بســم الله الرحمــن الرحــيم
قال تعالى في سورة الكهف :-
[SIZE="3]{ فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً } الآيه : 97
إن يأجوج ومأجوج لمّا رأوا السدّ أمامهم ، حاولوا أن يتسلّقوه فلم يستطيعوا ، وحاولوا أن ينقضوه فلم يستطيعوا أيضاً ،
فمعنى ( يظهروه ) : يتسلّقوه ويظهروا عليه . ومعنى ( نقباً ) : نقضه بالحفر .
والشاهد أن حذف التاء من الفعل في الجملة الأولى ، وذكره في الجملة الثانية جاء ليتناسق مع معنى كل واحدة منهما ، وإليكم بيان ذلك :
أولاً : لقد صنع ذو القرنين السدّ من زبر الحديد والنحاس المذاب ، ولمّا كان الصعود عليه أيسر وأسهل من إحداث نقب فيه ، فحذف من الفعل الخفيف ،
فقال : " فَمَا اسْطَاعُوا أَن يَظْهَرُوهُ " ، وذلك بخلاف الفعل الطويل الشاقّ ، فإنه لم يحذف من الفعل ، بل أعطاه أطول صيغة ،
فقال : " وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْباً " . فخفّف بالحذف من الفعل الخفيف بخلاف الفعل الشاقّ الطويل .
ثانياً : لمّا كان الصعود على السدّ يتطلّب زمناً أقصر من إحداث النقب فيه ، حذف من الفعل وقصّر منه ليتجانس النُّطق الزمن الذي يتطلّبه ، ولمّا كان نقب جدار السدّ يحتاج إلى جهد وكدّ ، ويتحمّل الإنسان في ذلك كثيراً من المشقّة والجهد ، ويتطلّب لذلك زمناً أطول من الصعود عليه ، أثبت التاء في الفعل نفسه ، لبيان زيادة الزمن أيضاً ، علاوة على الحدث نفسه .
ثالثاً : أن ( استطاعوا ) تعدّت إلى اسم وهو قوله ( نقباً ) ، فخُفّف متعلّقها فإحتملت أن يتمّ لفظها ، أما ( اسطاعوا ) فقد جاء مكان مفعولها : ( أن ، والفعل ، والفاعل ، والمفعول به ) ، وهي أربعة أشياء ، فثقل متعلّقها ، ولذلك حذف لفظها ، ليكون توازن بين الصيغتين : الثقيل مع الخفيف ، والخفيف مع الثقيل .
وبهذا ، ناسب القرآن بين الحدث والزمن وتوازن الصيغتين ..
فانظر إلى جلال هذا التعبير وسموّه ..
و ـالله اعلــم