المسجد المملوكي القديم في مدينة اربد
يعتبر المسجد المملوكي القديم في مدينة اربد من اقدم المساجد الاسلامية في المدينة ، الذي بات في الوقت الحاضر جزءاً اساسيا من تاريخ وهوية المدينة الحضارية ، ويؤكد ان اربد المدينة كانت موطنا رئيسا للعديد من الحضارات الانسانية ، حيث عثر داخل المسجد على مخطوطات كتب عليها "راس الحكمة مخافة الله" ومؤرخة بالهجري عام 1300 وسلمت الى وزارة الاوقاف.
ويقع المسجد المعروف الان بالمسجد الغربي "ابي ذر الغفاري" في وسط المدينة القديمة بالقرب من بلدية اربد الكبرى ولا يبعد عن مسجد اربد الكبير اكثر من ثلاثمائة متر باتجاه الجهة الشمالية الغربية وتحيط به المساكن من جهاته الثلاث باسثناء الجهة الشرقية التي يحاذيها شارع معبد.
ويعود تاريخ بنائه الى العصر المملوكي حيث ان مخططه ومئذنته مصممة على نمط المساجد المملوكية المنتشرة في بلاد الشام ومصر ، ويرجع تاريخ انشائه قبل حوالي 450 عام اثناء تواجد دولة المماليك في بلاد الشام حيث قامت وزارة الاوقاف باجراء بعض الترميمات والتعديلات على مئذنته القديمة تلافيا لانهيارها.
وبحسب كتاب "ارابيلا مدينة الثقافة عبر العصور" للدكتور عاطف الشياب استاذ التراث في جامعة اليرموك ان المسجد بني في الفترة المملوكية حيث كانت مدينة اربد تابعة انذاك لنيابة دمشق الخاضعة للحكم المملوكي.
و لا يتم استخدام أي وسائل للتدفئة والتبريد داخل المسجد في فصلي الشتاء والصيف الذي يكون باردا في الصيف ودافئا في الشتاء نظرا لطبيعة تصميم بنائه القديم اذ ان سمك الجدار فيه يزيد عن متر وبعضه الاخر متران و توجد اماكن مخصصة للفوانيس في جدران المسجد التي يزيد طولها عن متر وبعرض نصف متر اضافة الى وجود خشب السندياد في غرفة الامام التي وضعت في اعلى السقف من اجل تدعيمه.
و يشهد المسجد توافد اعداد كبيرة من المواطنين الذين ياتون اليه من مناطق مختلفة من المحافظة من اجل ـ الدعاء الى الله تعالى ـ والذين يمضون ساعات طويلة في رفع ايديهم الى السماء طلبا للرحمة والمغفرة اذ ان المصليين يجدون فيه الانس والراحة والبركة حيث يشعر بذلك كل شخص يدخل المسجد.
وبحسب رئيسة قسم التراث في بلدية اربد الكبرى المهندسة مرام عبيدات فان المسجد مسقف على شكل مجموعة من القباب المعلقة والتي تكون عند التقائها عددا من الاقواس التي تعتبر نفس النمط الذي سقفت به المساجد والبيوت والقلاع في المنطقة خاصة في العصرين الايوبي والمملوكي.
وبينت ان المسجد يتكون من بيت للصلاة بشكل مستطيل وتبلغ مساحته الداخلية 12,18 م ويقوم على اربعة صفوف من الاعمدة البالغة 20 عمودا ستة منها في وسط المسجد ويقابلها 14 عمودا تمثل دعامات وقواعد ملاصقة لجدران المسجد الاربعة الداخلية مشيرة الى ان الاعمدة جلبت من مواقع مختلفة واعيد استخدامها مرة اخرى خاصة ان احدها مكون من الحجر ونحت عليه بشكل لولبي فريد من نوعه.
واشارت عبيدات الى ان المسجد المملوكي يمثل احد اهم المعالم التراثية والتاريخية في المدينة التي تؤكد ان اربد المدينة قد تعاقب عليها العديد من الحضارات والشعوب التي توطنت في وسطها خاصة ان المسجد المملوكي يقع على مقربة من تل اربد الاثري الذي يعود تاريخ وجوده الى 5 الاف قبل الميلاد على مساحة 200 دونم .