السلام يا شباب باختصار اقراؤ هذة القصة المعبرة :
كانت تدب دبيب النمل على التراب ، وكلما وضعت قدما اعيتها السنون ، أحالت التراب ثرى مخضبا بدموعها ، كان خدّها مسوما بأخاديد رسمتها ايام عمرها القديم . ما اطول هذا العمر ! وما اشق الايام في داخلها ! وما اصعب العيش وحيده دونما رفيق! ...
هل تذكر شيئاً من ماضيها العتيق؟! هل تتذكر لحظات الدفء في موسم الشتاء ؟! وماذا تنفع الذكرى وقلبها يتوقد ألما ، والوحدة تذكي احزانها التي لم تخنها منذ زمن بعيد .
كانت الشمس تقاوم خطواتها الهزيلة ، وكأنها خصم تألب مع أعدائها فأغاروا عليها ... وهل ينقصها اعداء وخصوم في هذا الزمن؟! كم من الاعداء والخصوم تألبوا ضدها وأغاروا عليها وهي تتشجع مقاومة وحيدة .....
كانت طوابير المركبات تتجمع امامها سادة زاوية الامل التي ترقبها من بعيد .
آه، كم أشعر بالبرد !! وسألت نفسها : هل من المعقول ان تشعر هذا الشعور الغريب والشمس تتراقص امامها ؟... وتابعت خطواتها المقيدة زاحفة مع تنهداتها الهزيلة .
حتى الخطوات اصبحت لا تعرف الجهة التي تريدها . وزاد من ظنها ان خطواتها تخونها كما خانها الجميع ، واقتربت سهام الشمس منها حتى هزمت ما تبقى من قلاع العزم والتصميم ، فانهار عزمها وتلاشى تصميمها ، فجلست مستردة بعض انفاسها كي تكمل مشوارها اليومي.
لمحت من بعيد عجوزاً مثلها ، فانغرست نظراتها في هذه العجوز ، انها تعرفها ، انها صديقة من صديقات الطفولة التي نسيتها ... ، لقد كادت ان تطوي صفحة الماضي .
احقا كانت طفلة مثل باقي الاطفال الذين ينتشرون في الازقة والطرقات؟ وساقها ماضيها الى تلك الطفولة الجميلة . آه كم تحن الى تلك الطفولة القديمة ! انها تذكر انها كانت تتسلق الاشجار والتلال صافعة هموم الحياة وخيانة الجسد . كانت تسابق الرياح متنقلة من زهرة الى اخرى ، واتسعت دائرة الذكريات حتى بلغت جيل الشباب والانوثة .
كانت جميلة تلفت انتباه الجميع بوقارها وعفتها . وسارت حبال الذكريات حتى بلغت يوم خطبتها ، كان الجميع يلتف حولها يداعبها ويزيد من تألقها وشبابها ، وجاء يوم الزفاف ، واعلنت الدفوف والطبول انتقالها من بيت والديها الى بيتها الجديد . وزفت الى بعلها ، وانجبت اربعا من البنات ، واربعة من البنين .
انها تذكر الليالي التي امضتها وهي ساهرة على نسيم اطفالها ، وكلما سمعت انة هرعت مذعورة وكأن روحها قد فارقتها .
كانت قوية في شبابها ، وزاد من قوتها صوت اطفالها وزوجها الذي نسيت متى فارقها ، وكبر الاولاد والبنات ، وتزوجوا وبقيت مع زوجها تمضي ما كتب الله له من عمر .. وفارقها الزوج الذي كان معينا لها امام ضعفها ووحدتها، وعندما فارقها شعرت كم هي وحيدة وضعيفة .
انت جالسة في منتصف الطريق !!
قالها صوت ينتهرها ، فافاقت من حلمها مذعورة كئيبة ، فاستسلمت لدموعها، ورأت في كل دمعة ولدا من اولادها الذين ملوا عجزها ، وبعثروا عمرها ، ولملمت ما وجدت من قوة وعزيمة ، وقامت متنهدة مكملة مشوارها ، لافظة في سرها : ما ابعدك يا بيت العجزة !!
اخوكم عبدالالة الشوبكي