رسائل الحب بالنظرات :
هل تعلم أن الكائنات الحية ذات العينين ، تستقبل وتُرسل بعينيها الرسائل الغرامية إلى أترابها من فصيلتها ، فتعبِّر من خلالها عن العشق والهيام ، وأنها راغبة في اللقاء وممارسة الجنس ؟ وهل تعلم أن رسائل التربية والقِيَم والأعراف الاجتماعية ، تضع قيودا على السلوك الجنسي لدى الآدميين ، فتعمل بذلك على الاستخفاء وعدم الإفصاح ، وتقييد التعبير عما يعتمل في القلب من رغبة في الالتقاء الجنسي إلا في الحدود المشروعة ؟
ولكن برغم تلك القيود الصريحة والمعلنة التي لا يمكن إخفاؤها ، لا يتسنى للمرء في الغالب أن يُلجِم عينيه وكبح جماحها ومنعهما من التعبير عما يخالج القلب من مشاعر . فمن الممكن ان يتحاشى المرء مصارحة من يتعشقها قلبه بمشاعره الوجدانية ، ومن الممكن ألا يتصافحا بالأيدي ، أو أن يأتي أي منهما بالحركات الدالة على الإعجاب ، ولكن من غير الممكن تقريبا أن تلتقي الأعين دون أن تتبادل الرسائل التي تتضمن الحب والهيام . ونكاد نقول إن رقابة المجتمع يمكن أن تطول كل سلوك يصدر عن المرء ، ولكنها تعجز عن مراقبة سلوك العينين ، وما ترسلانه أو تستقبلانه من رسائل الحب والهيام .
بيد أن السلوك الذي تسلكه العينان ، قد لا يتطابق مع السلوك الذي يتخذه المرء بلسانه أو بملامح الوجه ، أو بغير ذلك من سلوك بادٍ للعيان . فليس مجرد أن تتقابل العينان مع عينيْ شخص من الجنس المقابل ، وتتراسل معلنة بأن الإعجاب متبادل بين أصحاب تلك الأعين ، أن مشوار الغرام سوف يستمر حتى نهاية المطاف ، بل إن ما تشرَّبه المرء من قيم دينية واجتماعية ، يقف في الغالب لسد الطريق أمام الاستمرار في طريق الحب .