أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم في JO1R FORUM | منتديات شباب و صبايا الأردن، لكي تتمكن من المشاركة ومشاهدة جميع أقسام المنتدى وكافة الميزات ، يجب عليك إنشاء حساب جديد بالتسجيل بالضغط هنا أو تسجيل الدخول اضغط هنا إذا كنت عضواً .

بعضُ ما خبأتهُ الرياض

بعضُ ما خبأتهُ الرياض ..



look/images/icons/i1.gif بعضُ ما خبأتهُ الرياض ..
  20-05-2011 01:10 صباحاً  
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام : 05-08-2008
رقم العضوية : 12,196
المشاركات : 2,877
الجنس :
قوة السمعة : 859,003,115
22




بوجهٍ شاحب وعينين مجهدتين أفتحهما بصعوبة .. أفقتْ !

لم أكن في سريري ، وهذه الرائحة العارِقة ليست رائحة غرفتي ، وهؤلاء الواجمين لا أعرفهم .. كلهم يتكأ على الجدار يحاول النوم بصعوبة !
جدارٌ حقير ومقعد حديد وأرضٌ قذرة وقضبانٌ صفراء لا تسر الناظرين !
ها أنا في التوقيف مكللاً بالخذلان ، يا لعاقبة أمري ، ياللفاضحة ، ويا لسوء مآلي ،
أُفيقُ قديماً بين نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم و دوستويفسكي وأدباء العالم ، أتوسدُ كتبهم وأنام وقد وقع ماأقرأه على صدري كحمامةٍ فرشت جناحيها ..
..لأفيق الآن بين وجوهٍ لستُ أعرفها كلما فيها ينضحُ بالشر !

الساعةُ الآن تقتربُ من السادسة ، أوّاه هل نامتْ أمي ؟!
تسع مكالماتٍ كلها من بيتنا ليس بينها سارة ، لم يصلني صوتُ الرنين وأنا الغافي في بحر التعب !
هاتفتُ بيتنا وأدعو الله ألاّ يجيب أبي ، لم يكمل رنينه الثاني إلا وصوتُ أمي باكية ً وعبثاً أحاول التهدئة :

أخبرتها بأني في الإسعاف لأن صديقي مريض جداً ، أقسمتُ لها بأني بخير وأقسمتُ كذباً أن صديقي بات بخير ، جوالي نسيته في السيارة هكذا كذبت !
راحت تبتهل لله حمداً ورحتُ أطلب الرحمة منه .. سرقتها، لن يضيرها الآن كذبة !
رجلٌ بجواري على ثوبه آثار دم ، يبدو أن معركتهُ كانت شرسة !
والآخر مراهقٌ لا أدري ماقصته ، ربما استخفه الفوز فراح يرقصُ بالسيارة في مسرح الإسفلت ،
وأحد العمالة محتقنٌ وعينيه تشي بالبكاء الطويل .. ما قصته ؟
كلهم يتفرسني ويسأل نفس السؤال ..
.. رائحة المكان منتنة ، وهل كنتُ أنتظر بعد انحطاطي رائحة الورد !


في هذا المكان المهين ربما كفّرتُ عن ذنبي ياساره .. أجيبي بربك .
هاتفتُها لأول مرة ، ها هو صباح اليوم الرابع يرتفع ومن قلب المكان المحبط رحتُ أطلبها ولم تجب ،
بالتأكيد لم تنم ، هي الآن مع هيفاء مستغرقةٌ في أحاديث لا تتعلق بي ، أو ربما مستمتعة بوقتها في أفلام بوليود التي تحب غير عابئة ، صار فيصل شيئاً بطعم الماضي ليس أكثر !
أو ربما نائمةٌ ملء جفونها عن شواردها على السرير الذي ليس حديداً كالذي أتخذه !
طلبتُ الهاتف من الرجل المجاور لي فأعطانيه ، هاتفتُها برقمه الغريب فأجابت ، إذن يبدو أن رقمي مغضوبٌ عليه يا حلوتي ،
قالت بصوتها الناعم " ألو " وشعرتُ بشيء من أوكسجين وحشرجة بكاء ، كأني ضائعٌ في كوكبٍ مهجور سمِع النطق لأول مرة !
حين سمعَتْ صوتي أغلقتْ الهاتف في وجهي على الفور ، لا ، نسيتني حتماً ..

