قبيلة الترابين
يسرني أن أذكر نبذة بسيطة عن نسب قبيلة الترابين في هذا الجزء
نسب قبيلة الترابين
يعرف عن الترابين بأنها قبيلة ذات بأس وقوة ونخوة وجسارة في القتال وأشتهر أغلب أفرادها بالشجاعة والإقدام وهي من أكثر القبائل العربية في سيناء وفلسطين عدداً وأعتاها قوة وأوسعها أرضاً ، وقد عرف عن الترابين أيضاً أن الترباني يتحاشى الشر جهده حتى إذا لم يرى منه مهرباً نهض نهضة الأسد وأندفع بكليته على خصمه حتى يقهره وكان الله في عونه .
ملحوظة
أحب ان ألفت أنظاركم إلى هذا القول بأنه ليس تحيز مني لقبيلتي بل هذه هي الصفات العامة التي عرف بها الترابين من بداية نشأتهم حتى اليوم وقد ذكر هذه الصفات عارف العارف في كتابه تاريخ قضاء بئر السبع ، ونعوم بك شقير في كتابه تاريخ سيناء القديم والحديث وغيرهم من المؤرخين .
بداية نشأة قبيلة الترابين
لقد توارثنا من أجدادنا التاريخ الذي لم يدون وأغلب أفراد القبيلة يحملون هذا التاريخ في غمار قلوبهم ويرددونه في مجالسهم التي لا تخلو من تفاخر أبناء القبيلة بتريخها وأيامها وهذا الشئ عام على مستوى القبائل فإننا نلاحظ أن النوادر والقصص التي يرددها البدو اكبر بكثير من ما ذكر في المجلدات وكتب التاريخ وما ذال العرب والبدو في كل مكان يحتفظون بتلك السوالف لأن ابطالها منهم وهي تشكل التراث الذي يحفظ هويتهم .
مؤسس قبيلة الترابين هو عطية بن نجم وهو من الأشراف من سلالة الحسن بن علي رضى الله عنهما وقد لقب بالترباني نسبة لوادي تربة وهو وادي من وديان قبيلة البقوم ويقع جنوب شرق الطائف ، وهناك أقوال غير واضحة في سبب رحيله من بلاده إلا وهي إنه قتل رجل من ربعه والقول الأخر إن البلاد في ذلك الوقت كانت محل ولهذا رحل هو ومن معه والأرجح القول الأول ، ولقد رافقه في رحلته أبن أخيـه الذي لقب بعد ذلك بالوحيـدي ورجل من قبيلة البقوم لقب بعـد ذلك بالنعامي وهناك مثل في فلسطين يقال حتى اليوم وهو
" الترباني والنعامي واللى تلاهم "
نزل ثلاثتهم ضيوف على شيخ كبير السن من قبيلة بني واصل بن عقبة بن جذام القحطانية في بادية سيناء ولم يعقب هذا الشيخ سوى ثلاث بنات واحدة جميلة جداً والأخرى أقل جمالاً من أختها والأخرى كانت قرعاء لها مقادم وكانوا يرعون حلاله ولقد ترك هذا الشيخ مضارب عشيرته لإختلاف حدث بينه وبين ربعه وكان كثير المال والحلال وأختار ارض خصبة تصلح لرعي حلاله من أبل وأغنام وكانت هذه المنطقة أرض غزو يقصدها قطاع الطرق للنهب وفي اثناء مدة الضيافة التي مدتها ثلاث أيام وثلث يوم أكرمهم الشيخ الوصلي وشاء الله أن تهجم مجموعة من قطاع الطرق وزعيمهم " هلب سويد " على المرعى وساقوا الأبل والأغنام ففرتا أبنتيه وظلت واحدة وكانت أجملهم تراقب قطاع الطريق من بعيد حتى تعرف إلى أين سيأخذوه وعندما رجعتا أبنتيه خبرتا أمهم ، والشيخ كان في المجلس مع ضيوفه فنادت زوجته عليه وقالت له ما حدث فقال ماذا أفعل فإن عظامي لانت ولن أستطيع حمـل السيـف كسابق عهدي ؟! .. فقالت زوجته : أجلس مع ضيوفك وسأصرخ وأقول نهبوا الحلال سرقونا قطاع الطريق ربما غلبتهم النخوة والحمية العربية وفزعوا خلف الحلال وبالفعل هذا ما حدث فقام الضيوف الثلاثة وحملوا سيوفهم وأمتطوا خيولهم .. فقال لهم الشيخ بعد أن رأى فيهم النخوة والحماس : لا تذهبوا عسى أن يحدث لكم مكروه فيطالبنا ربعكم بدماءكم .. والحلال له أهل يردوه " أراد الشيخ بقوله هذا أن يتبرأ من ذنبهم إن حدث مكروه لهم وأيضاً يحفـظ ماء وجهه وهذا من فطنة العـرب " فقالوا : ضيوفك محلية والشر إن جاك بأرواحنا نرده والمنية لا الدنية ففزعوا خلف اللصوص وأستطاعوا اللحاق بهم لسرعتهم وبطء اللصوص لسياقتهم الأبل والأغنام فهجموا عليهم وسقط أكثر من قتيل من بينهم وساق النعامي الأبل والأغنام ووقف الوحيدي في ظهر عطية يحميه ففر الباقي وتعقبهم عطية بن نجم حتى لا يكروا عليهم بعد فرارهم فينالوا منهم مثل ما نالوا وأستطاع عطية أن يصدهم بمفرده في المرة الأخيرة وقتل منهم وفر الباقي بدون رجعه وقد رأت أبنة الشيخ الجميلة كل تلك الأحداث ورأت شجاعة عطية بن نجم في الكر والفر وضرب السيف فأعجبت به .
