الفصل الأول: تعريف الحجاب
أول قدم للدخول في مسألة الحجاب وترشيده وتثقيف الناس عليه، هو تقديم تعريف مقنع لمفهوم الحجاب في حين كونه واقعيا، لا يترك مجال المخالفة للمخاطب من أول خطواته. لذلك نبتدأ هذا الفصل بالتعريف المشهور للحجاب ودراسته وبيان نقاط الضعف والقوة فيه، وكفاءته لزمننا الحاضر، ثم نذكر بعج ذلك ثلاثة تعاريف أو بالأحرى ثلاثة رؤى حول مقولة الحجاب يمكن عدّها البديل عن التعريف المشهور له؛ ولغاية ستر نقاط ضعفه.طبعا، من المحتمل أن نذكر بعض السلبيات الواردة على هذه التعاريف في مقام النقد، رغم أنه مبرّء من السلبيات الواردة على التعريف المشهور.
التعريف الأول: الحجاب حصانة وليس قيد
لا شك في أن الحجاب (سواء للمرأة أو للرجل) يتبعه بعض الحدود والقيود. وبما أن طبيعة الإنسان تفرّ من القيود، نجد بعض الناس يلجأ إلى الإسفار والابتعاد عنه ليتخلص من هذه القيود التي يتحفهم الحجاب بها. ولقد حاول الشهيد المطهري مع علمه بخاصية الإنسان وطبعه (الفرار من القيود) أن يمحو من ذهن المخاطب هذا المرتكز في الأذهان عن الحجاب وأنه قيد، فعبر عنه بأنه حصانة ليمحو عنه هذه الصفة السلبية أي (القيد) وآثارها النفسية.
سلبيات تعريف الحجاب بالحصانة
1- إن هذا التعريف انفعالي
لتوضيح هذا الإشكال يلزم أولا في البداية توضيح معنى الحصانة. فعندما نقول بأن الحجاب يأتي بالحصانة للمرأة، يعني أنه يحفظها من الأخظار. وهذا يعني أن المجتمع مليء بالأخطار التي تحيط المرأة، والحجاب يعتبر حصن ووقاية لها من هذه الأخطار. وبعبارة أخرى، تعريف الحجاب بالحصانة يعني أيتها المرأة! هناك أخطار كثيرة تهددك في المجتمع وإذا التزمت بالحجاب سيصونك من كثير منها. فهذا التعريف وإن كان تعريف صحيح لكنه انفعالي. وللأسف إن نظرتنا بصورة عامة للحجاب، نظرة انفعالية. فهل إن هذه النظرة الإنفعالية لمسألة الحجاب وتعريف الحجاب على أساسها يمكنه أن يُدخل مفهوم الحجاب في أعماق عقولنا وسويداء أرواحنا؟ فعلى الرغم أن الحجاب يأتي معه بالحصانة لكن ينبغي أن نرى هل تعريف الحجاب على أساس هذا الأثر الطبيعي (الحصانة) له استهلاك شامل وواسع أم لا؟ وبعبارة أخرى، هل أن هذا التعريف مفيد لجميع طبقات المجتمع أم لا؟ فلهذا التعريف للحجاب إشكالين أساسيين: الأول إيجاد هذه الرؤية الخاصة وهي إن الإسلام يريد من المسلمين أن يكونوا دائما منفعلين أمام جميع الظواهر. الإشكال الثاني هو عدم انسجام هذا الحكم الإسلامي مع روحية الناس الفعالين الذي يفرون من كل شيء انفعالي. أفلا يصيب هؤلاء الأشخاص الخيبة واليأس من الإسلام عندما يسمعون بهذه الرؤية عن الأحكام الإسلامية؟
فالشباب يسعون دائما وراء الإثارة والنشاط والحماس. لذلك لا ينجذب للدين الإنفعالي. والشاهد على ذلك هو عندما يقال لبعض الفتيات: "إلزمي حجابك حتى يصونك من الأخطار"، تجيب بكل شجاعة: "ليخسأ كل من يحاول أن ينظر لي بنظرة سيئة". أو عندما يقال لها: " إلزمي حجابك حتى لا يتهيج الشباب"، تقول بأسلوب هجومي: "إن هذه مشكلتهم، وليست مشكلتي، حسنا ليغضوا أبصارهم".