أليس هذا اسمي أم تراني نسيته ؟!
صوتُ أحدهم يناديني ، خرجتُ على وقع اسمي وأنا أدرك أن فضيحتي اقتربتْ ..
سيسألوني من أين أتيتْ ومكاني الذي كنت فيه ، وربما مع من مكثتْ وأين حصلتُ على ما جاء بي هنا !؟
سيأخذون عينةً من دمي ، بالتأكيد سيفعلون ذلك ، وسأتغابى وسأظن الأمر مجرد تبرع وتحديد فصيلة ،
سأقول فصيلتي " س +" ، وسيضحكون من هذه الفصيلة الجديدة !
وسيدوّنون لي ملفاً خاصاً بإسمي ، وسأوقع !
وسأحملُ ورقةً تخبرني أني بتّ مداناً بأكثر من 700 ريال ، وسأخبرهم أني مستعدٌ لدفع أكثر، لكن لا تحجزوا مركبتي ..
ياويلي إن افتقدها والدي.. حينها ماذا أقول له ؟!
ثم سأحملُ تعهداً يذكرني دائماً أنني بتّ أحد روّاد هذا المكان المأفون .. يا لخيبتي !


دخلتُ متردداً كمجرم ..

- أنت فيصل ؟
- نعم !

لم يكن في الغرفة إلا أنا وهو ..

كان ينظر لي بنظرة أسى .. عتب .. لا أدري :


- هل يرضيك الوضع الذي أنت فيه الآن ؟!

سؤاله غريب ولهجته أغرب..

- بالتأكيد لا ، أرجوك أنا ابنٌ لمريضة كبيرة ووالدي لا يحتمل هذه الأنباء

- لماذا ترمي بنفسك في هذا الدرب ؟! هل تبحث عن فضيحة
لا تتذكر أمك وأبوك حين تدخل هنا ، تذكرهم قبل أن تفعل ما يستوجبُ أدخالك !

أردتُ أن أبكي أن أرتمي على يديه أردتُ أن أصرخ فيهِ بأني لست سيئاً لكن ظروفي أسوأ !

- هل تعمل أو طالب أو ماذا ؟
- آخر فصل لغة عربية .. أول مرةٍ أأتي هنا أرجوك .. ساعدني

أخذ يحدثني طويلا ً .. لهجتهُ تطابق لهجتي وأكاد أقسم حتى الملامح متقاربة ..
كنتُ متعباً لا أستطيع الوقوف ، ولم أستطع طلب الجلوس .. وقفتُ كشجرةٍ أصلها في الأرض ورأسها في الأرض وجذعها في الهواء !
أفقتُ من خيبة أفكاري ، كان يمد لي أوراقي و يقول هيّا تفضل " انتبه لنفسك " ،
ماذا ؟ هل أدركتني رحمة ربي بدعاء أمي جوف الليل ..
لم أسأله لم أتحدث له ..حتى الشكر لم أشكره خشية أن يغيّر رأيه ..
خرجتُ على الفور حين عرفت كل شيء ، كنتُ أقرأ اسمه فوق بزته العسكرية ، كان ينتمي معي لنفس الفخذ والقبيلة !
وأخذتُ أفكر وأنا أطوي ممرات المخفر : ما موقفُ سارة لو عرفت هذا الأمر ، ألم تغضب منا وراحت تكيل لنا التهم !
والقابعون مثلي في ذاك القفص ، هل تطبق عليهم الإجراءات أم يُعفى عنهم ؟ لا ، في الرياض تعملُ الأسماء أكثر ..
طردتهم من هواجسي وهرولتُ للبوابة نافذاً بجلدي ، تباً لأمرهم لا يهم ..
..حظي اليوم كان جيداً هذا كل ما يهم !




