بيسانُ في رُوحي وفي وجداني *** بيسان تسري في دمي وكياني
بيسانُ فيك مرابعٌ من جنّة *** بيسانُ أنتِ مرافقي شطآني
بيسان تحمل في مرابعها الجنا *** بيسان درّةُ ما حوت أوطاني
أشتاق دوما للمرابع والشذى*** والشوق يحرقني من الحرمانِ
أشتاق للبيت القديـــم محبــة *** والشوق عندي مثلما إيماني
أشتاق للسوق القديم ولو عفا *** والماء يجري مثلما الغدران
أتذكر الأحباب في جنباتها *** أتذكر الحارات والجيران
أتذكر الأطفال في غدواتهم *** أتذكر الأطيار في البستان
أتذكر الأستاذ يشرح درسه *** أتذكر الأيام في بيسان
كما كانت الأيام فيها حلوة *** كم كان يحلو السهر في رمضان
كم كنت أجلس تحت ظل خميلة *** كم كنت أرقد جانب الجدران
كم كنت أسبح بعد كل تعرق *** في بركة من حرة تغشاني
والماء فيها كالزلال نقاوة *** والظل فيها من عطا الرحمن
فإذا دخلت الحرش أشعر أنني *** قد جئت أطفيء من لظى نيران
وروائح الأزهار تنشر بلسما *** أنفاسها من جنة الرضوان
والنهر يجري حاملا أسرارها *** والطير ينشد أعذب الألحان
أما الخرائب هل أتاك حديثها *** آثارها من سالف الأزمان
والتل حضن للمدينة شامخ *** كم أرهب الأعداء كالبركان
أنهارها عبر المدينة وزعت *** والنهر يبقى دائم الجريان
سوق الخميس تجمّع وتظاهر *** والسوق يجمع معظم الخلان
يتداول فيه التجار لسلعة *** والبعض يعرض فائض القطعان
والناس في هرج ومرج تبتغي *** حاجاتها في زحمة العربان
يتداولون شؤونهم في سوقهم *** والسوق مجلسهم كما الديوان
بيسان ظلت تكتوي من غربة *** والغربة الكبرى من الحرمان
وعجبت من أهليك كيف تفرقوا *** هجروك ظلما باؤوا بالخذلان
ولقد عشقت هواءها وترابها *** والنهر يعزف أعذب الألحان
دعني أفتش عن بلاد مثلها *** إني عجزت وعاد لي تحناني
لا تعجبوا من حبنا لمدينتنا *** فالحب مغروس بكل جنان
قد كنت يا بيسان مصدر عزة *** قد كنت حقا مربض الشجعان
قسما بأنا لن ننام على الخنا *** ورؤوسنا لا تنحني لهوان