-
معلومات الكاتب ▼
تاريخ الإنضمام :
11-03-2009
رقم العضوية :
28,368
المشاركات :
5,079
الجنس :
قوة السمعة :
2,147,483,647
-
(فتح الباري بشرح صحيح البخاري)
عذراً ع الإطالة، ولكن لكي يتسنى لكم فهم الحديث.
قوله: (يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ): وَالْمَعْنَى لَا يَتَعَمَّق أَحَد فِي الْأَعْمَال الدِّينِيَّة وَيَتْرُك الرِّفْق إِلَّا عَجَزَ وَانْقَطَعَ فَيُغْلَب.
قَالَ اِبْن الْمُنِير: وَلَيْسَ الْمُرَاد مَنْع طَلَب الْأَكْمَل فِي الْعِبَادَة فَإِنَّهُ مِنْ الْأُمُور الْمَحْمُودَة، بَلْ مَنْع الْإِفْرَاط الْمُؤَدِّي إِلَى الْمَلَال، أَوْ الْمُبَالَغَة فِي التَّطَوُّع الْمُفْضِي إِلَى تَرْك الْأَفْضَل، أَوْ إِخْرَاج الْفَرْض عَنْ وَقْته كَمَنْ بَاتَ يُصَلِّي اللَّيْل كُلّه وَيُغَالِب النَّوْم إِلَى أَنْ غَلَبَتْهُ عَيْنَاهُ فِي آخِر اللَّيْل فَنَامَ عَنْ صَلَاة الصُّبْح فِي الْجَمَاعَة، أَوْ إِلَى أَنْ خَرَجَ الْوَقْت الْمُخْتَار، أَوْ إِلَى أَنْ طَلَعَتْ الشَّمْس فَخَرَجَ وَقْت الْفَرِيضَة.
قَوْله: (فَسَدِّدُوا): أَيْ: اِلْزَمُوا السَّدَاد وَهُوَ الصَّوَاب مِنْ غَيْر إِفْرَاط وَلَا تَفْرِيط.
قَالَ أَهْل اللُّغَة : السَّدَاد التَّوَسُّط فِي الْعَمَل.
قَوْله: (وَقَارِبُوا): أَيْ : إِنْ لَمْ تَسْتَطِيعُوا الْأَخْذ بِالْأَكْمَلِ فَاعْمَلُوا بِمَا يُقَرِّب مِنْهُ.
قَوْله: (وَأَبْشِرُوا): أَيْ : بِالثَّوَابِ عَلَى الْعَمَل الدَّائِم وَإِنْ قَلَّ، وَالْمُرَادتَبْشِير مَنْ عَجَزَ عَنْ الْعَمَل بِالْأَكْمَلِ بِأَنَّ الْعَجْز إِذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ صَنِيعه لَا يَسْتَلْزِم نَقْص أَجْره، وَأَبْهَمَ الْمُبَشَّر بِهِ تَعْظِيمًا لَهُ وَتَفْخِيمًا.
قَوْله: (وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ): أَيْ : اِسْتَعِينُوا عَلَى مُدَاوَمَة الْعِبَادَة بِإِيقَاعِهَا فِي الْأَوْقَات الْمُنَشِّطَة.
وَالْغَدْوَة: سَيْر أَوَّل النَّهَار، وَقَالَ الْجَوْهَرِيّ : مَا بَيْن صَلَاة الْغَدَاة وَطُلُوع الشَّمْس.
وَالرَّوْحَة: السَّيْر بَعْد الزَّوَال.
وَالدُّلْجَة: سَيْر آخِر اللَّيْل، وَقِيلَ سَيْر اللَّيْل كُلّه، وَلِهَذَا عَبَّرَ فِيهِ بِالتَّبْعِيضِ، وَلِأَنَّ عَمَل اللَّيْل أَشَقّ مِنْ عَمَل النَّهَار.
فَأَرَادَ المصنف أَنْ يُبَيِّن أَنَّ:
الْأَوْلَى لِلْعَامِلِ بِذَلِكَ أَنْ لَا يُجْهِد نَفْسه بِحَيْثُ يَعْجِز وَيَنْقَطِع، بَلْ يَعْمَل بِتَلَطُّفٍ وَتَدْرِيج لِيَدُومَ عَمَله وَلَا يَنْقَطِع.
وأسأل الله لي ولكم التوفيق