كنتُ أتصلُ بسارة أكثر من عشرين مرة ولا ترد، وصلتُ بيتنا وقبلتُ أمي وبدأت حياكة أكاذيبي ، هه كانت تدعي لصديقي بالشفاء !
من حسن حظي أن والدي قد غادر لعمله ، لو رآني لكان الأمر قصةً أخرى .
تغيبتُ عن كليتي لهذا اليوم أيضاً ، وأنا الذي كان غيابي قليلاً كـ قلة الفرح في أيامي الثلاثة هذه !
تباً لقسوتكِ ياسارة لم لا تجيبين !؟
رميتُ رأسي على وسادتي متعباً ، قبل أغماض عيني صاح على الفور هاتفي معلناً استقباله لرسالة جديدة ، تصفحتها سريعا :

- " ظلمتني يا فيصل، أنا بريئة من كل ماوصمتني ، كنتُ أندفعُ معك رغم يقيني أني على خطأ ، لكن لجهلي كنت سعيدةً بك ووثقت فيك.
أرجوك لا تتصل . خلاص . أتمنى لك التوفيق في حياتك يارب . سارة "

هاتفتها حال انتهاء القراءة ، " الهاتف المطلوب مغلق "..
لم تعد تستقبل حتى رنيني !

* * *



استيقظتُ حزيناً ، تماماً كما نمتُ حزيناً ، وإن رأيتَ الحزن الشديد في عينِ أحدهم ففتش عن المرأة ..
عاد بيتنا كئيباً غادرته البهجة ، عاد المطبخ لفرشةٍ خضراء مملة و الفناء لصامتٍ كئيب و الجدران لقشور دهانٍ متسخة !
كان كل شيءٍ جميلاً يوم كانتْ سارة تملأ أرجائي .. آه ياسارة أحقاً انتهينا ؟!

أليس غريباً أن يتوقف الجَمال من حولك أو القُبح ، على علاقتك مع أحدهم ؟
ترى الكون رائعاً مبهجاً تارة ، ولا يتغير فيه شيء لكنك تراهُ موحشاً تارةً أخرى .!
أليس غريباً أن لا تتحكم في قلبك وعقلك الذي تمتلكه في جسدك ، ويتحكم به البعيد عنك ، جسدٌ آخر !
أليس غريباً أن يسيّر أحدٌ حياتك كيفما يريد ، يجعلها موحشة .. جميلة .. بائسة .. هكذا دون أن يكون لك في الأمر قدرة !
الثوّار الذين زلزلوا الأرض على الحكام والأنظمة التي تصادر الحريات ، هل ثاروا يوماً على امرأةٍ تتحكم في قلوبهم وتصادر حريتها ؟!
لا .. لم أسمع رجلاً ثار على امرأة طلباً لحريّته ، ربما لأن الأمر أصعب من مواجهة الساسة بكثير..


أخبرتُ فهد بما حدث ليلة البارحة .. لا أدري كنتُ أفضفض أم أتوب أم أحذره ..
وعرجنا على أحاديث الحب فجاءت ترفلُ سارة بعينيها الجميلتين وشعرتُ بقلبي ينقبض !

- هل تتذكر يافهد حديثنا على الجسر المعلق قبل شهرين ؟ يومَ قلت لي أن نيتشه أخطأ ، ليست الحياة غلطة بدون موسيقى ، غلطة بدون أنثى !

- نعم أتذكر ، وبالمناسبة فيصل أجدد اعتذاري، وأريد أن أخبرك بأمر وأخشى أن تغضب

- لا يا صديقي ، ليس في الأمر غضبٌ بعد اليوم .. قل ماتريد !

- يخص اندفاعك تجاهي يوم الجمعة، فقط أعطني الأمان

- أووووه يا فهد لا تكن صبياً هكذا .. تحدث بما تريد

وراح يلقي عليّ بالصاعقة :

- عندما كنتَ تريني رسائل سارة ،كنتُ في نهاية كل رسالة أحفظُ رقمها جيداً .. خزنته في ذاكرتي !
هههههه ومنذ خصامنا و أنا أُزعجها باتصالاتي، بالله لا تغضب أنت تعرف أني أفديك بروحي يا صديقي ولا يدر في خلدك أني أطمع بعلاقةٍ معها من خلفك،
فقط شعرتُ أن الأمر أشبه برهان وأردت إثبات زعمي ،
كما ترى ، ليس الأمر طعنة ، أردتُ أن أحميك من اندفاعك الغبي نحوها ، وأردتُ أن أثبت لك أنهنّ متسليات لا أكثر .
حسناً ، هل تصدق ؟ 4 أيام لم أظفر منها إلا بالشتم ؟ لم تكن حتى بوارد الرضوخ ، كانت تغلق الهاتف في وجهي كلما اتصلت ،
حين ألحّيتُ عليها برسالة أن نبدأ علاقةً هاتفيّةً لا أكثر.. أخبرتني أنها لا تستطيع ، أرسلت لي بعد إلحاح هذا المسج ، أليس هذا رقمها ؟ هاك اقرأ


" أنا أحب أحدهم ، هل هذا كافٍ لتبتعد عن إزعاجي ؟ أرفضك تماماً فأرجوك لا تكرر الاتصال "


هتفت مصعوقا :

- أنت ؟ انت فعلتها يا فهد ؟!

