ماذا نعمل ليحبنا الآخرون؟
لا تدعوا المحبة تقتصر على مدة الهيجان الابتدائي. فكثيرا ما يتفق أن يكون هذا الهيجان والحرارة التي تحصل في بداية كل علاقة عشق وغرام، ناشئة من النقص العاطفي. فهذه الهيجانات لايطول زمنها ومن المفروض أن لا نكتفي ببقاء العلاقة العاطفية بيننا بهذا المستوى. وإلا فلابد من الحصول على أكثر متعة ممكنة من هذه المحبة. السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: أساسا، هل أن رغبتنا بأن يحبنا الآخرون، شيء فشيء؟ وإذا لم يكن كذلك؛ فماذا نعمل ليحبنا الآخرون؟ في زيارة أمين الله -التي تعد من أكثر الزيارات اعتبارا عندنا نحن الشيعة- يطلب الزائر فيها من الله سبحانه أن سجعله محبوبا في الأرض و في السماء: "...محبوبة في أرضك وفي سمائك".
أولا، فمن الحسن أن يتمنى المرء بأن يكون محبوب القلوب، ولهذا نحن نطلب هذا الأمر في زيارة أمين الله. ثانيا، التمتع والتلذذ بمحبة الآخرين أيضا شيء حسن. فمن الحسن أن يكون المرء محبوبا، بيد أن هذا الأمر له سبيل معين وسبيله يمر بيوت أولياء الله جل وعلا. القرآن الكريم يتكلم عن فرعون ويقول أنه لسوئه لم تبكى عليه السماء والأرض حيث يقول: "فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين".[1] فقوله تعالى أن السماء والارض لم تبكيا عليه، يدل على هذا الواقع وهو، إن الإنسان الخير إذا مات، تبكي عليه السماء والارض. وهذا يعني أنه محبوب في السماء والارض. إذن، متى يحبك كل الناس؟ ذلك عندما تجد نفسك خاليا من الأنانية، أي عندما تنحر الأنانية وتقدما قربانا لعشق ومحبة أكبر. عندها لايمكن أن لا تحبك زوجتك.
أتدرون ماهي أرقى محبة تحصل بين شخصين، خصوصا من تربطهما العلاقة الزوجية؟ هي عندما يهيم الاثنان بمعشوق أرقة، فلو أحب الزوجين الإمام الحجة(عجل الله تعالى فرجه) حبا واقعيا، أي حبا يجردهما عن الأنانية؛ يمكنهما عندئذ تجربة عشق وحب طاهر فيما بينهما، وكلما ازداد حبهما لهذا الشخص، ازدادت اللذة والمتعة الحاصلة من المحبة فيما بينهما وكانت أكثر عمقا. فعند ذلك لو وضع أحدهما يده في يد الآخر عند صعود جبل مثلا وقد كانا يتناجيان ويتهامسان فيما بينهما، فبالتأكيد لا يمكن الحصول على علاقة حب وغرام أجمل من هذه العلاقة. لأن هذين الزوجين قد طبقا قاعدة "المثلث الذهبي" في حياتهما.
الحياة: سلوك بمحبة
مفهوم المحبة من المفاهيم البشرية البديهية التي يمكن للجميع درك بداهتها وجمالها بسهولة. ولا حاجة بتثقيف المرء على أن المحبة والعاطفة والحنان هي من ثروات الانسان الأصلية والجميلة التي كلما استمتع منها في حياته أكثر، كلما زادته رشدا إلى رشده. كلنا يعلم بأن البشر، كالورود التي تنعشها أناشيد المحبة وتزيدها طراوة وحلاوة، فلا يوجد في البشر شخص ينزعج من حب الآخرين له. فنحن من بداية حياتنا إلى نهايتها نسعى وراء المحبة. إذ قد أودع الله سبحانه في حياة الجميع نوع نقص عاطفي، يجعلنا نشعر بشعور حسن وعذب عندما نتقرب من المحبة ونلمس حرارتها.