فهؤلاء الفتيات يضعن الحجاب جانبا لأنهن لا يحببن أن يكن انفعاليات. فهم قد وقفوا أمام الحجاب باستحكام ويملكون الدافع القوي لإبراز شجاعتهم في ترك الحجاب والإسفار. فوجود شخص واحد من هؤلاء يكفي لإسفار جمع كبير من النساء. لأن من لا يملك الشجاعة لترك الحجاب، يتأثر عندما يرى العقيدة الراسخة في ترك الحجاب لهؤلاء الأفراد، وتحصل لديه الشجاعة على ترك الحجاب أيضا.
وبالطبع، فإن جميع النساء حتى اللاتي يشعرن بالشجاعة، يوجد في باطنهن نوع من الخوف الأنثوي، الذي يمكن أن يدخلهم القلق بسببه. إذ يوجد عندهم الأرضية لهذا القلق ويخافون من الاشتباك بالرجال بسبب ضعفهم الجسمي بالنسبة للرجال. وهذا الخوف يشكل أحد عوامل الحجاب للمرأة ولا يعد نقصا لها. فالمرأة تلجأ للحجاب للتخلص من الثقل الروحي الذي يجره عليها ضعف جسمها بالنسبة للرجل لتشعر بالأمن. نجد الغرب الآن يسعى لكي يجرّد المرأة من هذا الخوف الطبيعي ويخرجها من هذا القلق. لذلك نجد الأفلام التي تعرض في الغرب طالما تحتل المرأة فيه دور رجولي ماما وتحضر فيه بصف الرجال في المشاهد البوليسية الخشنة التي لاتطاق. فهم يلقنون المرأة بعلمهم هذا أن لا تخافي، وأن حياءك بسبب هذا الخوف. فلو كنت تتحجبين بسبب الخوف، ولو كنت تتحاشين مصادقة الرجال بسبب الخوف أيضا، فاطردي عنك الخوف يسهل لك ذلك. في الغرب طالما يدعون المرأة لعرض شجاعتها وإبرازها. فتحاول بعض النساء -على أثر هذه الدعايات- أن تبدي بعض الشجاعات التي يصيبها الضرر على أثرها في النهاية. إذ لا يمكن تغيير هذا الواقع وهو أن المرأة بخلقتها الإلهية أضعف جسما من الرجل. ومن ناحية أخرى، إن الله سبحانه أعطى للرجال إمكانات أخرى يمكنه بها أن يضغط على المرأة من جهات مختلفة. فخوف النساء من الرجال طبيعي ومنطقي ومعقول، ويمكنه أن يشكل دافعا ومحفزا لمن يختار الحجاب للحصانة. مع كل هذا، نحن نحتاج لتعريف فعال عن الحجاب نقدمه لمن لا ترغب بالانفعال، وتسعى اتغطية هذا الخوف الطبيعي.
لذا، فإن تعريف الحجاب بالحصانة، على رغم كونه تعريف صحيح، لكنه ينبغي أن نفتش عن تعريف أفضل منه لوجود حالة الانفعال فيه ولعدم شموليته.
2- وجود الأمثلة النقيضة لهذا التعريف
تعريف الحجاب بالحصانة تعريف جميل، لكنه يفقد الدليل المحكم عليه، لذلك فمن السهولة إمكان عرض الأمثلة النقيضة عليه. فمثلا يذكرون إلى جانب هذا التعريف مثالا وهو، إن المرأة كالوردة، فلو كان الورد في معرض القطف، فمن الطبيعي سيقطفها ظالم ويفرق أوراقها ويتلفها. فهل برأيكم إن هذا المثال مُقنع لمجتمعاتنا في العصر الحاضر؟
كانت هناك مشكلة كبيرة تواجه أمانة العاصمة في طهران مدة من الزمن وهي كيف يمكنهم منع الناس من قطف الزهور المزروعة في الأماكن العامة من العاصمة؟ وأخيرا وصلوا إلى النتيجة وهي أن يزيلوا كل سياج وحصار وضعوه حول أماكن زرع الزهور. ودليلهم هو لنترك الناس يقطفوا ما يشاءون حتى يملّوا من هذا العمل. وحدث ما كان المتوقع، وهو عدم قطف الزهور من قبل الناس. فلو أتى شخص بهذا الاستدلال في مقابل الاستدلال بالحصانة للحجاب ومثال الورد، فهل بإمكان أحد أن يجيبه بجواب مقنع؟
أول قدم للدخول في مسألة الحجاب وترشيده وتثقيف الناس عليه، هو تقديم تعريف مقنع لمفهوم الحجاب في حين كونه واقعيا، لا يترك مجال المخالفة للمخاطب من أول خطواته. لذلك نبتدأ هذا الفصل بالتعريف المشهور للحجاب ودراسته وبيان نقاط الضعف والقوة فيه، وكفاءته لزمننا الحاضر، ثم نذكر بعج ذلك ثلاثة تعاريف أو بالأحرى ثلاثة رؤى حول مقولة الحجاب يمكن عدّها البديل عن التعريف المشهور له؛ ولغاية ستر نقاط ضعفه.طبعا، من المحتمل أن نذكر بعض السلبيات الواردة على هذه التعاريف في مقام النقد، رغم أنه مبرّء من السلبيات الواردة على التعريف المشهور.
