كذب الذي يقول أن النسورَ غادرتْ أوكارَها وإلى لأبدِ ...
فالنسورُ تحلقُ فوق سفوحِ الجبالِ ثمَّ تعودُ إلى أوكارِها، فهناك صغارٌ تنتظرها وعالمٌ جميلٌ يتجلّى في حضورِهـا ..
ولكن حين يشعرُ النسرُ بالخطرِ يحدق به، وذلك الخوفُ الذي يسيطر عليه، والغدرُ الذي تغلَّفَ به، والخداعُ الذي يتذوقُ به، حتماً سيغادرُ وإلى الأبدِ ...
(خطرٌ- خوفٌ- غدرٌ- خداعٌ) ... حولَ ذلك الوكرِ شيءٌ بالنسبةِ له لا يُطاقُ ..
وإنْ رأى هناك مَنْ يراقبه ويريد اقتناءَه وامتلاكَه داخل القفصِ، سيغادرُ ولا يعودُ حتى لو كان في انتظارهِ كلُّ شيءٍ جميلٍ ..
فالنسرُ لا يؤمنُ بوجودِ أبوابٍ لتغلقَ عليه ... فحين ترى النسرَ مغادراً وكرَه للأبدِ، فتأكد بوجودِ شيءٍ مزعجٍ حول ذاك الوكرِ ..
فلا تتخيلْ يوماً بأنّ النسرَ سيكونُ سعيداً حين تضعه داخلَ قفصٍ، حتى ولو قدّمتَ له جميعَ أنواعِ الطعامِ والشرابِ، وهيَّأتَ له جميع الملذاتِ ..
ولا تحاولْ يوماً أنْ تخدعَ نسراً أو تغدرَ بهِ لتضعَهُ داخلَ قفصٍ ...
ولا تفكرْ يوماً ولو مجرَّدَ تفكيرٍ بأنْ تسلِّطَ عليه ضوءاً مزعجاً أو صوتاً صاخباً .. فبكل ببساطة يعتقد بأنه لن يكون هناك تركيزٌ إلاّ إذا كان هناك هدوء ..
هكذا هي النسورُ دائماً وأبداً .. أحرارُ الأرضِ والسماءِ .. فإنْ أحببتَ يوماً نسراً، فدعه حرَّاً، وحققْ له الأمانَ، فسوف يعودُ إليك حاملاً كلَّ شيءٍ جميلٍ ..