(يا ساتر يا رب)
عند الخطب الجلل، والحادث العظيم، تجد الكثير من الناس يلجأون إلى ربهم تعالى - وهذا هو الواجب عليهم، في السراء والضراء- فتراهم يخطئون فيقولون، (يا ساتر يا رب) والساتر لغة هو شئ مادى ملموس بمعني حاجز، أو جدار، يحجز ويحجب ما وراءه، فهل يجوز أن يقال هذا في حق رب البريات، بل هو من إساءة الأدب مع الله، وليس هو من أسماء الله الحسنى. والستر صفةٌ فعليةٌ لله عَزَّ وجَلَّ ثابتةٌ بالسنة الصحيحة، و(الستير) من أسمائه تعالى. لحديـث يعلى بن أمية رضي الله عنـه مرفوعاً: (إن الله عَزَّ وجَلَّ حليـم، حيي، سِتِّير، يحب الحياء والستر، فإذا اغتسل أحدكم؛ ليستتر). صحيح رواه أبو دواد، والنسائي، وأحمد، والبيهقي. ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه: (لا يستر الله على عبد في الدنيا، إلا ستره الله يوم القيامة). رواه مسلم. وقد قال ابن القيم في (النونية):
وهو الحَيِيُّ فليسَ يفضحُ عبدَه عند التَّجاهُرِِ منهُ بالعصيانِ
لكنَّه يُلْقِي عليه سِتْرَهُ فَهُوَ السِّتِّير وصاحِبُ الغُفرَانِ
والستِّير؛ أي: يحب الستر لعباده المؤمنين؛ ستر عوراتهم، وستر ذنوبهم، فيأمرهم أن يستروا عوراتهم، وأن لا يجاهروا بمعاصيهم في الدنيا، وهو يسترها عليهم في الآخرة.
فائدة: اعلم أنَّ (السَّتَّار) ليس من أسمائه تعالى، ولم يرد ما يدل على ذلك؛ خلاف ما هو شائع عند عوام الناس.
فائدة أخرى: هل عند المصيبة والحادث الجلل نطلب الستر، شيء عجيب حقا، فالمنطقي أنه عند خوف الافتضاح وانكشاف السر يطلب الستر، ولكن عند المصيبة نطلب الستر هذا لا يعقل أبدا، بل يفترض أن نطلب اللطف، فنقول يا لطيف الطف بنا، مثلا فهذا هو الأنسب والموافق لحال الطلب لا الستر.