أعلن وزير تطوير القطاع العام جدولاً يبين زيادات المعلمين في ضوء برنامج الهيكلة, والجدول يعرض أرقاماً للزيادة تتراوح بين 35 و117 ديناراً, ولكن بعد التدقيق سيتبين أن هذه الأرقام محسوبة وفق ما يطالب به المعلمون وليس وفق ما تحقق لهم فعلاً ومباشرة, أي ان الأرقام صحيحة ولكن بعد ثلاث سنوات.
يقال أن الشيطان يكمن في التفاصيل, وهذا يشمل برنامج الهيكلة أيضاً, ويصعب على الشخص الواحد استيعاب مختلف الحالات, وانت قد تزور إحدى الدوائر أو المدارس وتجد بعض السعداء الى جانب كثير من الغاضبين من الهيكلة, والسبب أن الأمر متشعب وأنتج تقسيماً للموظفين الى عشرات الأوضاع والمواقف, وخلال الأشهر الماضية انخرط الموظفون الأردنيون في عمليات حساب لا تنتهي, وفي الأثناء برز في كل دائرة ومؤسسة “خبير” في عمليات حساب الأثر المالي الخاص بكل حالة:
فالموظف المعين حديثاً قد يكون سعيداً بسبب ما تحقق من ارتفاع في قيمة “الأساسي” وهو ما يعني انه سيبدأ براتب إجمالي أفضل, ومثله الموظف على أبواب التقاعد”, لأن التقاعد يحسب “على الأساسي”, بينما قد يغضب موظف في منتصف خدمته لأنه حُرِم من علاواته الاعتيادية, وهو ما يعني نقصاً في الراتب, وسوف يبقى غاضباً حتى يقترب موعد تقاعده, وهناك الكثير من المصطلحات والمفاهيم الضرورية لفهم شتى الحالات.
غير أن الصديق المعلم الذي كان يشرح لي هذه الأوضاع, أبدى أسفه للصورة التي تقدم فيها قضية اضراب المعلمين للمجتمع والرأي العام. فكل القضايا الجوهرية التي كانت سبباً في تحرك المعلمين منذ سنتين (وهي لا تقتصر على الرواتب), لم تحل.
إن راتب المعلم المنخفض أصلاً يعد جزءاً من بيئة عمل غير مناسبة, ومن المؤسف أن محاولات تحسين عنصر الراتب جرت في أجواء مهينة. يجري ذلك في قطاع يفترض أنه ذو صلة وثيقة بقضايا الكرامة, لا على مستوى الأفراد أو الفئة المعنية فقط, بل على المستوى الوطني كله.
ahmadabukhalil@hotmail.com