تظاهرات فنية تجسد واقع الهجرة والاحتلال تؤكد تمسك الفلسطينيين بحقهم في العودة
" تصدى شيخ فلسطيني "مسن" لجنود حاجز صهيوني وسط مدينة غزة ظهر اليوم وسط اندهاش الآلاف من الفلسطيني في المدينة " ، إذ انسحبت قوات الاحتلال الصهيوني من قطاع غزة في أيلول/سبتمبر 2005 ، ولم تبق جندياً واحداً داخل المدن في القطاع .
كان هذا مشهداً درامياً من مسرحية أنتجها الفنانون الفلسطينيون لإحياء ذكرى النكبة الـ(63) بفعاليات فنية تستحضر أشكالاً متعددة من عذاب الفلسطينيين ومعاناتهم طوال سنوات الهجرة والاحتلال الطويلة .
و ضجت شوارع قطاع غزة بمسيرات جماهيرية واسعة لإحياء ذكرى النكبة الـ(63) ، وسط مشاركة واسعة من المتضامنين الغربيين والأطفال الفلسطينيين ، في المناسبة التي يستعد الفلسطينيون لإحيائها يوم غد الأحد بواحدة من اكبر الفعاليات التي تشهدها الذكرى منذ عقود . من بينها دعوة حركة حماس الفلسطينيين لصلاة فجر يوم غد الأحد في كافة المساجد للخروج بمسيرات مليونية.
ووجهت حركة حماس، دعوتها للفلسطينيين للمشاركة في صلاة الفجر في المساجد تحضيراً للمشاركة في مسيرات الزحف نحو فلسطين. وقالت حماس : إن رئيس حكومتها "إسماعيل هنية " سيؤم بالآلاف من المصلين صلاة الفجر في المسجد العمري الكبير.
وتقدم العشرات من المتضامنين الغربيين ظهر اليوم ، مسيرةً للفنانين الفلسطينيين في ساحة الجندي المجهول وسط مدينة غزة ، فيما كان المئات من الأطفال يشاركون في مسيرة أخرى في ميدان فلسطين شرق المدينة .
و جسد الفنانون صورة حاجز عسكري إسرائيلي وسط مدينة فلسطينية يقاتل فيها السكان جنود الحاجز المدججين بالسلاح ليسمحوا لهم بالمرور عن الحاجز. وتقيم قوات الاحتلال مئات الحواجز العسكرية في مدن الضفة الغربية ، وكذلك كانت تقيم العشرات قبل انسحابها من قطاع غزة .
وخلال التظاهرة قام مسن فلسطيني باجتياز حاجز عسكري صهيوني يحرسه جنود مدججين بالأسلحة الرشاشة ، قبل أن يعود وهو يحمل رمزيا مفتاح منزله إلى بلدته التي هجر منها قسرا في العام 1948.
وقال عضو اتحاد الفنانين الفلسطينيين المخرج التلفزيوني سعيد بيطار : إن هدف هذه التظاهرة هو أن "نقول كلمتنا بعد 63 عاما من النكبة ونرحب بكل المتضامنين الدوليين والايطاليين" الذين وصلوا غزة للمشاركة في فعاليات إحياء ذكرى النكبة".
وبينما راح الفنانون يمثلون المشاهد على الأرض، كان عدد من الفنانين غارقين في رسم مظاهر الهجرة على الجدران الرئيسة بالساحة.
وأكد رئيس رابطة الفنانين المخرج سعد اكريم في كلمة له بالمظاهرة ، على التمسك بحق العودة للشعب الفلسطيني، قائلاً ، إن "الفنانين الفلسطينيين لن يبكوا على الأطلال، بل سيصنعون من الليمون شرابًا حلوًا وسيصنعون من خلال الأعمال الفنية ما يسهم بتجسيد هذا الحق".
وأشار إلى أن الفنانين الفلسطينيين يحيون في شمير الشعب الفلسطيني ، وتمثل القضية الفلسطينية أولوية عملهم الفني منذ نشوء القضية .
من جهته ، أكد المتضامن الايطالي "اندريا" المشارك في وفد تضامني غربي من أصدقاء المتضامن الايطالي فكتوريو أريغوني الذي قتل منتصف شهر ابريل/نيسان الماضي على أيدي مجموعة متشددة في غزة ، أن الحركة الدولية التضامنية مع الشعب الفلسطيني ستبقى مستمرة حتى آخر عضو فيها، مشدداً على مشاركته للشعب الفلسطيني في إحياء نكبته الـ63.
وقال اندريا وسط هتافات نحو ثمانين متضامناً غربياً وصلوا غزة الخميس الماضي : جئنا لنقف إلى جانب الشعب الفلسطيني في كفاحه المشروع للتخلص من الاحتلال. مشيراً إلى أن فريق التضامن سيكمل مشواره كرد على مقتل صديقهم أريجوني الشهر الماضي.
وشدد على أنهم جاءوا إلى غزة لمشاركة للشعب الفلسطيني فعالياته وأنشطته في ذكرى النكبة لكسر الصمت العالمي حيال نكبة الشعب الفلسطيني، ولدعم حركة الشباب العربي والفلسطيني ضد الانقسام والاحتلال وتقوية العمل والتواصل معهم.
وغير بعيد عن ساحة الجندي المجهول ، كان المئات من أطفال "رياض الأطفال" يتظاهرون في ساحة "ميدان فلسطين" شرق غزة ، وهم يرفعون لافتات كتبت عليها أسماء القرى والبلدات الفلسطينية الـ(500) التي طرد منها أجدادهم بالقوة ، وحملت كل لافتة شعاراً يؤكد على حق الفلسطينيين في العودة والتعويض.
وقال الطفل "احمد" ، وهو يحمل علم فلسطين في يد وفي الأخرى لافتة تشير إلى مدينة "المجدل" التي تركها أجداده : نحن هنا لن نرحل عن غزة حتى نعود إلى المجدل أرض الآباء والأجداد .
وشددت الطفلة "منى" وهي ترتدي الثوب الفلسطيني، على أن الأطفال رضعوا كل شيء عن بلاد الآباء والأجداد مع حليب الأمهات، وأضافت " سنذهب يوماً إلى بيوت أهلنا في كل المدن التي هجروا منها ".
ويقول هيثم أبو العطا منسق تظاهرة الأطفال ، إن إحياء الأطفال لفعاليات النكبة يعد " رسالة للمجتمع الدولي بأن حق العودة لن يسقط، وأن كافة الأجيال الفلسطينية لن تتراجع أو تقبل بالتنازل عنه".
ويضيف ، إن تظاهرة الأطفال تأتي اليوم لتؤكد لـ "بن غورويون" أن " الكبار يموتون والصغار لا ينسون " في إشارة الى جملته الشهيرة التي قالها إبان إقامة الكيان الصهيوني في العام 1948 :" إن الكبار سيموتون والصغار سينسون ".
المصدر : الحقيقة الدولية - غزة-علي البطة 14.5.2011