تشكل الاعداد الكبيرة للاخوة الليبيين الذين توافدوا لتلقي العلاج في الاردن تعبيرا حقيقيا عن حالة الحب والامتنان التي يكنها الاشقاء في ليبيا للاردن قيادة وشعبا على وقوفم معهم اثناء ثورتهم الاخيرة ، وقد وفر الاردن بما يتمتع به من سمعة طبية مميزة ايضا الخيار المفضل للاخوة في ليبيا علما ان العلاج في الاردن يعتبر الاقل تكلفة بين الدول التي تقدم العلاج الممتاز على مستوى العالم ، ولكن ومع حالة الاكتظاظ الكبيرة التي شهدناها في الاسابيع الماضية بدأت تطفو على السطح حالات من التذمر بين المرضى الاردنيين الذين لم يعودوا يجدوا اسرة فارغة لهم في مستشفيات القطاع الخاص ، وهذا بطبيعة الحال امر غير مقبول ولكن من الممكن معالجته عن طريق تنظيم توافد الاخوة الليبيين للعلاج حسب مواعيد محددة ، وبشكل يضمن ان يظل الباب مفتوحا في وجه الاخوة الليبيين الذين اصبح من المألوف ان نراهم ونسمعهم في المولات ، ومحلات السوبر ماركت ، وفي المقاهي والمطاعم ، إلى جانب المستشفيات والعيادات الطبية بالطبع ، كما لو انهم تحولوا الى شريحة جديدة من شرائح المجتمع الأردني .
علاقة مميزة
الدكتور زهير ابو فارس المدير الطبي في مستشفى ابن الهيثم ، قال ان اختيار الاخوة الليبيين العلاج في الأردن جاء بالدرجة الاولى للسمعة الممتازة التي يتمتع بها القطاع الطبي في المملكة ، وقد كان الجرحى اول من بدأ بالتوافد ثم اصبحت بعد ذلك الحالات المرضية العادية هي التي تأتي لتلقي العلاج ، وبين ابو فارس ان نسبة الحالات الطارئة بين المرضى الليبيين الآن لا تتجاوز 5% ، وبالتالي يمكن ان تتم عملية تنظيم علاج اشقائنا الليبيين بكل يسر وبما لا يسبب اي ازدحام في المستشفيات الاردنية ، وعملية التنظيم يتم الاعداد لها الآن ومن الواضح انها سوف تكون من ضمن اولويات زيارة رئيس الوزراء الى ليبيا ، واكد ابو فارس ان طريقة طرح بعض وسائل الاعلام لهذا الملف كانت تشوبه كثير من السلبيات ، وكان الأولى ان نقدم الشكر للاخوة الليبيين الذين اختاروا الاردن من بين العديد من الدول التي كان من الممكن ان تقدم لهم هذه الخدمة ، واضاف ابو فارس ان العلاقات الاردنية الليبية وبفضل جهود جلالة الملك عبد الله الثاني هي الآن بافضل حالاتها والافاق مفتوحة للاستثمار في مختلف المجالات بين الطرفين بما يخدم المصلحة ويحقق الفائدة للجميع .
قرارات غير عملية
اما بالنسبة لوزارة الصحة فقد شكل قرار وزير الصحة بتوزيع المرضى الليبيين ممن يتلقون الرعاية الصحية في مستشفيات عمان ويتجاوز عددهم 20 ألفا، على محافظات الشمال والوسط والجنوب للتخفيف على متلقي العلاج في العاصمة، ردود فعل كادت في مجملها تجمع على عدم نجاعة هذا القرار ، فقد اعتبر نائب رئيس جمعية المستشفيات الخاصة الدكتور نائل زيدان في حديثه للدستور ان هذا القرار غير عملي بسبب عدم توفر الخدمات الطبية المطلوبة لعلاج هؤلاء المرضى في المحافظات . وذلك بسبب ان غالبية الحالات تتعلق بالعيون والاورام وجراحة العظام والمفاصل وهي تتطلب تكنولوجيا متطورة لا تتوفر في مستشفيات المحافظات . ونفى زيدان ان تكون هناك عمليات سمسرة من المستشفيات الخاصة ، حيث ان اللجنة الليبية في عمان تطالب بشكل يومي المستشفيات الخاصة بتوفير اسرة للمرضى الليبيين في حين انه لا توجد اسرة فارغة في جميع المستشفيات الخاصة ، مما ينفي تماما وجود اي عملية سمسرة ، وتمنى زيدان ان تخرج الزيارة التي يقوم بها رئيس الوزراء برفقة وفد صحي من القطاع العام والخاص بآليات يكون من شأنها تنظيم عملية علاج الاشقاء الليبيين في الاردن ، ولفت زيدان النظر انه من المتوقع ان تصل عوائد السياحة العلاجية في الاردن الى 2 مليار دولار .
