اكتشاف معبد مؤابي يعود لثلاثة آلاف عام
أعلنت دائرة الآثار العامة عن الكشف عن معبد مؤابي في خربة عطاروز يعود للعصر الحديدي الثاني المبكر، على الطريق المؤدي إلى قلعة مكاور جنوب غرب مادبا ويحوي (38) قطعة.
وقال مدير عام الدائرة الدكتور زياد السعد خلال مؤتمر صحفي عقده أمس أن الاكتشاف الجديد هو دليل مادي لتاريخ الأردن الحضاري الذي شهد مرور حضارات عريقة، كما انه رسالة للأردنيين عن حضارة المملكة عبر العصور خصوصا وأننا شعب يجهل تاريخه.
وأوضح أن الاكتشاف المهم الذي سيعيدنا لمراجعة مكتشفات العصر الحديدي لأنه دليل مادي على عراقة الأردن التي شهدت حضارات متعددة وأنها منطقة ازدهار حضاري على وله محيط سياسي وعلاقات مع المجتمعات المحيطة على مر العصور.
وبين أن الاكتشاف الذي يعود عمره لثلاثة آلاف عام جاء بالتعاون مع جامعة لاسييرا الأمريكية، وقال ان حكم المؤابيين من وادي الحسا جنوبا، ومن الغرب البحر الميت ونهر الاردن، ومن الشمال وادي شعيب، ومن الشرق الصحراء وذلك حسب مسلة ميشع في الفترة بين القرن الثالث عشر قبل الميلاد وحتى دخول الفرس إلى المنطقة في القرن السابع قبل الميلاد، وتزامنا مع المملكة العمونية التي كانت في عمان وحدودها الشمالية وادي الزرقاء ومملكة آدوم التي كانت في جنوب الأردن.
ويشار إلى أن المؤابيين على الأرجح هم قبائل كنعانية نزلوا ارض مؤاب حوالي القرن الرابع عشر قبل الميلاد ثم امتزجوا مع سكان مؤاب الاصليين. اما اسم مؤاب فقد ورد بالمصادر التاريخية وكذلك في مسلة ميشع بهذا اللفظ (مؤاب).
ورغم ان المؤابيين لعبوا دورا فعالا في التاريخ الا ان مخلفاتهم التاريخية قليلة جداَ، ويعول الدارسون لتاريخ المؤابيين على ثلاث مصادر النقوش المؤابية مثل مسلة ميشع وحجر كموشيث (نقش الكرك) ومسلة البالوع والتوراة والمخلفات الاثرية غير الكتابية من فخار وأختام وتماثيل فخارية.
وتعتبر عطاروز واحدة من أهم المدن المؤابية التي جاء ذكرها في المصادر التاريخية، كما خلد اسمها الملك المؤابي ميشع في مسلته المشهورة، تقع خربة عطاروز على الطريق المؤدي إلى قلعة مكاور جنوب غرب مادبا بمسافة 25كيلو متر، 13كيلو متر شمال غرب ذيبان، ولها إطلالة ساحرة على سيل الهيدان والبحر الميت مما جعل لها أهمية عسكرية كبرى لدى الدولة المؤابية.
ويعد المعبد المكتشف في عطاروز، ضمن باقي المخلفات المعمارية المكتشفة، الأكبر حجما والأكثر اكتمالا في المنطقة وهو مكون من غرفة رئيسية تبلغ مساحتها ( 9 × 4) متر تحيط بها غرفتان متماثلتان من الشمال والجنوب، وإلى الشرق من الغرفة الرئيسية تمتد ساحة مكشوفة بقياس (12×12) متر تنتشر داخلها المذابح المربعة المبنية من الحجر والنصب الحجرية، وإن وجود ساحة مكشوفة سمة من سمات المعابد المؤابية.
وقال السعد انه من خلال دراسة هذا المعبد يمكن القول أنه من أهم المعابد الرئيسية التي بناها المؤابيون مما يدل على عمق الحضارة وتطورها في تلك الحقبة من الزمن.
وعثر في الغرفة الرئيسية في مواسم سابقة على مذبح يعلوه مجسم لمعبد مصنوع من الفخار والمجسم مكون من طابقين يزين الطابق الأول تمثالان للآلهة تحمل القرابين وفتحات جانبية لإدخال الأسرجة للإنارة والطابق الثاني للمجسم على شكل مبخرة، إن وجود هذه القطعة في المعبد تعطي إيحاء روحانيا لزوار المعبد حيث يشع الضوء من داخل المجسم وتنتشر رائحة البخور من أعلاه.
ومن المكتشفات أكثر القطع الأثرية تميزا وتفردا، وهي عبارة عن تمثال لثور مصنوع من الفخار وهو المثال الوحيد من نوعه من حيث الحجم ودقة الصنع، وفي نفس الموقع عثر على تمثال لأسد مصنوع من الطين المشوي وهو قطعة فريدة من حيث مادة الصنع وطريقة تنفيذ الفنان للقطعة، ومجموعة من الأسرجة ذات المقابض والتي تدل على وجود طقس ديني بروتوكولي لدخول الكهنة إلى المعبد، وأسرجة لها قواعد ارتبطت بالممارسات الدينية التي تقام داخل المعبد، ومجموعة من المذابح الحجرية المنحوتة التي كانت تستخدم في تقديم القرابين، إضافة إلى مباخر مصنوعة من البازلت والحجر الكلسي والعديد من الجرار الفخارية المميزة.
وبين السعد إن العثور على مثل هذه القطع داخل المعبد قد يجلب المزيد من المعلومات عن الديانة المؤابية وعن تنوع الآلهة عند المؤابيين، ويدل الاكتشاف على العمق الحضاري المهم لمملكة مؤاب والتي امتازت بثقافة واستقرار وتميزت بالإزدهار والقوة ، ما يؤكد ما ورد على مسلة ميشع بالحقائق الأثرية تعزز المعلومات التاريخية الواردة في المصادر.
وقال أن الدائرة تعمل على أعداد ملفات لبعض الآثار الموجودة خارج الأردن بهدف ارجاعها لأنها كنز اثري وفق التشريعات الدولية.
وقال أن الدائرة تواجه تحديات منها التخريب والاتجار والتهريب بالاثار عبر عمل حفريات غير مشروعة وفي اماكن مختلفة.