التعريف الأول: الحجاب حصانة وليس قيد
لا شك في أن الحجاب (سواء للمرأة أو للرجل) يتبعه بعض الحدود والقيود. وبما أن طبيعة الإنسان تفرّ من القيود، نجد بعض الناس يلجأ إلى الإسفار والابتعاد عنه ليتخلص من هذه القيود التي يتحفهم الحجاب بها. ولقد حاول الشهيد المطهري مع علمه بخاصية الإنسان وطبعه (الفرار من القيود) أن يمحو من ذهن المخاطب هذا المرتكز في الأذهان عن الحجاب وأنه قيد، فعبر عنه بأنه حصانة ليمحو عنه هذه الصفة السلبية أي (القيد) وآثارها النفسية.
سلبيات تعريف الحجاب بالحصانة
1- إن هذا التعريف انفعالي
لتوضيح هذا الإشكال يلزم أولا في البداية توضيح معنى الحصانة. فعندما نقول بأن الحجاب يأتي بالحصانة للمرأة، يعني أنه يحفظها من الأخظار. وهذا يعني أن المجتمع مليء بالأخطار التي تحيط المرأة، والحجاب يعتبر حصن ووقاية لها من هذه الأخطار. وبعبارة أخرى، تعريف الحجاب بالحصانة يعني أيتها المرأة! هناك أخطار كثيرة تهددك في المجتمع وإذا التزمت بالحجاب سيصونك من كثير منها. فهذا التعريف وإن كان تعريف صحيح لكنه انفعالي. وللأسف إن نظرتنا بصورة عامة للحجاب، نظرة انفعالية. فهل إن هذه النظرة الإنفعالية لمسألة الحجاب وتعريف الحجاب على أساسها يمكنه أن يُدخل مفهوم الحجاب في أعماق عقولنا وسويداء أرواحنا؟ فعلى الرغم أن الحجاب يأتي معه بالحصانة لكن ينبغي أن نرى هل تعريف الحجاب على أساس هذا الأثر الطبيعي (الحصانة) له استهلاك شامل وواسع أم لا؟ وبعبارة أخرى، هل أن هذا التعريف مفيد لجميع طبقات المجتمع أم لا؟ فلهذا التعريف للحجاب إشكالين أساسيين: الأول إيجاد هذه الرؤية الخاصة وهي إن الإسلام يريد من المسلمين أن يكونوا دائما منفعلين أمام جميع الظواهر. الإشكال الثاني هو عدم انسجام هذا الحكم الإسلامي مع روحية الناس الفعالين الذي يفرون من كل شيء انفعالي. أفلا يصيب هؤلاء الأشخاص الخيبة واليأس من الإسلام عندما يسمعون بهذه الرؤية عن الأحكام الإسلامية؟
فالشباب يسعون دائما وراء الإثارة والنشاط والحماس. لذلك لا ينجذب للدين الإنفعالي. والشاهد على ذلك هو عندما يقال لبعض الفتيات: "إلزمي حجابك حتى يصونك من الأخطار"، تجيب بكل شجاعة: "ليخسأ كل من يحاول أن ينظر لي بنظرة سيئة". أو عندما يقال لها: " إلزمي حجابك حتى لا يتهيج الشباب"، تقول بأسلوب هجومي: "إن هذه مشكلتهم، وليست مشكلتي، حسنا ليغضوا أبصارهم".
