من المؤكد أن أكثر أبناء المجتمع الأردني قد سمعوا بالمثل القائل (ما بتعرف خيري إلا لما تجرب غيري) أسرد هذا المثل لأكتب تعليقاً على مقال نشر بعنوان "الأردن بلد العجائب" لأقول (فعلاً هو بلد العجائب) ، حيث تحيط به النيران من كل جانب بينما هو واحة أمن واستقرار، فالشعب العراقي لا يأمن الخروج من بيته بل لا يأمن وهو في بيته!! والشعب الفلسطيني المنكوب لا يجد له فرصة لالتقاط الأنفاس فمن 1948م إلى 1967م إلى صبرا وشاتيلا إلى حصار بيروت إلى المجازر التي سجلت في التاريخ الصهيوني وأخيراً الصراع بين فتح وحماس.
فعلاً الأردن بلد العجائب حيث هو بلد فقير لا يملك نفطاً ولا ثروات تذكر ورغم هذا يعيش أهله أحسن من كثير من الشعوب التي لديها المال والثروة وما العراق عنا ببعيد. فعلاً الأردن بلد العجائب حيث أعطى الرخصة لكل أطياف اللون الحزبي للعمل، فالشيوعيون لهم حزبان، والإسلاميون لهم أحزاب، والقوميون لهم أحزاب، والوطنيون لهم كذلك، ووزارة الداخلية جاهزة لتلبية أي طلب وفق القانون، بينما الدول الثورية التي يهتف لها البعض تسمح لفئات دون آخرين، فمصر تمنع الإخوان وكذا سوريا وتونس وليبيا، ودول الخليج لا أحزاب أصلاً فيها.
فعلاً الأردن بلد العجائب حيث تستقبل الحكومة من كتب المقال الذي نتحدث عنه بينما هذا لا يمكن أن يحصل لأن الشخص سيكون في الغياهب كما نرى حالياً في بعض الدول التي يعجب بها الرفاق. الأردن بلد العجائب حيث لم تسجل فيه حالة إعدام سياسي واحدة عبر تاريخه، بل كانت سياسته دوماً العفو والصفح، وإذا كان الأغرار لا يعرفون فليقرأوا عن العفو الملكي عن الذين حاولوا الانقلاب عام 1957م، وقد رأينا كيف يذهب الملك بنفسه إلى سجن سواقة ليخرج بسيارته من شتمه ويوصله إلى بيت أمه، ورأينا كيف كان الملك يتصل بالمعارضين وهم على فراش المرض، بل يعرض علاجهم في الخارج وعلى نفقته إذا تطلب الأمر، وإنني أشهد على اتصاله للاطمئنان على صحة من كان يكفره. نعم الأردن بلد العجائب حيث يشعر فيه الأخ الفلسطيني بأنه في بلده حتى لو لم يكن يحمل الجنسية الأردنية، بينما دول النضال والثورية تحاصرهم وتقيدهم.
عجائب الأردن لا تنتهي، والمطلوب ممن له ملاحظات على الأداء الحكومي أن لا ينسى إيجابيات هذا البلد الذي لا يجوز أن يكون كخبز الشعير يأكله الناس ويذمونه.