عابر عبور الكرام
الحسين بن طلال .. رحمه الله
لن أكتب عنه لأستذكره وأسترجع صورته لأنه في كل شيء أمامي فأنا أراه في كل زاوية له فيها أثر وعبق أراه في كل بناء شيده وطريق عبده ومستشفى انشأها وجامعة أسسها , لن أكتب عنه لأقول لمن خرجت شعوبهم لتخلعهم في نفس الشهر الذي خرج شعبه ليودعه فيه أنكم ما وعيتم " مهنته كملك " فاعتقدتم أن الملك هو ملك الرقاب وليس ملك القلوب , عذرا " أبا عبد الله " أني أقارنك بهم فأعرف أن السيف تنتقص قيمته إذا قلت أن السيف أمضى من العصا, ولكن أيها السيف حق لي أن أبارز بك كل من فاته أن " الإنسان أغلى ما نملك ". لا أستطيع أن أتكلم عن شخصيتك لأن ليس لمثلي أن يعيها ويقلدها ولكن استطيع بملء فمي أن أكتب عن أثرها وعن ذكراها , عن عظيم تشعر بحضرته أنك من العظماء , عن الفترة بين كل كلمة وأخرى في خطاباتك تلك الفترة التي كانت تلتهب المشاعر لنعرف ما سيأتي بعدها من الحكمة وحب الوطن, عن تواضع جعلك يا "سيدي" تخاطب كل من تراه ب " سيدي" , كيف لا وقد " شدت عروقك من كرائم هاشم بيض نمين خديجة وبتولا" . ما استوقفني شيء في سيرتك إلا عندما عدت من رحلة علاجك الأولى أتساءل هل كان الشفاء لنا أم كان لك؟ هل طلب أحد من الاردنيين بشيبهم وشبانهم أن يخرجوا بالالاف لإستقبالك ؟ أم أن الأحبة خرجوا ليلقوا بعضهم؟ فيا مبرئ العلل الجسام بطبه ....تأبى المروءة أن تكون عليلا!! كل شيء فيك يدل عليك , أما توليت أمرنا شابا يافعا نحيل الجسم وأبيت أن تحقق للمتنبي شعره " وإذا كانت النفوس كبارا .. تعبت في مرادها الأجسام ", أما أحببت الطيران و " أتقنته " لأن العيش لا يحلو إلا في " الموطن " , أما أعطيتنا درسا في العزة التي لا يلقاها الا الذين صبروا,عزة إكتسبتها من عفو المقتدر عمن أساء إليه فقربه !! , فلله درك من مهيب وادع .. نسر يطارحه الحمام هديلا.. احترت بيني وبين نفسي أني لماذا أحبك؟ أريد الوصول لسبب ملموس جعلني أحبك كل هذا الحب, لن أزكي على الله أحد فالله حسيبك لكن ألسنا شهود الله في الأرض ؟ أليس إذا أحب الله عبدا وضع له القبول في الأرض؟ لم أصادف حتى اللحظة من لا يحبك .. حتى عدوك لا أقول أحبك لكني على ثقة انه " إحترمك وهابك ". قد لا أقوى على ترجمة تلك الصورة العالقة في ذهني إلى كلمة, لا لشيء إلا لخوفي أن لا أعطي اللحظة هيبتها , تلك اللحظة التي إلتقى فيها الطهر بالطهر عندما عانق جبينك تراب الوطن بسجدة للمولى العلي القدير عندما أطال عمرك وأعادك لتكحل عينك بنا ونكحل عيوننا بك ثم خرجت من سيارتك رغم تعبك لتقوم بواجبنا عندما خرجنا لإستقبالك أيها الكريم يا " صاحب الواجب " , أما الجنازة فلن أتكلم عنها لأني بكل بساطة " لا أستطيع وصفها ولا أريد تذكرها ", إلا أني أستطيع ان أقتبس منها حبا تجاوز وطنا بحجم بعض الورد ليصل كل العواصم حاملا قادتها الى "عمان" ليعرفوا أن الموت لا يلغي حياة الحب في القلوب ! لك يا سيدي في ذكرى وفاتك الدعاء بالرحمة والغفران ولي في ذكرى وفاتك موعد جديد متجدد مع " العسل " الذي نطق به الجواهري في حضرتك فما كان مداهنا وما كان معسولا.. رحمك الله " يا اغلى من روحي "