشائر ما طالها من محاولات للتهميش و التفقير بأساليب مباشرة و غير مباشرة.
وقالوا لقد تعاقد الأردنيون مع الهاشميين على أسس واضحة و هي أسس خاصة بالهاشميين، و أن يُحكم الأردنيون بكرامة، و ما حدث و تطور أن أصبح هناك شركاء يحكمون باسمهم، و أصبحت هناك مراكز قوى و جماعات و استزلام و سياسة و استراتيجيات و مال و نفوذ، الأمر الذي يستدعي وقفة تعيد هذه التشاركية إلى أصولها و أن لا نقف عند حدود التعديلات الدستورية التي أُقرت حتى نصل إلى بر الأمان لإنضاج التجربة البرلمانية.
وفيما يلي نص الرسالة :
بسم الله الرحمن الرحيم
صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله و رعاه السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
نكتب لجلالتكم بصفتنا مواطنين بعيدين عن الصالونات السياسية و محاور التكتلات بأنواعها، نحن مجموعة من مثقفي عشائر عبّاد من حملة الدكتوراة المنضوين في الجمعية الأكاديمية للبحوث و التنمية، و قد رأينا أن من واجبنا أن نخاطب ولي الأمر الذي يحمل أمانة المسؤولية و بصفتنا الذاتية – ملتزمون بأمانة الكلمة – ولا نلقي الكلام على عواهنه استعراضا و إنما، نشارك في تنفيذه كل في موقعه و بحدود مسؤوليته.
نكتب لجلالتكم و نحن نرى شعارات أُطلقت، و مبادرات رتبت و كأن لسان واقعها يقول، ،- كما يقول المكلّف بالتدريب حينما يُطلق أوامره ” مكانك سر ” فلا تتقدم الخطوات و تبقى تراوح مكانها- و باعتبارنا من رحم هذا الوطن و من ترابه و لن نرضى عنه بديلا و سنفديه بكل ما نملك – فإن ما تعرّض و يتعرّض له على يد من اؤتمنوا عليه – قد أضعفه– و أصاب ابناءه بالاحباط، فلا تجلس في مجلس أو تشارك في مناسبة، إلا و كانت الشكوى عنوان من يجلس، و لعل كلمات للأمام علي بن ابي طالب قالها لأحد الولاة في رسالة له ” قد ولاّك الاختيار و عزلك الاختبار، فيدك في الجواب و رجلك في الركاب” و هذا حال من تولى المسؤولية عندنا إلا من رحم ربك.
لقد عايشنا العشرات من كتب التكليف لرؤساء الحكومات و التوجيهات و أقسم الجميع على احترام الدستور و القيام بالواجب و كانت النتائج نكران و خسران الشعب، و الشعب ينتظر محاسبة كل من ساهم في ما وصلنا إليه، و ليست المسؤولية هنا مالية فحسب و إنما إدارية و نفسية فالشعب يريد محاسبة هؤلاء على ما أصابه و استرجاع ما سلبوه.
و إننا إذ نشارك الكثيرين ممن نادوا بالإصلاح فإننا لا نتحدث بأجندة شخصية أو مطلبية و إنما هدفنا هو بقاء و طننا عزيزا و قويا، و ذلك لن يتم إذا بقي الحال يتولى الأمر فيه من هو ليس أهلا له أو من عابر سبيل جاءت به الصدفة أو الحاجة أو الظرف ليكون سيداً علينا.
إن المحاور التي نعتقد يا صاحب الجلالة أنها ضرورية في هذه المرحلة تتمثل بما يلي:
أولا : إما بقاء الفساد أو بقاء الوطن، بالرغم من كل الصيحات التي أُطلقت و بُحّت حناجر الناس فيها، فإن معالجة ملفات الفساد لا زالت غير مقنعة، و الأموال التي نُهبت لم يُسترد منها شيء، و يرى السواد الأعظم من الأردنيين أن هناك تلاعبا في الرأي العام لإدامة الملف موجودا، و لكن ليس فاعلا – و الناس يقولون و نحن معهم – إما اجتثاث الفساد أو ضياع الوطن، لأن الشاة لم يعد فيها حليب، بل أصبحت تحلب دماً، و لم يعد عليها لحما فقد أُكل، و ما بقي هو عظم أصابته الهشاشة كذلك، و إن الشمولية بدل الانتقائية هي الأساس في مواجهة هذا الملف .