- لاتغضب، الأمر وما فيه أني كنتُ أريد حمايتك .. الآن أقولها لك ، هيَ صعبة المراس يا صديقي .. الآن بإمكانك أن تقول فيها ماتشاء لن أعاتبك ..

- بعد ماذا يافهد .. بعد ماذا ؟! كل شيء انتهى كل شيء

- ماذا ؟ كيف انتهى

هل أغضب من فعلته الشنيعة ؟ أم أفرح ؟ أم فات وقت الفرح ؟
هل أخبره بإهانتي لها .. وغضبها مني وانسداد الطريق ؟!
هل أسعد بكلامه أم أضربه حتى أهدأ ! آه لستُ أدري
وتباً لهاتفها الأحمق ، منذ الصباح مازال مغلقاً ..

" سارة أرجوك هاتفيني فور فتح الجهاز .. الأمر ضروري ، أرجوك "

ومازال مغلقاً ..
أرجأت حساب فهد لما بعد .. خرجتُ من عنده وقد قررتُ التهور !



لا شيء يبعث في الإنسان الشجاعة أكثر من خوفٍ آخر.. لا أدري من قالها أظنه نابليون ، لكنه صدق ..
مخافة أن تفلت سارة من يدي هذا ما يجعلني الشجاع الأول الآن !


كنتُ أنطلقُ ناحية بيتهم قبل أن تحل الخامسة ، ستخرجُ للمشي كعادتها ، وسترى جنوناً لم تره .. لا بأس لا تجيبيني !
أسير بسرعةٍ قصوى منطلقاً تجاه أحياء الرياض المترفة ، نعم يادوستويفسكي سننبهر من أنفسنا حين تنطلق .. أول من ينبهر أنت لو رأيتني الآن !
ألعن نفسي تارة وتارة ألعن فهد وأخرى ألعن سارة وهاتفها الذي مايزال مغلقاً ..


أقفُ أمام بيتهم الراقص في الظلال ، تحفه الأشجار المهذبة بعناية ، والطيور تتراقصُ فوق أغصانه الكثيفة ، تشعر بحريتها وأنا المقيّد !
وقفت نصف ساعة وأنا أقول إن لم تخرج اليوم ستخرج غداً !
هاهو السائقُ يخرجُ بالسيارة ، هذا هو الهودج الذي أعرفه جيداً ، رحتُ أنطلقُ خلفه ..
جنوني جعلني أتبع شقيقها ، أفلا يجعلني أنطلقُ خلفها هي !! حسناً وإن كان في الأمر هلاكي ..
وأقتربُ من السيارة لأتأكد ، هاهي سارة ، يبدو أن حظي جيد هذا المساء .. حسناً بدأت لعبة الموت الآن !


يتوقف السائق عند المكتبة فجأة ، وها هي تنزلُ بمشيتها التي بت أعرفها جيداً .. وبدأت أقلب الفكرة في رأسي :
أن ترى جنوني في هذا المكان خيرٌ من أن يشاهده أهل الرياض في الممشى جميعاً ، نعم هذا مكاني ، يبدو أن حظي في أوج سعده .. حسناً !
نزلتُ سريعاً خلفها ، فتحَتِ الباب ودخلتْ .. شرعتُ الباب خلفها ودخَلْت !
تركتها تبحث عما تريد ، أبقيتُ عيني عليها وفي نيتي أنها لن تخرج حتى ترى شيئاً لم تره من قبل طيلة حياتها ..
تركتها حتى انزوت ناحية الرف البعيد ، هناك في النقطة العمياء ، باتت بعيدةً عن ضجة المكان وهتف في داخلي رجلٌ مجنون أظنه ابليس:
ها قد حانت اللحظة ، انطلق يافيصل !


أمسكتُ يدها ولم أمهل شهقتها أن تتم :

- ليش ماتردين !