فهؤلاء الفتيات يضعن الحجاب جانبا لأنهن لا يحببن أن يكن انفعاليات. فهم قد وقفوا أمام الحجاب باستحكام ويملكون الدافع القوي لإبراز شجاعتهم في ترك الحجاب والإسفار. فوجود شخص واحد من هؤلاء يكفي لإسفار جمع كبير من النساء. لأن من لا يملك الشجاعة لترك الحجاب، يتأثر عندما يرى العقيدة الراسخة في ترك الحجاب لهؤلاء الأفراد، وتحصل لديه الشجاعة على ترك الحجاب أيضا.
وبالطبع، فإن جميع النساء حتى اللاتي يشعرن بالشجاعة، يوجد في باطنهن نوع من الخوف الأنثوي، الذي يمكن أن يدخلهم القلق بسببه. إذ يوجد عندهم الأرضية لهذا القلق ويخافون من الاشتباك بالرجال بسبب ضعفهم الجسمي بالنسبة للرجال. وهذا الخوف يشكل أحد عوامل الحجاب للمرأة ولا يعد نقصا لها. فالمرأة تلجأ للحجاب للتخلص من الثقل الروحي الذي يجره عليها ضعف جسمها بالنسبة للرجل لتشعر بالأمن. نجد الغرب الآن يسعى لكي يجرّد المرأة من هذا الخوف الطبيعي ويخرجها من هذا القلق. لذلك نجد الأفلام التي تعرض في الغرب طالما تحتل المرأة فيه دور رجولي ماما وتحضر فيه بصف الرجال في المشاهد البوليسية الخشنة التي لاتطاق. فهم يلقنون المرأة بعلمهم هذا أن لا تخافي، وأن حياءك بسبب هذا الخوف. فلو كنت تتحجبين بسبب الخوف، ولو كنت تتحاشين مصادقة الرجال بسبب الخوف أيضا، فاطردي عنك الخوف يسهل لك ذلك. في الغرب طالما يدعون المرأة لعرض شجاعتها وإبرازها. فتحاول بعض النساء -على أثر هذه الدعايات- أن تبدي بعض الشجاعات التي يصيبها الضرر على أثرها في النهاية. إذ لا يمكن تغيير هذا الواقع وهو أن المرأة بخلقتها الإلهية أضعف جسما من الرجل. ومن ناحية أخرى، إن الله سبحانه أعطى للرجال إمكانات أخرى يمكنه بها أن يضغط على المرأة من جهات مختلفة. فخوف النساء من الرجال طبيعي ومنطقي ومعقول، ويمكنه أن يشكل دافعا ومحفزا لمن يختار الحجاب للحصانة. مع كل هذا، نحن نحتاج لتعريف فعال عن الحجاب نقدمه لمن لا ترغب بالانفعال، وتسعى اتغطية هذا الخوف الطبيعي.
لذا، فإن تعريف الحجاب بالحصانة، على رغم كونه تعريف صحيح، لكنه ينبغي أن نفتش عن تعريف أفضل منه لوجود حالة الانفعال فيه ولعدم شموليته.
2- وجود الأمثلة النقيضة لهذا التعريف
تعريف الحجاب بالحصانة تعريف جميل، لكنه يفقد الدليل المحكم عليه، لذلك فمن السهولة إمكان عرض الأمثلة النقيضة عليه. فمثلا يذكرون إلى جانب هذا التعريف مثالا وهو، إن المرأة كالوردة، فلو كان الورد في معرض القطف، فمن الطبيعي سيقطفها ظالم ويفرق أوراقها ويتلفها. فهل برأيكم إن هذا المثال مُقنع لمجتمعاتنا في العصر الحاضر؟
كانت هناك مشكلة كبيرة تواجه أمانة العاصمة في طهران مدة من الزمن وهي كيف يمكنهم منع الناس من قطف الزهور المزروعة في الأماكن العامة من العاصمة؟ وأخيرا وصلوا إلى النتيجة وهي أن يزيلوا كل سياج وحصار وضعوه حول أماكن زرع الزهور. ودليلهم هو لنترك الناس يقطفوا ما يشاءون حتى يملّوا من هذا العمل. وحدث ما كان المتوقع، وهو عدم قطف الزهور من قبل الناس. فلو أتى شخص بهذا الاستدلال في مقابل الاستدلال بالحصانة للحجاب ومثال الورد، فهل بإمكان أحد أن يجيبه بجواب مقنع؟