ثانيا: إن الأُسر الأردنية و التي أنفقت الكثير في تعليم أبنائها و كانت تعتمد على القطاع العام في مجالات عملها، ففي الوقت الذي سُدّت فيه منافذ القطاع العام فإن القطاع الخاص لا يفتح أبوابه لكل أبناء الوطن في الوقت الذي ندعي فيه الولاء و الانتماء للوطن من شتى المنابت و الأصول، ناهيك عن أن الاستثمار الآتي موزع بين رؤوس أقل ما يقال فيها أنها طالتها شبهة الفساد، و إن الأبراج التي يراها الأردنيون في عمّان تقابلها الأكواخ التي يعيشون فيها و هي هوة أكلت الطبقة الوسطى التي لم تعد موجودة و التي هي الركن الأساسي في نمو المجتمع و تطويره – و هذا يستلزم اجراءات لإزالة هذا التشوه، حيث أصبحت الشركات التي طالها هي الأخرى الفساد – جزرا معزولة بحاجة الى أن توصل مع هذه الأرض التي تنشأ عليها و تتغذى منها و هو ما يندرج تحت بند مشكلة – الفقر و البطالة – و ما غزا الفقر و البطالة مجتمعا إلاّ وكان ذلك مؤذنا بتقويض أركانه.
ثالثا: لقد كانت العشائر الأردنية و لا زالت صمام الأمان لهذا الوطن و أبناؤها يشكلون لُحمة الأجهزة الأمنية و الجيش و الدفاع المدني، و قد طال هذه العشائر ما طالها من محاولات للتهميش و التفقير بأساليب مباشرة و غير مباشرة.
و لقد بدأ حراك هذه العشائر و أصوات بدت مخالفة لمسيرتها، و نحن نقول لجلالة الملك إن هذا شيء متناسق مع سياق ما يحدث حولنا و في داخلنا، فهناك شباب شبّوا عن الطوق و لم يعد يحكمهم شيخ العشيرة، لإنه لم يبق من هذا الصنف شيء كثير، و عليه فلا بد من إعادة النظر في مستشارية العشائر و أسلوب تعاملها مع هذه العشائر كما كان في سياق التبعية و العطاء و الامتيازات، أصبح الآن قوى جديدة بحاجة إلى سياسات جديدة و مسؤولين جدد لا ينظرون فقط إلى الأمور بميزان المعالجة الأمنية أو فرض الولاء ، فالولاء لا يُفرض لأنه في هذه الحالة ينتج لنا منافقين و ليس مخلصين، و الصناديق التي أنشأت لدعم ابناء العشائر و البادية و المقاعد الجامعية و المنح نرى ضرورة إعادة دراستها و إشراك الشباب في رسم مسؤوليتها لأنه ربما ضاعت جهودها إذا أحسنّا الظن بخطأ الاجتهاد.
رابعا: لقد تعاقد الأردنيون مع الهاشميين على أسس واضحة و هي أسس خاصة بالهاشميين، و أن يُحكم الأردنيون بكرامة، و ما حدث و تطور أن أصبح هناك شركاء يحكمون باسمهم، و أصبحت هناك مراكز قوى و جماعات و استزلام و سياسة و استراتيجيات و مال و نفوذ، الأمر الذي يستدعي وقفة تعيد هذه التشاركية إلى أصولها و أن لا نقف عند حدود التعديلات الدستورية التي أُقرت حتى نصل إلى بر الأمان لإنضاج التجربة البرلمانية.
خامسا: إننا كمثقفين و أكاديميين يحزننا ما وصل إليه التعليم في بلدنا حيث دخلنا في (تعليب التعليم) و كل محاولات التطوير لم تصل الى المضمون مما يستدعي مراجعة وطنية لأسس التعليم و محاوره، لقد قالت لجنة أمريكية راجعت التعليم في أمريكا (أمريكا في خطر)، و نحن نقول كذلك الأردن في خطر، فلا بد من مؤتمر وطني يبحث بشفافية و صدق كل أمراضنا، ففي الوقت الذي يجب أن تكون الجامعة منارة علم و سلاح الطالب فيها البحث و الكتاب و القلم و المختبر أصبحت ساحات للعنف الجامعي و الذي هو جزء من العنف المجتمعي، مما يستدعي هو الآخر معالجة جريئة تأخذ بعين الاعتبار أسبابه الداخلية و الخارجية و امتداداته في المجتمع.
سادسا: إننا كأردنيين لا نخاف و نفزع مما يطرح حولنا أو يخطط لنا إذا كنا متماسكين فمواجهة الاخطار لا تكون بأصحاب الولاء المُكْلِف الذين لن تجدهم في ساعات الشدة، و إنما بأبناء هذا الوطن الذين لا يرون فيه حقيبة سفر أو سوبرماركت إذا فرغت محتوياته انتقلوا إلى غيره، فنحن كأبناء عشائر و مع كافة أطياف و مكونات المجتمع الأردني في بواديه و أريافه و مدنه و مخيماته نقاوم منهجية الوطن البديل أو التوطين أو سياسات التجنيس الجماعية، لأنها فوق كونها خطرا على أصحاب القضية الفلسطينية فإنها خطر على الأردن.
