إن أسلوب الحياة هو الذي يكوّن شاكلة روحنا وإن فائدة هذه الشاكلة الروحية في الواقع هي في حياتنا الأخروية الأبدية.
إن هذه الفترة المحدودة التي نعيش فيها في هذه الدنيا هي في الواقع مرحلة تمهيدية لتكوين وبلورة روحنا ونفسيتنا وشخصيتنا للعيش في تلك الحياة الأخروية الأبدية. فمن هذا المنطلق لابدّ أن نصبّ اهتمامنا بدراسة الآثار الأبدية التي يتركه سلوكنا على روحنا في الحياة الأخروية الأبدية أكثر من أن نهتم بنتائج سلوكنا على الجانب الشخصي والنفسي في هذه الدنيا، إذ أن أصل الحياة هي الحياة في ذاك العالم الأبدي وكل ما نعيشه الآن في الواقع إنما هو تمهيد لتلك الحياة الأبدية.
إن ساعة استيقاظنا من النوم، وطريقة كلامنا، وأسلوب زيّنا كلها لها أثار ونتائج، ولكن لا تظهر هذه الآثار هنا بوضوح، بل ستظهر في عالم الآخرة. لأن أسلوب الحياة يكوّن شاكلة روحنا وله أثر عميق على روحنا، وإنّ فائدة هذه الشاكلة الروحية في الواقع هي في حياتنا الأخرويّة الأبدية وسوف تظهر هناك. فعلى سبيل المثال روي عن أمير المؤمنين(ع) أنه قال: «يُحْشَرُ الْمُؤَذِّنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ طِوَالَ الْأَعْنَاق؛ المحاسن/ج1/ص49»، وهذا امتياز في عالم الآخرة.
أحد أسباب اهتمام الله سبحانه وتعالى وحساسيته بجزئيات حركاتنا أثناء العبادة، هو ما تتركه هذه الأعمال من أثر عميق وثابت على روح الإنسان. فعلى سبيل المثال ما أهمية الابتداء باليد اليمنى في الوضوء أو صبّ الماء من أعلى اليد إلى أسفلها إلى غيرها من أحكام وتفاصيل؟ كل هذه الأعمال تشكّل أسلوب الحياة وعادات الإنسان السلوكية ولها آثار على روحنا وجسمنا. فكم من فرق كبير وبون شاسع بين من يغسل وجهه فجر كل يوم لأجل الله فيتوضأ ويصلّي، وبين من يغسل وجهه صبيحة كل يوم لا لأجل الله.
فهذا الإنسان الذي لم يصم شهر رمضان ـ لا عن مرض أو مبرر آخر بل عن عدم اكتراث ـ من المؤكد أنه لا يستطيع أن يدرك لذة صلاة عيد الفطر، فإن في هذه الصلاة لذة خاصة بالصائمين، ولن يستطيع من لم يصم أن يعوّضها بأيّ لذة أخرى. فإن الإنسان بعد ما صام شهرا كاملا وتحمل عناء الجوع والعطش فيه يصل إلى إحساس وشعور لا يوصف. هذا هو الأثر الذي يتركه العمل في روح الإنسان.
يعتاد روح الإنسان على بعض الأشياء شاء أم أبى، فلا بدّ أن نراقب ما يعتاد عليه. فتصوروا إذا اعتاد إنسان على قراءة القرآن، فأي حدث رائع سوف يحدث له؟! فعلى سبيل المثال كانت من عادات الدكتور حسابي (أبو الفيزياء والرياضيات الحديثة في إيران) تلاوة القرآن ولعلّه كان يرى الآثار الروحية والنفسية الناتجة من تلاوة القرآن.
ولا شكّ في أنّ الإنسان الذي لم يتعوّد على الصلاة ولم تستأنس روحه بتلاوة القرآن، تتشوه روحه بطبيعة الحال وسوف لا يجد بدا سوى أن يقضي مليارات السنين في حياته الأخروية بهذه الروح المشوّهة.
إن الاستمرار على العمل من أهم مقومات أسلوب الحياة/ سوف تظهر آثار أسلوب الحياة في حياتنا الأخروية بشكل واقعي وكامل
إن الاستمرار على ممارسة سلوك ما هو من أهم مقومات أسلوب الحياة. فإذا استمرّ الإنسان على عمل ما، هذا ما يترك آثارا عميقة في روحه ولا يظهر من هذه الآثار في الدنيا إلا جزء يسير منها، أما باقي الآثار فتظهر بتمامها في الآخرة.
لماذا يجب أن نهتمّ بأسلوب حياتنا؟ إن سببه الرئيس هو أن أسلوب حياتنا سوف يترك أثره الحقيقي في حياتنا الأخروية، مع كونه لا يخلو من أثر في الحياة الدنيا، ولكنه أثر غير معتدّ به ولا يأتي في الحسبان في مقابل الأثر الأخروي. إذ أن أقصى ما سوف نعيشه في هذه الدنيا هو حوالي مئة سنة أو قل ألف سنة. ولكننا في عالم الآخرة سوف نعيش مليارات السنين وإلى الأبد.
