لطالما حلم أبو العز باللحظة التي يكمل بها دراسته الثانوية ، وينهي تلك السنة المتعبة والشاقة ، ويتوج مجهوده بالانتساب إلى الجامعة بالتخصص الذي يناسب قدراته وطموحاته .
انتهى ذاك العام .. وبدءت المرحلة الجديدة بحياة أبو العز .. لكنها للأسف صفعة صديقنا ” كف ” افقده الكثير من أحلامه ، فالجامعة ليست للطامحين والحالمين .. الجامعة لمن يمتلك أكثر .
لم ييأس أبو العز وكما عهدناه قوياً في الشدائد … جباراً على الأزمات ،ليبدء البحث عن التخصص الذي يناسب ” حالته المادية ” .
وبالفعل ينتهي المشوار الشاق بصديقنا أبو العز بدراسة التمريض كون ساعته الجامعية لا تتجاوز الـ ” 10 ” دنانير .
أربع سنواات من العناء ، وثمانية فصول من ” المرمطة ” ، وصديقنا ابو العز صابر وراضي علي ناسيني وروحي فيه .. عفواً على الوضع ” المرير ” ومعاناة تحصيل القسط كل فصل دراسي .
تنتهي الأربع سنوات .. مخلفة الكثير من الخساااائر المادية ، فوالدة أبو العز لم يبقى لديها سوى خاتم الخطبة ، وكل ما في يدها من “أساور” قد راح ضحية التعليم في الجامعات الأردنية .
والمحزن أن صديقنا أبو العز لم يكن قادراً في تلك الفترة سوى العمل الليلي في بعض المطاعم .. فهي على الأقل قد تستطيع امداده بما يحتاج من نقود للذهاب إلى الجامعة ، ومع كل ليلة شاقة كانت تمضي عليه كان أبو العز يتخيل ذاك اليوم الذي سيشتري لوالدته ما فقدته من الأسوار سبيل تعلمه .
تخرج أبو العز الآن وفرحة التخرج قد قتلتها البطالة ، فأبو العز عاطل عن العمل الآن ، وقد تفاجأ أن الشهادة والدرجة العالية ليست كااافية للعمل ، فالعنصر المفقود الآن هو عنصر ” فتامين واو ” .
أبو العز … يا أبو العز … يااااااااااا أبو العز ..
استمر أبو العز في بحثه ، ولم ييأس ، ولم ينصاع لمقولة ” إذا ما إلك حزّ ، اقعد وانطز ” واستمر لمدة تتجاوز الثمانية شهور ، وأخيراً جاءته مكالمة الفرج ، مديرية التربية والتعليم تطلب معلمين آحياء على البرنامج الإضافي .
وبالفعل كان أبو العز أول الواقفين صباحاً على باب المديرية ، وبالفعل أصبح أبو العز استاذاً لمادة الآحياء لكن المحزن في الموضوع أن أبو العز لا يتقاضى سوى “180″ ديناراً .
ياااا أبو العز … يا أبو الأسوار الذهب ..
وها هو صديقنا أبو العز قد أصبح استاذاً … وأبو العز ” الي ما بعرف وين الله حاطه ” سيصبح قدوة لمجموعة من الطلاب .
وبالفعل تمضي أول ثلاثة أيام وأبو العز يريد طباعة اوراق الامتحانات للطلبة … يستأذن المدير ، ويجلس على جهازه … ليشااااهد الكارثة .. المدير مصبح ” كاااابسة معاه ” .. والمدير القدوة لمجموعة القدوات ” المعلمين ” يشاهد أفلام إباحية .
” انعجق ” أبو العز .. وذهب مسرعاً إلى غرفة المعلمين وإذا بإستاذ يحمل مجموعة كبيرة من “الدوسيات” … يرمي ما بها من محتويات ويرتب ” الدوسيات ” ، استفز هذا المنظر صديقنا أبو العز .. فسأله عن سبب رمي الأوراق .
فقال الاستاذ ” القدوة ” أنه طلب أبحاث من الطلاب لأن الأوراق التي يمتلكها في البيت قد زادت كثيراً وأراد الحصول على دوسيات ولم يكلفه الموضوع سوى طلب أبحاث من الطلبة .
صعق أبو العز … فمن راتب ” بخزي ” إلى تعليم ” بقرف ” .. إلى معلمين ” باعوا كل شيء حتى الضمير ”
للأسف يا أبو العز … ” حتى الهدف الوحيد بحياتك أنك تربي جيل واعي … طلع تسلل ”