حلول ناجعة
الناطق الاعلامي في وزارة الصحة حاتم الازرعي ، قال ان موضوع تنظيم تدفق الاخوة الليبيين للعلاج سوف يكون من اهم المواضيع التي نوقشت في زيارة رئيس الوزراء الى ليبيا ، حيث من المتوقع ان تكون هناك حلول ناجعة لهذه القضية في ظل الحرص على نمو العلاقة بين الجانبين ، اما بالنسبة لرد جمعية المستشفيات الخاصة على تصريحات وزير الصحة و تعليقهم على قرار توزيع المرضى الليبيين على المستشفيات في المحافظات ، قال الازرعي انه لا يوجد لديه شيء يضيفه على تصريحات الوزير في هذا الشأن ، وبين انه من المنتظر عند عودة الوزير ان تكون مختلف هذه القضايا قد تمت معالجتها والتوافق عليها بين جميع الاطراف .
علاقة متطورة
الخبير الاقتصادي حسام عايش ، قال انه ومن نتائج الثورة الليبية تدفق الاخوة الليبين على الاردن بشكل لم يسبق له مثيل ، وذلك لغايات مختلفة في مقدمتها طلب المعالجة الطبية وفي ثناياها التعرف على الاردن الوطن والشعب الذي يحمل له الليبيون كل محبة وتقدير قبل ثوره 17 فبراير ، وبالتاكيد فان قدومهم هو بمثابة اعتراف منهم بفضل الاردن ابان ثورتهم وهم يردون الجميل على طريقتهم بالقدوم اليه وانفاق عشرات الملايين من الدنانير في اسواقه في ظل ظروف صعبة يعاني منها الاقتصاد والمواطن الاردني ، فالنمو الاقتصادي بالكاد يصل الى 2.5% والتراجع في حوالات المغتربين بحوالي 5.2% ، وفي الاستثمارات بما يقارب 40% ، وفي الايرادات السياحية بحوالي 18% ،وغيرها من المؤشرات الاقتصادية غير المريحة ، جعل من وجود الاخوة الليبيين في الاردن احد اهم مدخلات الحراك الاقتصادي ، كما ان العلاقات الاردنية الليبية الجديدة والتي يحركها قدوم الليبين الى الاردن ستفتح الافاق لاشكال اكثر تطورا وبالذات فتح الابواب امام الاردنيين للعمل في ليبيا والاستثمار هناك ، والاهم جذب المزيد من الاستثمارات الليبية الى الاردن والتي يقدر حجمها في بورصة عمان لوحدها بما يزيد عن 550 مليون دينار ، ما يجعلها تفوق استثمارات البحرين والامارات ، ناهيك عن استثمارات صناعية ومصرفية واستثمارات فردية اخرى ، كما ان حوالات العاملين الاردنيين في ليبيا ربما تحتل المرتبة الثالثة او الرابعة بين دول الاغتراب الاردني من حيث حجمها وهي مرشحة للارتفاع مع تدفق العمالة الاردنية المرحب بها في ليبيا .
وجودهم نعمة
واكد عايش اننا امام اشقاء يحبون الاردن وعلينا ان نبادلهم الحب بالحب وهو ما يتطلب عدم تكبير الاخطاء او المشكلات غير المقصودة من طرفهم ، وعليه وحتى يمكن التخلص من بعض الاشكالات يمكن اعداد نشرات تعريفية تقدم لكل ضيف ليبي عند وصوله المنافذ الحدودية تدون فيها بعض المعلومات المهمة وكيفية التصرف مع بعض الارشادات ، كما يمكن للحكومة الاردنية تعيين بعض الاشخاص او الجهات التي تقوم باستقبال الليبيين وارشادهم ، ومن جانبنا فان وجود الليبين في الاردن في هذه الظروف نعمة يجب ان نقدر نتائجها القائمة والمتوقعة ، فنحن ننفتح على سوق جديد واعد اهله ياتون الينا قبل ان نذهب اليهم ، لذلك دعونا نرحب بهم ونعطيهم افضل صورة عن بلدنا ونتفهم بعض ما نعتقد انها مشاكل يتسببون بها ، فهم لاول مرة منذ اربعين عاما يتصرفون بعيدا عن قواعد الكتاب الاخضر ، فلا باس بذلك فنحن ايضا ساندناهم من اجل الحرية وعلينا تحمل بعض تمارينها .