ففي الحقيقة، إن حياتنا هي نوع فعالية سير وسلوك للمحبة، وبوسعنا في هذا السير، تجربة عدة أنواع من المحبات المختلفة والمتفاوتة من حيث أنواعها ومن حيث أنواعها ومن حيث شدتها وضعفها. فمرة نجرب محبة الأم والأب، ومرة نجرب محبة الزوج، ومرة أخرى نجرب محبة المولى. وكل واحد من هذه المحبات من الممكن أن يكون ضعيفا أو قويا.
على كل حال، ففي خصم السير والسلوك للمحبة، من الممكن أن تحصل عدة حوادث كلها ضرورية لرشد الإنسان ومن غير الممكن أن تضر بأصل المحبة في شيء. فمثلا، في فترة البلوغ و بعدها بقليل، يبدأ الأطفال بالإبتعاد عن أهلهم شيئا فشيئا، وهذا الأمر لا يعني الاستغناء عن عواطف الأسرة، بل بسبب أنهم يرغبون في تجربة محبة جديدة يمكنهم الحصول عليها من أترابهم و من هم بأعمارهم. فالإنسان هو دائما في تجربة لمحبة جديدة في حياته. وبالطبع على هذه المحبة الجديدة، أن تضع الإنسان في مسير الرشد و التكامل. وطبعا لا استثناء للمحبة التي يكون دورها بعد سن البلوغ، إذ لابدلها أن تخلق للفتيان أرضية الرشد و التكامل.
بعد مرحلة الميل إلى أترابهم، تظهر عند الأولاد شيئا فشيئا إحساس الميل إلى التحيز للأسرة وبالطبع هذه الحالة تختلف تماما عما جربوه مع والديهم. ففي هذه المرحلة تحصل لديهم الرغبة على تشكيل الأسرة بأنفسهم. وهذا السير يستمر هكذا وفي أثنائه يجرب الانسان أنواع من المحبات الجديدة المختلفة، مثل محبة الأولاد و... و... على كل حال، فكل هذه المحبات ضرورية ولا يمكن لأي منها أن تحل محل الأخرى.
يتبع إن شاء الله...
[1]. الدخان/29
لا تدعوا المحبة تقتصر على مدة الهيجان الابتدائي. فكثيرا ما يتفق أن يكون هذا الهيجان والحرارة التي تحصل في بداية كل علاقة عشق وغرام، ناشئة من النقص العاطفي. فهذه الهيجانات لايطول زمنها ومن المفروض أن لا نكتفي ببقاء العلاقة العاطفية بيننا بهذا المستوى. وإلا فلابد من الحصول على أكثر متعة ممكنة من هذه المحبة. السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: أساسا، هل أن رغبتنا بأن يحبنا الآخرون، شيء فشيء؟ وإذا لم يكن كذلك؛ فماذا نعمل ليحبنا الآخرون؟ في زيارة أمين الله -التي تعد من أكثر الزيارات اعتبارا عندنا نحن الشيعة- يطلب الزائر فيها من الله سبحانه أن سجعله محبوبا في الأرض و في السماء: "...محبوبة في أرضك وفي سمائك".
أولا، فمن الحسن أن يتمنى المرء بأن يكون محبوب القلوب، ولهذا نحن نطلب هذا الأمر في زيارة أمين الله. ثانيا، التمتع والتلذذ بمحبة الآخرين أيضا شيء حسن. فمن الحسن أن يكون المرء محبوبا، بيد أن هذا الأمر له سبيل معين وسبيله يمر بيوت أولياء الله جل وعلا. القرآن الكريم يتكلم عن فرعون ويقول أنه لسوئه لم تبكى عليه السماء والأرض حيث يقول: "فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين".[1] فقوله تعالى أن السماء والارض لم تبكيا عليه، يدل على هذا الواقع وهو، إن الإنسان الخير إذا مات، تبكي عليه السماء والارض. وهذا يعني أنه محبوب في السماء والارض. إذن، متى يحبك كل الناس؟ ذلك عندما تجد نفسك خاليا من الأنانية، أي عندما تنحر الأنانية وتقدما قربانا لعشق ومحبة أكبر. عندها لايمكن أن لا تحبك زوجتك.
