نشتاقهم لأن الفراغ الذي تركوه أكبر من قدرتنا على التجاهل , نشتاقهم لأن فقدهم يطرحنا ضعافاً،حتى و إن قاومـنا نشتاقهم لأن وجودهم كان أجمل من أن ننساه بسهولة و لأن الحنين اليهم أصبح جزءاً مؤلماً من روتين حياتنا اليومي و لأنهم أوهمونا بأنهم باقين مهما طال الزمان .. نشتاقهم لأنهم خذلونا, و لأننا لا نستطيع اجبار القلب بأن يكره من كان يوماً “نبضه” !
أشتهي العيش في منزل صغير يغطي جدرانه ورق حائط مهترئ .. بإضاءة خافتة و تلفاز لا يبث سوى قناة افلام قديمـة , بعيدا عن نشرات الاخبار , وعن صيحات التكنولوجيا ..أشتهي أن أذهب للخارج صباحا .. بصُحبة كُرسي صغير .. وأن أشاهد الصغار يركبوا حافلات المدارس وأن امرر يدي على رؤوسهم واحدُ تلو الآخر برتابة يوميـة , وأن اسقي تلك النبتة الميتة منذ زًمن , والتي طبقت عليها درس الحياة الأبدي - هٌناك أمل - أن ادخل لذلك المنزل الرتيب في آخر النهار , اغلق الباب ثم افتح ألبوم صور مضت عليه عقود من الزمان .. أشتهي أن لا أحزن على الراحلين , وأن أحٌب المتواجدين مادامو هٌنا .. وأن أرى كٌل ذلك .. والتفت .. فأراك بجانبي ..
حين توجعنا أشياء لانستطيع ردعها ، حين تحترق أعيننا ب الدمع ، لأن من نحب أبعدته الدنيا عن متناول قلوبنا ، نُداري ذلك الألم ب محاولة كتمانه ك السر في أجوافنا ! ندعي أمام الناس .. أننا ” نسينا ” ، ونضحك .. وتأخذنا الأحاديث معهم ، ثم إن انشغلوا قليلاً ، نتسلل خلسة .. خوفاً أن تُبصرنا أعينهم .. نتنفس الفقد ب عمق .. تصب الأعين دمعاً ، نشتم ماتبقى من عبقهم ..نصنع كل أفعالنا تحت الظلام ! نبقى لبرهة .. ثم سُرعان مانرسم ابتسامتنا ، ونعود ل نُكمل أحاديثنا معهم !
للغيابِ لونٌ لا يُعادلُه أيّ لونٍ آخر! و للُحزنٍ نكهةٌ لا تُعادلها أيّ نكهة! تلك الأشياءُ الصغيرة .. تبثّ فينا أوجاعها و آلامها الكبيرة فتعبثَ بنا و بمشاعرِنا المُضطربة لُتربِكنا أكثر .. لنحزن لُحزنها أكثر لتُشعِل فينا كآبتها الباهتة لُتبكينا أكثر ..و أكثر