احمد حسن الزعبي، – الراي
في أوائل الثمانينات، انتشرت في الأحياء الفقيرة والحواري المنزوية مهنة «تأجير البسكليتات»، البائسون فقط من كانوا يمتهنون هذه المهنة، فميزاتها الأساسية : أن رأسمالها قليل والربح مضمون والمخاطرة تراوح الصفر،والشغل لا يستقيم إلا من خلال «امتاع» أولاد الفقراء، بالركوب المؤقت..باختصار هي مهنة الحزانى: لأن ربح «البائس» لا يتأتى إلا من متعة «الفقير».
شروط التأجير سهلة : ركوب الدراجة لمدة خمس دقائق بخمسة قروش، أحياناً كان يتم الاتفاق مع المستأجر شفوياً، وأحيانا بالعرف؛ طبعاً العرف لا يحصل الا بعد وثوق صاحب الدراجة بالزبون، اقصد بعد عدة «رهنيات» سابقة يضعها «الصبي» عند مالك «البسكليت» :مثل ساعة يد، «قنينة بيبسي فاضية»،»شنتة كتب»،بلوزة،أي شيء…عند تكرّس الثقة، يستطيع ان يأتي «الولد» الى المحل بأي وقت،، يأخذ دراجة من الدراجات الواقفة، منبهّاً المؤجر أن ينظر الى ساعته، ويتركه يمضي، بعد خمس دقائق يخرج صاحب «البسكليت» من باب محله، يلتفت حول الدكان ثم ينظر الى آخر الشارع، فإذا لمحه، من بعيد يصفّر له ويلوّح بيديه..فيصيح الولد من مكانه : شووووووو؟…فيقول له المؤجر: «خالص لك بالشلن»!!!..
اعرف بعضهم، لم يكن يقطع أمتاراً معدودة عن درجة المحل، فما، ان يبدأ بضبط توازنه على العجلتين ويستقيم ميزان قيادته، حتى يصيح صاحب الدراجة..»خالص لك بالشلن»..وبعضهم الآخر سيء الطالع ما أن يخرج من باب المحل، حتى ينفلت الجنزير من مكانه ومع ذلك كان يقول لهم صاحب الدراجة: «خالص لك بالشلن» …منذ ذلك التاريخ ارتبط الشلن في مخيلتي «باللف والدوران»..ومنذ ذلك التاريخ عرفت أن «الشلن دافعه دافعه..للاستمتاع أو لحمة البال لا فرق»..
***
بخصوص المتّهمين الذين اوقفوا 14 يوماً في الجويدة، ثم كفّلوا….هل هؤلاء»خالص الهم بالشلن» أيضاً، بمعنى لن يحاكموا ثانية بقضايا أخرى او يتم التحقيق معهم من جديد..أم أن الشعب « خالص له بالشلن» بدل إمتاعه بثلاث أو أربع قضايا فساد فقط لا غير..
متى سنقول للحيتان الفالتة « خالصلكو بالوطن»!!
ومتى سنطيل متعة الفقير قليلاً…متى؟؟؟؟؟؟؟
ahmedalzoubi@hotmail.com