{وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}
إن من تعاسة العبد, وعثرة قدمه وسقوط مكانته: ظلمه لعباد الله, وهضمه حقوقهم, وسحقه ضعيفهم, حتى قال أحد الحكماء: خف ممن لم يجد له عليك ناصراً الا الله.
ولقد حفظ لنا تاريخ الأمم أمثلة حية في الأذهان عن عواقب الظلمة. فهذا عامر بن الطفيل يكيد للرسول صلى الله عليه وسلم, ويحاول اغتياله, فيدعو عليه صلى الله عليه وسلم, فيبتليه الله بغدة ٍ في نحره, فيموت لساعته, وهو يصرخ من الألم.
وأربد بن قيس يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم, ويسعى في تدبير قتله, فيدعو عليه, فينزل الله عليه صاعقة تحرقه هو وبعيره.
وقبل أن يقتل الحجاج سعيد بن جبير بوقت قصير, دعا عليه سعيد وقال: اللهم لاتسلطه على أحد بعدي. فأصاب الحجاج خراج في يده, ثم انتشر في جسمه, فأخذ يخور كما يخور الثور, ثم مات في حالة مؤسفة.
واختفى سفيان الثوري خوفا من أبي جعفر المنصور, وخرج أبو جعفر يريد الحرم المكي وسفيان داخل الحرم, فقام سفيان وأخذ بأستار الكعبة, ودعا الله عزوجل أن لا يدخل أبا جعفر بيته, فمات أبو جعفر عند بئر ميمون قبل دخوله مكة.
وأحمد بن أبي دؤاد القاضي المعتزلي يشارك في إيذاء الإمام أحمد بن حنبل فيدعـو عليهم فيصيبه الله بمرض الفالج فكان يقول: اما نصف جسمي فلو وقع عليه الذباب, لظننت أن القيامة قامت, وأما النصف الآخر فلو قرض بالمقاريض ماأحسست.
ويدعو أحمد بن حنبل أيضا على ابن الزيات الوزير, فيسلط الله عليه من أخذه, وجعله في فرنٍ من نار, وضرب المسامير في رأسه.
وحمزة البسيوني كان يعذب المسلمين في سجن جمال عبدالناصر, ويقول في كلمةٍ له مؤذية: ( أين إلهكم لأضعه في الحديد )؟ تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً. فاصطدمت سيارته وهو خارج من القاهرة إلى الإسكندرية بشاحنة تحمل حديداً فدخل الحديد في جسمه من أعلى رأسه إلى أحشائه, وعجز المنقذون أن يخرجوه إلا قطعاً
{وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ}
{{ الذين طغوا في البلاد * فأكثروا فيه الفساد * فصب عليهم ربك سوط عذاب}}.