أتدرون ماهي أرقى محبة تحصل بين شخصين، خصوصا من تربطهما العلاقة الزوجية؟ هي عندما يهيم الاثنان بمعشوق أرقة، فلو أحب الزوجين الإمام الحجة(عجل الله تعالى فرجه) حبا واقعيا، أي حبا يجردهما عن الأنانية؛ يمكنهما عندئذ تجربة عشق وحب طاهر فيما بينهما، وكلما ازداد حبهما لهذا الشخص، ازدادت اللذة والمتعة الحاصلة من المحبة فيما بينهما وكانت أكثر عمقا. فعند ذلك لو وضع أحدهما يده في يد الآخر عند صعود جبل مثلا وقد كانا يتناجيان ويتهامسان فيما بينهما، فبالتأكيد لا يمكن الحصول على علاقة حب وغرام أجمل من هذه العلاقة. لأن هذين الزوجين قد طبقا قاعدة "المثلث الذهبي" في حياتهما.
الحياة: سلوك بمحبة
مفهوم المحبة من المفاهيم البشرية البديهية التي يمكن للجميع درك بداهتها وجمالها بسهولة. ولا حاجة بتثقيف المرء على أن المحبة والعاطفة والحنان هي من ثروات الانسان الأصلية والجميلة التي كلما استمتع منها في حياته أكثر، كلما زادته رشدا إلى رشده. كلنا يعلم بأن البشر، كالورود التي تنعشها أناشيد المحبة وتزيدها طراوة وحلاوة، فلا يوجد في البشر شخص ينزعج من حب الآخرين له. فنحن من بداية حياتنا إلى نهايتها نسعى وراء المحبة. إذ قد أودع الله سبحانه في حياة الجميع نوع نقص عاطفي، يجعلنا نشعر بشعور حسن وعذب عندما نتقرب من المحبة ونلمس حرارتها.
ففي الحقيقة، إن حياتنا هي نوع فعالية سير وسلوك للمحبة، وبوسعنا في هذا السير، تجربة عدة أنواع من المحبات المختلفة والمتفاوتة من حيث أنواعها ومن حيث أنواعها ومن حيث شدتها وضعفها. فمرة نجرب محبة الأم والأب، ومرة نجرب محبة الزوج، ومرة أخرى نجرب محبة المولى. وكل واحد من هذه المحبات من الممكن أن يكون ضعيفا أو قويا.
على كل حال، ففي خصم السير والسلوك للمحبة، من الممكن أن تحصل عدة حوادث كلها ضرورية لرشد الإنسان ومن غير الممكن أن تضر بأصل المحبة في شيء. فمثلا، في فترة البلوغ و بعدها بقليل، يبدأ الأطفال بالإبتعاد عن أهلهم شيئا فشيئا، وهذا الأمر لا يعني الاستغناء عن عواطف الأسرة، بل بسبب أنهم يرغبون في تجربة محبة جديدة يمكنهم الحصول عليها من أترابهم و من هم بأعمارهم. فالإنسان هو دائما في تجربة لمحبة جديدة في حياته. وبالطبع على هذه المحبة الجديدة، أن تضع الإنسان في مسير الرشد و التكامل. وطبعا لا استثناء للمحبة التي يكون دورها بعد سن البلوغ، إذ لابدلها أن تخلق للفتيان أرضية الرشد و التكامل.
بعد مرحلة الميل إلى أترابهم، تظهر عند الأولاد شيئا فشيئا إحساس الميل إلى التحيز للأسرة وبالطبع هذه الحالة تختلف تماما عما جربوه مع والديهم. ففي هذه المرحلة تحصل لديهم الرغبة على تشكيل الأسرة بأنفسهم. وهذا السير يستمر هكذا وفي أثنائه يجرب الانسان أنواع من المحبات الجديدة المختلفة، مثل محبة الأولاد و... و... على كل حال، فكل هذه المحبات ضرورية ولا يمكن لأي منها أن تحل محل الأخرى.
يتبع إن شاء الله...
[1]. الدخان/29