إن الله قد تفضل علينا بفرض بعض الأعمال العبادية/ فلو كان الأمر بيدنا لما أدركنا ضرورتها
في الواقع، إن الله قد تفضل علينا ومنّ علينا بفرض بعض الأعمال العبادية الخاصة كالصلاة والصوم والحج وأمثالها، فهو قد نظّم أسلوب حياتنا بهذا التوجيب، إذ لو كان الأمر بيدنا لما أدركنا ضرورة هذه الأعمال والعبادات لروحنا وما تترك فيها من أثر عميق، ولما قمنا بها أبدا.
إن هذه الدنيا كمعسكر للتدريب، في سبيل أن نعيش في الآخرة حياة أفضل
لا يترك أسلوب حياة الجنود في المعسكرات وينظم على أساس برنامج دقيق، وإن استفسر أحد عن بعض الممارسات يقال له: «لا سؤال في الجيش». فيجبرون الجنود على تجربة الركض وأنواع الزحف والرمي والحرب الليلية والإزعاج الليلي والعيش في الظروف الصعبة، ليكونوا على استعداد فيما إذا اقتضت الحاجة إلى الذهاب إلى ساحة الحرب الحقيقية.
فإن سأل الشبابُ مدرّبهم الذي عاش أجواء الجبهة والحرب والآن يتشدّد عليهم في معسكر التدريب، واستفسروه عن سبب تشدّده، يجبهم حينئذ ويقول: إنكم لم تشهدوا جبهة الحرب الواقعية، وإلا لعرفتم أنكم سوف تحتاجون كل هذه الأعمال في ساحة القتال. وبعد ذلك إن ذهب هؤلاء الشباب إلى ساحة القتال سيقولون: يا ليتنا تدربنا أكثر من هذا على تلك الحركات وتعاملنا معها بمزيد من الجدّ.
إن حياتنا كلها هي دورة تمرين في معسكر، وهذا المعسكر ليس بمحل راحة ودعة، بل غايته هي أن نتهيأ ونتمهد للحياة الأفضل في عالم الآخرة. إذ أن أصل الحياة هناك. إنّ جميع أعمالنا وسلوكنا ولا سيما تلك الأعمال المداوم عليها التي تكوّن أسلوب حياتنا لها تأثير في تحسين حال حياتنا الأخروية ولهذا تمّ هذا التأكيد عليها في معارفنا الدينية.
يتبع إن شاء الله...
إن هذه الفترة المحدودة التي نعيش فيها في هذه الدنيا هي في الواقع مرحلة تمهيدية لتكوين وبلورة روحنا ونفسيتنا وشخصيتنا للعيش في تلك الحياة الأخروية الأبدية. فمن هذا المنطلق لابدّ أن نصبّ اهتمامنا بدراسة الآثار الأبدية التي يتركه سلوكنا على روحنا في الحياة الأخروية الأبدية أكثر من أن نهتم بنتائج سلوكنا على الجانب الشخصي والنفسي في هذه الدنيا، إذ أن أصل الحياة هي الحياة في ذاك العالم الأبدي وكل ما نعيشه الآن في الواقع إنما هو تمهيد لتلك الحياة الأبدية.
إن ساعة استيقاظنا من النوم، وطريقة كلامنا، وأسلوب زيّنا كلها لها أثار ونتائج، ولكن لا تظهر هذه الآثار هنا بوضوح، بل ستظهر في عالم الآخرة. لأن أسلوب الحياة يكوّن شاكلة روحنا وله أثر عميق على روحنا، وإنّ فائدة هذه الشاكلة الروحية في الواقع هي في حياتنا الأخرويّة الأبدية وسوف تظهر هناك. فعلى سبيل المثال روي عن أمير المؤمنين(ع) أنه قال: «يُحْشَرُ الْمُؤَذِّنُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ طِوَالَ الْأَعْنَاق؛ المحاسن/ج1/ص49»، وهذا امتياز في عالم الآخرة.
أحد أسباب اهتمام الله سبحانه وتعالى وحساسيته بجزئيات حركاتنا أثناء العبادة، هو ما تتركه هذه الأعمال من أثر عميق وثابت على روح الإنسان. فعلى سبيل المثال ما أهمية الابتداء باليد اليمنى في الوضوء أو صبّ الماء من أعلى اليد إلى أسفلها إلى غيرها من أحكام وتفاصيل؟ كل هذه الأعمال تشكّل أسلوب الحياة وعادات الإنسان السلوكية ولها آثار على روحنا وجسمنا. فكم من فرق كبير وبون شاسع بين من يغسل وجهه فجر كل يوم لأجل الله فيتوضأ ويصلّي، وبين من يغسل وجهه صبيحة كل يوم لا لأجل الله.
