اقتبـاس ،، الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عِبَادة ، والاستغفار عِبَادة ، والعِبادات تَوقيفية – كما يَقول أهل العِلْم – أي : أنه لا يُفعل شيء إلاَّ بِدليل ، فالعبادات مُبنِيَّة ومُتوقِّفَة على الدليل .
وذلك أنَّ مِن شرط قبول العمل مُتابعة النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك العَمل ، لِقوله عليه الصلاة والسلام : مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ . رواه البخاري ومسلم .
وفي رواية لمسلم :
مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ . رواه مسلم .
أي : فهو مردود عليه ، غير مُتقَبَّل .
وقد نص العلماء على أن المتابعة لا تتحقق إلاَّ بِسِـتَّـة أمُور :
الأول : سبب العبادة
الثاني : جنس العبادة
الثالث : قَدْر العبادة
الرابع : صِفة العبادة
الخامس : زمان العبادة ( فيما حُدِّد لها زمان )
السادس : مكان العبادة ( فيما قُيّدت بمكان مُعيّن )
فإذا حُدِّدَتْ عِبادة بِزمان أو مكان لم يُحَدِّده الشارع ، فهو مِن قَبِيل البِدَع .
وتسجيل دُخول المنتدى أو تسجيل الحضور اليومي ونحو ذلك بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، أو بالاستغفار مِن البِدَع الْمحُْدَثَة .
وذلك لأنَّ مِن تعريف البِدْعَة – كما يقول الإمام الشاطبي – مُضَاهاة الطريقة الشرعية . أي : مُشَابَهَة الطريقة الشرعية .
وهذا التعريف مُنْطَبِق على ما ها هنا مِن تسجيل الحضور بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، أو بالاستغفار ، أو بِغيره من الأذكار .
وذلك لأن الطريقة الشرعية في دُخول المساجد أن يَبدأ الداخل بذِكْر الله والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، فإذا فَعَل ذلك في غيره مِن الأماكن فقد شَابَه الطريقة الشرعية بأمر اختَرَعه مِن عنده ، وهذا يجعله في حَيِّز البِدَع الْمُحْدَثَة ، التي يأثم صاحبها بِفعلها ، في حين يَظنّ أنه يُؤجَر !
وأمر آخر ، أنه ليست العِبرة بكثرة الحسنات ، ولا بكثرة العمل بِقَدْر ما يَكون الاعتبار بِقَبُول العَمَل الْمُتَرَتِّب على حُسْن العمل ، وقد قال تعالى : (لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلا) .
وسُئل الفضيل بن عياض عن قوله تعالى : ( لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْأَحْسَنُعَمَلا ) قال : هو أخلص العمل وأصوبه ، قالوا : يا أبا علي ما أخلصه وأصوبه ؟ قال : إن العمل إذا كان خَالِصًا ولم يكن صَوابا لم يُقْبَل ، وإذا كان صوابا ولم يكن خَالِصًا لم يُقْبَل حتى يكون خالصا وصوابا ، فالخالص أن يكون لله ، والصواب أن يكون على السنة .
وكانتْ عِناية سلف الأمة بِقَبُول العمل ، وليس بكثرة الحسنات وعَدِّها !
ولذا لما جاء سائل إلى ابن عمر فقال لابنه : أعطه دينارا ، فلما انصرف قال له ابنه : تقبل الله منك يا أبتاه ، فقال : لو علمت أن الله يقبل مني سجدة واحدة وصدقة درهم لم يكن غائب أحب إليّ من الموت . أتدري ممن يتقبل ؟ (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) .
وقال فضالة بن عبيد : لأن أعلم أن الله تقبل مِنِّي مثقال حبة أحبّ إليّ من الدنيا وما فيها ، لأنه تعالى يقول : (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) .
وكان مُطَرِّف يقول : اللهم تَقَبّل مِنِّي صلاة يوم . اللهم تَقَبّل مِنِّي صوم يوم . اللهم اكتب لي حسنة ، ثم يقول : (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) . رواه ابن أبي شيبة .
ومِمَّا أهمَّهم المحافظة على حسنات العمل ، وإن قَـلّ .
فقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله إن فلانة تقوم الليل ، وتصوم النهار ، وتفعل ، وتصّدّق ، وتؤذي جيرانـها بلسانـها ، فقال رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم : لا خير فيها هي من أهل النار . قيل : وفلانة تصلى المكتوبة ، وتصّدق بأثوار ، ولا تؤذي أحداً ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هي من أهل الجنة . رواه البخاري في الأدب المفرد والحاكم في المستدرك . وهو حديث صحيح .
فليست العِبرة بأداء العمل ، بِقدر ما هي العِبرة بقبول العمل ، ثم المحافظة على حسنات ذلك العمل من أن تذهب أو تضيع !
فلا يَجوز تسجيل الحضور ولا تسجيل دُخول المنتديات بشيء مِن الأذكار ، سواء كان بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، أو بالاستغفار ، أو بشهادة أن لا إله إلا الله ، أو بغيرها من الأذكار .