سابعا: إننا بحاجة كأردنيين إلى ميثاق تطرحه العشائر الأردنية ينبثق عنه مؤتمر وطني نلتزم به في بناء الدولة الأردنية الحديثة، و في الوقت الذي نعترف فيه بوجود مكونات أُخرى للمجتمع لكننا نعتبر هذه المكونات لها تطلعاتها و برامجها و من يمثلها و يطرح باسمها، و نود أن نُذكّر بأن مستقبل القضية الفلسطينية لا زال غير واضح و حل الدولتين أصبح أكثر بعدا، مما يستدعي مواجهة صلبة لمشروعات التوطين و تعزيزا أقوى للوحدة الوطنية لإحباط هذه المشاريع التي تستهدف الشعبين الأردني و الفلسطيني معاً.
جلالة الملك، إن ما يجري في المنطقة من حولنا مفزع و رهيب من الدماء التي تسيل و توالي المطالبات التي بدأت بسيطة ثم أصبحت ككرة الثلج تتدحرج و تطال الكثيرين، و هنا نحن كمثقفين و أكاديميين ندعو إلى مبادرة من جلالتكم بقيادة الإصلاح بدلا من الاحتكام للشارع ليقود الإصلاح و إن تجديد البطانة أساس في تسريع هذه العملية حتى لا تبقى قوى الشد العكسي و شِلل المنتفعين و المصلحيين هم المسيطرون على مقاليد الأمور سواء بشكل مباشر أو من خلال من صنعوهم ليمثلوهم و أوْكلوا إليهم أمور البلاد و العباد.
جلالة الملك، إن بعض ما صدر مؤخرا من تصريحات عن بعض أفراد عشائر عباد لم يعجبنا و لم نتفق معه، و نأمل من جلالتكم أن يتم طي هذا الموضوع بحكمة و رؤية جلالتكم، فأنت رب هذه الأسرة و كبيرها، و الصفح و التسامح هو سمة الهاشميين.
و في الختام فإن هذه صيحة من أبناء وطن يعتزون بالإنتماء إليه، و يتمنون لجلالتكم التوفيق و السداد و لأردننا العزة و الرفعة .
حفظ الله هذا الوطن و سدد خطى جلالتكم على طريق الخير و منعة الأردن
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ِ
،
الجمعية الأكاديمية للبحوث و التنمية عنهم :
1)،،، أ.د حازم النهار المناصير،،،،،،،،،،،،،، الجامعة الأردنية
2)،،، أ.د محمد مصالحة ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الجامعة الأردنية
3)،،، أ.د شتيوي العبدلله ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،الجامعة الأردنية
4)،،، أ.د فايز محمد الربيع ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،جامعة العلوم الإسلامية
5)،،، أ.د زياد سلامة البخيت ،،،،،،،،،،،،،،،،،جامعة نيويورك
6)،،، د. ابراهيم شبلي العبادي ،،،،،،،،،،،،،،الجامعة الأردنية
7)،،، د. محمود عبدالله الحبيس ،،،،،،،،،،،،،جامعة البلقاء التطبيقية
8)،،، د. مشهور محمد طويقات ،،،،،،،،،،،،،جامعة البلقاء التطبيقية،،
9)،،، د. كريّم عبد الكريم النهار،،،،،،،،،،،،، جامعة البترا
10)، د. بلال خلف السكارنة ،،،،،،،،،،،،،،،،،جامعة الإسراء
11)، د. أحمد علي العويدي ،،،،،،،،،،،،،،،،،،الجامعة الأردنية
12)، د. محمود عقلة الحسامي ،،،،،،،،،،،،،الجامعة الأردنية
13)، د. بشير أحمد العلوان،،،،،،،،،،،،،،،،، جامعة البلقاء التطبيقية
14)، د. هيثم محمد النادر،،،،،،،،،،،،،،،،،،، جامعة البلقاء التطبيقية
15)، ،د. محمد موسى الشنيكات،،،،،،،،،،، جامعة البلقاء التطبيقية
16)، د. منعم عبد الكريم السعايدة ،،،،،،،،الجامعة الأردنية
17)، د. ابراهيم يوسف جويفل ،،،،،،،،،،،،جامعة جرش
18)، د. ملوح مفضي السليحات،،،،،، جامعة البلقاء التطبيقية
19)، د. موسى فلاح المناصير ،،،،،،،،جامعة مؤتة
20)، د. خالد حامد طاهرالشنيكات ،،،،جامعة البلقاء التطبيقية
21)، د. محمد عبد الحفيظ المناصير،، جامعة الشرق الأوسط
22)، د. عبد الرحمن سعد العرمان ،،،،،جامعة جرش
23)، د. محمد سليمان الشعار
24)، د. خالد خلف المحاميد
25)، د. عامر علي الشعار