فهذا الإنسان الذي لم يصم شهر رمضان ـ لا عن مرض أو مبرر آخر بل عن عدم اكتراث ـ من المؤكد أنه لا يستطيع أن يدرك لذة صلاة عيد الفطر، فإن في هذه الصلاة لذة خاصة بالصائمين، ولن يستطيع من لم يصم أن يعوّضها بأيّ لذة أخرى. فإن الإنسان بعد ما صام شهرا كاملا وتحمل عناء الجوع والعطش فيه يصل إلى إحساس وشعور لا يوصف. هذا هو الأثر الذي يتركه العمل في روح الإنسان.
يعتاد روح الإنسان على بعض الأشياء شاء أم أبى، فلا بدّ أن نراقب ما يعتاد عليه. فتصوروا إذا اعتاد إنسان على قراءة القرآن، فأي حدث رائع سوف يحدث له؟! فعلى سبيل المثال كانت من عادات الدكتور حسابي (أبو الفيزياء والرياضيات الحديثة في إيران) تلاوة القرآن ولعلّه كان يرى الآثار الروحية والنفسية الناتجة من تلاوة القرآن.
ولا شكّ في أنّ الإنسان الذي لم يتعوّد على الصلاة ولم تستأنس روحه بتلاوة القرآن، تتشوه روحه بطبيعة الحال وسوف لا يجد بدا سوى أن يقضي مليارات السنين في حياته الأخروية بهذه الروح المشوّهة.
إن الاستمرار على العمل من أهم مقومات أسلوب الحياة/ سوف تظهر آثار أسلوب الحياة في حياتنا الأخروية بشكل واقعي وكامل
إن الاستمرار على ممارسة سلوك ما هو من أهم مقومات أسلوب الحياة. فإذا استمرّ الإنسان على عمل ما، هذا ما يترك آثارا عميقة في روحه ولا يظهر من هذه الآثار في الدنيا إلا جزء يسير منها، أما باقي الآثار فتظهر بتمامها في الآخرة.
لماذا يجب أن نهتمّ بأسلوب حياتنا؟ إن سببه الرئيس هو أن أسلوب حياتنا سوف يترك أثره الحقيقي في حياتنا الأخروية، مع كونه لا يخلو من أثر في الحياة الدنيا، ولكنه أثر غير معتدّ به ولا يأتي في الحسبان في مقابل الأثر الأخروي. إذ أن أقصى ما سوف نعيشه في هذه الدنيا هو حوالي مئة سنة أو قل ألف سنة. ولكننا في عالم الآخرة سوف نعيش مليارات السنين وإلى الأبد.
إن الله قد تفضل علينا بفرض بعض الأعمال العبادية/ فلو كان الأمر بيدنا لما أدركنا ضرورتها
في الواقع، إن الله قد تفضل علينا ومنّ علينا بفرض بعض الأعمال العبادية الخاصة كالصلاة والصوم والحج وأمثالها، فهو قد نظّم أسلوب حياتنا بهذا التوجيب، إذ لو كان الأمر بيدنا لما أدركنا ضرورة هذه الأعمال والعبادات لروحنا وما تترك فيها من أثر عميق، ولما قمنا بها أبدا.
إن هذه الدنيا كمعسكر للتدريب، في سبيل أن نعيش في الآخرة حياة أفضل
لا يترك أسلوب حياة الجنود في المعسكرات وينظم على أساس برنامج دقيق، وإن استفسر أحد عن بعض الممارسات يقال له: «لا سؤال في الجيش». فيجبرون الجنود على تجربة الركض وأنواع الزحف والرمي والحرب الليلية والإزعاج الليلي والعيش في الظروف الصعبة، ليكونوا على استعداد فيما إذا اقتضت الحاجة إلى الذهاب إلى ساحة الحرب الحقيقية.
فإن سأل الشبابُ مدرّبهم الذي عاش أجواء الجبهة والحرب والآن يتشدّد عليهم في معسكر التدريب، واستفسروه عن سبب تشدّده، يجبهم حينئذ ويقول: إنكم لم تشهدوا جبهة الحرب الواقعية، وإلا لعرفتم أنكم سوف تحتاجون كل هذه الأعمال في ساحة القتال. وبعد ذلك إن ذهب هؤلاء الشباب إلى ساحة القتال سيقولون: يا ليتنا تدربنا أكثر من هذا على تلك الحركات وتعاملنا معها بمزيد من الجدّ.
إن حياتنا كلها هي دورة تمرين في معسكر، وهذا المعسكر ليس بمحل راحة ودعة، بل غايته هي أن نتهيأ ونتمهد للحياة الأفضل في عالم الآخرة. إذ أن أصل الحياة هناك. إنّ جميع أعمالنا وسلوكنا ولا سيما تلك الأعمال المداوم عليها التي تكوّن أسلوب حياتنا لها تأثير في تحسين حال حياتنا الأخروية ولهذا تمّ هذا التأكيد عليها في معارفنا الدينية.
يتبع إن شاء الله...