- . يامجنون

- نعم مجنون ، أمس كنت في التوقيف .. تسمعين ؟ لن أمانع في العودة إليه ـ لماذا لا تجيبيني لماذا

- فيصل الناس. لا تفضحني

كانت ثورتي تتصاعد وبدأ النظر يتقلص، لم أرَ إلا سارة وهذا الرف الذي تعلوه الكتب ، انفصلتُ عن الجميع ، لم أعبأ حتى بالمرأة التي اقتربت تواً ..
انزويت بها جانباً وكأني زوجها أو شقيقها وأهمس في أذنها همساً أريد أن يتحول لصراخ :

- ثلاثة أيام لأجل كلمةٍ لم أقلها ؟ ثلاثة أيام ، أتعلمين ماذا حدث لي
هل تعلمين أني أكلم نفسي ؟ صرت مجنوناً ، هل تعلمين أني لم أفرح حتى بفوز الهلال ، حرام عليك

- فيصل خلاص نتكلم بعدين تكفى

كان صوتها أشبه ببكاء ..

ومازلتُ أندفع كالطائرة التي تشق السحاب :

- اختباري بعد اربعة ايام ، حتى المذاكرة لا أستطيع ، أقسم لك لا أستطيع ، سامحيني أرجوك ،
ليس لي قبيلةٌ في هذه الدنيا ..أنتِ قبيلتي أنتِ .. سامحيني قوليها وأذهب .. لا أريد شيئاً أكثر

توجهتْ للبوابة مرعوبةً وهي تقول:

- أقسم بالله راح أكلمك الليلة فيصل بس .. أمانة يكفي


خرجتُ وخرجتْ ، ركبتْ مع سائقها ويبدو أنها أشارت عليه بالعودة ، سلك الحارة المجاورة ولم ينطلق في الطريق العام ، المسكينة أرعبتُها !
كنتُ أنظر للسيارات أمام الإشارة ، وللرائحين والغادين ، للمحلات التي يقف باعتها أمام بواباتها كأنهم ينظرون للشمس المائلة للغروب ،
لم يأبه لي أحد وليتهم فعلوا ، شعرتُ أني ممتليءٌ بالجرأة ، أريد أن يلومني أحدهم لأنطلق فيه منفّساً عن حنَقَي !


ركبتُ سيارتي وأغلقتُ بابها كعائدٍ من معركة ، أرخيتُ رأسي للوراء وبدأتُ استيعاب ما جرى ..
صدري يعلو ويهبط كموج .. أنفاسي لاهثة ، حمرة الدم تكسو بياض وجهي كسحابةٍ تغطي أديمَ سماء ،

لا لستُ أنا من اقتحم المكتبة وأحكم قبضته على يدها
لست أنا من حاصرها في هذه المدينة الآمنة حتى انتزع منها هذا القَسَم والوعد الليليّ !
لستُ انا من لم يعبأ بعدد المتواجدين داخلها أكانوا بالعشرات أم كانت خالية ..
لست أنا

أنا أبسطُ من هذا كله ، أنا أحقر وأقل من فعل ربع ذلك ، بل و الربع كثير !
أنا لست جريئاً ولم أكن كذلك أبداً ـ
ليس أنا من كان ينفض يدها ويهتفُ بها في زاوية الكتب ..
هذا إنسانٌ آخر يسكنني لا أعرفه ، لم ألتقيه طوال السنين .. انبعث فجأة !

رفعتُ يدي ووضعتها عند أنفي، شممتُ عطر سارة ، كان يصبغ راحتي ، وبدأت أصدق !


نعم فعلتُها .. نعم .. الأمر بات حقيقة ..
هكذا إذن .. إما أن تكون الحياة مغامرة ً جريئة أو لا تكون !
لا ياسيد فرانسيس بيكون ، تباً لك ولفلسفتك التي أضاعتني ، ليست " الجرأة وليدة الجهل " ياجاهل ، خذها مني أنا :
الجرأة وليدة الحب .. لكنك لم تعش في الرياض لتعرف !

رنين هاتفي يعلو و " سارة يتصل بك " :

- ألو

جاءت ثائرةً بصوتها المبحوح :

- يا مجنون يا مهبول يا متخلف أنت مجـ..

- أحبك!

يتبع ...



الساعة الآن 01:12 PM