رجع النعامي بالحلال وأستقبله الشيخ الوصلي بالفرح الشديد وظل عطية والوحيدي في المرعى خوفاً من كر قطاع الطريق وبعدها بقليل رجعوا فأستقبلهم الوصلي كما أستقبل النعامي
وهذا كان السبب في تسمية الرجل البقمي بالنعامي لإنه ساق الأبل والغنم والعرب تسميها أحياناً بالحلال والأخرى بالنعام ولم يشارك مشاركة فعلية في قتال اللصوص .
جلس عطية ورفيقيه بعد مدة الضيافة ولاحظ الشيخ الوصلي إن عطية بن نجم يخرج كل يوم ليصتاد من البر كعادته ورفيقاه يجلسا في المجلس يتسامرون وقد أشارت زوجة الشيخ عليه وقالت ذريتك بنات فلما لا تزوج بناتك الثلاثة من هؤلاء الفرسان الشجعان ويصيروا عزوة لك فهم أرباب حرب يردوا الميلة فقال : كيف ؟ .. قالت : دلني على أوصافهم والرأي عندي ... قال أولهم ذلك الرجل الذي لا يعرف الجلوس أبداً فإنه يخرج في الصيد من الصباح لغروب الشمس ويأتي بصيد ثمين حتى أصبحنا لا نأكل إلا من صيده فإنه قوي نشمي لا يهاب الموت ولكنه اسمر اللون ملفوح الوجه من كثرة تعرضه للشمس لا يعرف من هذه الدنيا إلا سن سيفه ومزراقه والصيد والغزو ولا يصلح إلا ليكون عقيد قبيلة وهو عطية بن نجم ...أما الثاني فإنه كسول لين العريكة لا يجيد ضرب السيف ويجيد تصويب الرمح ولا يحب الحرب ولا يصلح إلا ليكون راعي " وهو من لقب بالنعامي " أما الثالث فإنه أحسنهم وجهاً ، يجيد ضرب السيف ، ولا يحب القتال ، والغيرة طبع فيه ، حسن اللسان حكيم لا يصلح إلا أن يكون حسيب قبيلة أو شيخ . " وهو من عرف بعد ذلك بالوحيدي " .
قالت زوجة الشيخ : باكر أعرض عليهم عشر الحلال الذي ردوه فإن قبلوه الله يسهل عليهم وعلينا ، أما إن رفضوا أخذه فأعطي بنتك الجميلة لثالثهم الحسن الوجه ، وأعطي بنتك الثانية للرجل الثاني ، أما ابنتك القرعاء أعطها لأولهم لإنه لن يملها وذلك لقلة جلوسه في الدار.
لقد سمع عطية بن نجم هذا الحديث عفوياً وأسره في نفسه ، وسمعته أيضاً بنت الشيخ الجميلة وفي اليوم الثاني جلس الشيخ مع ضيوفه وقال لهم يا وجوه الخير أنتم رديتم لي مالي ولكم فيه العشر وهذا حق الله .. فقالوا : حد الله بيننا وبين مالك والحق لأصحابه مردود والجزاء عند الله ما نبغيه منك وبارك الله فيك .. قال الشيخ : بدي أجازيكم وما أدري كيف ! فاسمعوا أنا عندي ثلاث بنات أولاد عمهن رجال يتمنوهن ولكني أفضلكم عليهم لفضلكم علي ونشامتكم وأريد أن أزوجكم بناتي والموت أرحم عندي من عرض بناتي للزواج بهذه الطريقة وما جعلني أفعل ذلك لأني توسمت فيكم الخير ولا أريدكم أن ترحلوا من عندي وتصبحوا أولادي . وفي هذه اللحظة قالت أبنته الجميلة من خلف ساتر المجلس يا أبي إن عطية الفارس المغوار له أكبر الفضل في رد الحلال ويستحق يأخذ أفضل بنت فينا ، وهنا رد عطية بن نجم وقال : يا بنت أنا أريد القرعاء فقد رضيت بنصيبي لأني أريد ذرية نشامة يكونوا شياهين البر ويوحدوا الله ، وهنا تعجب الوصلي لأن عطية سبقه وطلب القرعاء لنفسه .
وبالفعل تزوج عطية القرعاء وأسمها " نجمة " وصارت أم قبيلة الترابين وبارك الله في ذريتهما أما سبب تسميتـه بالترباني فإنه نزل ضيفً على رجـل فسأله وقال : من أين أنت ؟ .. قال : من تربة ومن هنا لقب بالترباني ، وتزوج النعامي بالثانية ، وتزوج الوحيدي بالثالثة الجميلة وهو أبن أخي عطية بن نجم وبعد زواجه نصب بيت الشعر بعيداً عن الناس لشدة غيرته فعندما رأوه العرب قالوا عليه الوحيدي وأصبحت من يومها لقباً له ولذريته من بعده ، ومن عجيب الأمور إن ثلاثتهم أصبحوا مؤسسين لثلاث قبائل كبيرة ، فعطيه أبو قبيلة الترابين ، والوحيدي أبو قبيلة الوحيدات وأغلبهم في الأردن ، والنعامي أبو قبيلة النعام وكلهم في بر مصر في منطقة الجيزة والحومدية .
لقد توفى عطية ودفن في جنوب سيناء بالقرب من نويبع وأطلق على الوادي الذي دفن فيه وادي الشيخ عطية
هذه المشاركة مقدمة من الأخ : بدرالدين بن جرمي الترباني
عبد الله الترابين
:Jordan::Jordan::Jordan::Jordan::Jordan::Jordan::Jordan: