نمت مكان جدي، كان جدي يدعوني "يا صغيري نيقولا"، وانتهى الأمر بي إلى النوم على صدره، عندما استيقظت، شعرت بالخوف، كان خوفاً رهيباً.
لم يكن جدي موجوداً! ولحسن الحظ، "جوليا" كانت موجودة، شرحت لي إنهم سيعيدون جدتي إلى هنا. قمت وارتديت ملابسي، وعندما نزلت رأيت جدتي، قلت ذلك لك على ما أظن. ثم وضعوها في التابوت، ووضعوا التابوت على حامل، وضع عمداً، في منتصف الصالون. بَقِيَتْ في الصالون يومين.
كان الناس يقفون بالصف للصلاة عليها. كانوا يتحدثون بصوت منخفض.
أنا كنت أفضل ألا يروا جدتي، بسبب الفضول الذي لا أحبه. ثم إن "الباروكة" لم تكن موضوعة بالطريقة التي تحبها.
ثم إنها كانت ميتة جداً.
***
يا شوكس المستقبل.
نحن الآن في العطلة تقريباً.
يجب أن آخذ "نيقولا دولوز" في نزهة، كما يأخذ المرء كلبه للنزهة.
جدي شجاع جداً. إنه منظم، لكنني خائف، من الشعور بأنه لم يعد يحبني. خائف من أن يرسلني إلى مدرسة داخلية، في أول السنة الدراسية القادمة. ومن أنه يريد أن يعرفني بوالدي، كي يعلن هو الخبر لي. هكذا هو الأمر.
هذا هو، هذا هو يا شوكس.
إن المدرسة الداخلية ترعبني، هناك لا أستطيع البقاء أبداً وحدي، لن تبقى لي غرفتي المستقلة. ولن أستطيع الكتابة لـ "شوكس" عندما يكون جدي في مكتبه، وهو يظن أني نائم.
إذا وضَعُوني في المدرسة الداخلية، فسوف أهرب.
أين أذهب؟
أعود إلى هنا، وأختبئ في السقيفة، وسوف آخذ ما آكله من الثلاجة عندما تكون جوليا غائبة، وسوف أرفض كل شيء: الدكتور "بالان"، أن أعمل، أن آكل.... كل شيء.
أو أذهب، سيراً على قدمي، وأجول العالم، وأبحث عنك، أبحث عنك حتى أجدك.
إنني واثق من ِأنني سأتعرف عليك.
ولكن أنتِ؟
أنا سطحي جداً!
مر شهر آخر دون الكتابة إليكِ.
وثم...
شوكس، شوكس، شوكس.
لو كنت تعلمين.
استمعي لي جيداً، بعينيك الواسعتين المفتوحتين كصحون صغيرة، بدلاً من الآذان (مهلاً، مهلاً، نيقولا دولاز!) لنستعد الأمور من البداية.
الليلة الماضية، وأنا عائد إلى المنزل، فاجأت جدي جالساً إلى طاولة المائدة، وهو يحمل رأسه بين يديه، كان يجلس بهذا الشكل ولا يتحرك.
عطستُ، لكنه لم ينتبه، عندئذ، صعدت إلى غرفتي.
كنت مضطرباً، لقد فهمت للتو أن فقدان الزوجة أصعب كثيراً من فقدان الجدة (لكن جدي شجاع، ومنظم جداً، حتى ظننت أنه كان يتحمل المأساة). وعلى الفور قررت، وقلت لنفسي:
"نيقولا، لقد بلغتَ أقصى مداك؛ يجب أن تتكلم مع جدك".
بعد العشاء، سألته إذا كنا نستطيع التنزه في الحديقة، بعد تناول الطعام، لمشاهدة النجوم. كنت أحاول أن أبدو سعيداً، لكن ذلك كان صعباً، وأعتقد أيضاً أن جدي كان متعباً.
في الطريق توصلت للقول:
- لماذا يا جدي تريدني حتماً أن أتعرف إلى أبي؟ لقد استغنينا عنه جيداً حتى الآن!
أجابني جدي - يا نيقولا، عمري ستون عاماً، لست صديقاً لولد في مثل سنك، إنك تصادف متاعب كثيرة منذ وفاة جدتك، إن كل مانحاول فعله لإخراجك من محنتك يذهب سدى. أنا والدكتور "بالان" نعتقد أنه من الواجب تغيير حياتك، ومعرفة والدك هي الحل. وهو نفسه يرغب في ذلك. وأيضاً زوجته. إن لهما فتاة لطيفة جداً، أنت تعلم هذا، ولم تحاول أن تعرف اسمها أو عمرها أو أي شيء آخر عنها.
(وها أنا من جديد عاجز عن النطق، يا شوكس، مستحيل أن أنطق بكلمة) وتابع جدي، (وكلما زاد غضبه، زاد سكوني):
- وفي النهاية، يا نيقولا، سوف أضطر إلى اتخاذ القرار بدلاً منك، وخلافاً للسيد "دولاهي" أعتقد أننا لا نحتاج لانتظار "أن يبدي السيد نيقولا رغبته في الخروج من نفسه" (هذه قالها بقسوة).
أنا - أوه!! ذاك السيد "دولاهي" أتركه وشأنه. أكره أن يتدخل في شؤوني.
توقف جدي فجأة، وهو الإنسان الهادئ اللطيف، وهاهو يثور غاضباً:
- ثم في البدء، من هو الذي يقول لك أنني أرغب في تربيتك؟ وهل تظن أن لعب دور المربية يسعدني؟ أم اهتمامي بمذاكرتك أو عطلتك أو أخذك إلى أي مكان أذهب إليه، أو التحدث بصوت منخفض؟
وإذا متُّ يا نيقولا، من الذي سيهتم بك؟ قل لي!
الجد لا يؤلف عائلة. وجدك ذاق الأمرّين من حفيده (حضرتك)! نعم ذقتُ الأمّرين! أنا لا أستطيع تحملك بهذا الشكل بعد اليوم! إذا كان يود والدك أن يأخذك، فليفعل!
أنظر إلى جدي، كنت مذهولاً، وفي ثانية واحدة، حملتُ ساقيّ وركضت، وركضت، وركضت.جدي لن يحاول الإمساك بي. إنني حتى لم أنظر لأتأكد إن كان يتبعني.
إلى أين أنا ذاهب؟
ليس إلى المنزل، ليس إلى شخص محدد، ليس إلى الغابة، أتخذ طرقاً معقدة أركض كمجنون، أذهب إلى المقبرة، بابها لا يزال مفتوحاً، سأذهب لرؤية جدتي، أنا أبكي، أقول لها إن جدي رجل سييء، وأن أبي هو رجل سييء أيضاً، وأنه كان عليها أن تبقى بدلاً من أن تموت.
أنا في أقصى حالات اليأس.
أودّ دخول التابوت والبقاء ميتاً تماماً بجانب جدتي.
أقرر أنني ميت!
أنام على التابوت، أركز بكل قوة، وأصبح ثقيلاً مثل الحجر كي ألتصق به.
أتوقف عن التنفس، عن الحركة، عن التفكير، لكن هذا مستحيل؛ إنني محشو كبيضة.
أنا لا أستطيع إيقاف تنفسي".
لا أستطيع أن أموت.
توجد في رأسي صور عديدة. تنتقل بداخلي من قمة رأسي إلى أخمص قدمي.
أنا مادة متفجرة لا تنفجر.
إنني بائس، مشوَّش، ومجروح.
لا أشعر بالألم في أي مكان من جسمي، وفي كل مكان منه
أنا مستلق كجدتي.
أنا قاس مثلها.
لا أجرؤ على التفكير بأمي التي توجد تحتها منذ سنوات عديدة.
لكن انتبه، لست ميتاً.
يجب أن يكون لدينا زر نضغط عليه إذا أردنا الموت.
أنا حي بالرغم مني.
والأنكى من ذلك أن الجو بارد.
والأدهى منه أن الظلام دامس.
ماذا سأصبح؟ هل أضرب رأسي بالرخام؟
أنتفض واقفاً، فجأة، أصبحت مجنوناً أرى زهريات الورد، ألتقطها وأقذف بها فوق اسم أمي على لوحة الرخام، إنني أشخر، أفتعل ضجة كبيرة لدرجة إنني لم أعد أسمع شيئاً، أبكي بشدة حتى أنني لم أعد أرى شيئاً، لقد انفجرت.
وعندما أصبح كل شيء حطاماً، صرخت صرخة مدوية، واستدرت لأتأكد أن الليل مازال ليلاً.
هل تعرفين من وجدت ورائي؟!
جدي! لقد كان هنا!
صرخت "جدي!" لقد صرخت بصوت، بصوت حقيقي، وارتميت عليه وأخذت أضربه بقبضتي، وأركله بقدمي. كان صعباً عليه الاحتماء مني، ثم صرت أضربه بقوة، أقل، لأنه كان يحتضنني:
- ياصغيري نيقولا؛ يا صغيري نيقولا!
كان يبكي.
كانت سيارته أمام المقبرة، أعادني إلى البيت، وكنت لا أزال أنتحب. قام جدي بتغيير ملابسي، ووضعني في سريره. وضمني بذراعيه مثلما فعل ليلة وفاة جدتي. ثم كلمني، وقال لي إنه لم يكن يريد أن يفارقني، وأنني كنت كل مابقي له في هذا العالم. وأنه غضب مني، لأنه كان هو أيضاً يعود طفلاً، من وقت لآخر.
وقال لي أننا سوف لن نفترق أبداً، إلا إذا كنت أريد ذلك، أنا.
وقال لي إنه أبي، وأبي وحده الآن.
بعد ذلك، أضاف، أنه كان لابد من التعرف على أبي الحقيقي وزوجته وأختي، لأنه هو أيضاً، سيختفي في يوم من الأيام، كما فعلت جدتي (نعم قال "يختفي" وأنه، بعد ذلك، سأحتاج إلى عائلة.ثم أضاف إنه بصحة جيدة، وأنه لن "يختفي" الآن، ولكن من واجبه أن يفكر بذلك وهو في هذه السن.
داعب شعري. كنت بحالة جيدة.
وقد كدنا ننام قبل النهاية، ولكن لحسن الحظ، استدركت هذا، وقلت بصوت مسموع:-ياجدي، أعدك بأن أقابل والدي، إذا وعدتني بأن أبقى معك. وقد وافق، وافق بحق، لم يكن هذا مزاحاً. لم تكن لديه أبداً فكرة إرسالي للعيش عند والدي، أو في مدرسة داخلية، كان هذا فقط ضرباً من الغضب.
ومنذ ذلك الحين. عدت أتكلم يا شوكس، إنني أتكلم!
وأخيراً، إنني أتكلم نوعاً ما، ومن وقت لآخر صار "صوتي يتفخم".
وعلى أية حال، وكما لم يبق لنا سوى خمسة أيام دراسية، مازلت أهمس في المدرسة: ليس من الضروري أن أثير الجماهير. عند العودة سوف يذهب ذلك مع "البرنزة" (الاسمرار)، أليس كذلك؟
الأمور عادت بيني وبين جدي إلى أحسن حال. الآن نضحك معاً.
كان "بالان" مندهشاً جداً، عندما دخلت إليه، وأنا أقول "صباح الخير يا سيدي" وبما أنه لم يفهم شيئاً بنفسه، شرحت له أنني قررت مقابلة أبي في يوم من الأيام، وأنني اتفقت حول ذلك مع جدي. وأضفت أنني لن أذهب للعيش معه، ولا مع أي شخص آخر، حتى أبلغ سن الرشد، لأن جدي سوف يحتاج كثيراً لعنايتي حتى ذلك الوقت. قال الدكتور "بالان":
- "حسن، هذا جيد جداً" ثم " إلى اللقاء" سوف أذهب للعيادة مرة أو اثنتين قبل ذهابي مع جدي إلى البحر.
نحن ذاهبان إلى البحر.
***
لقد أصبحت، يا شوكس، أكثر ذكاء، منذ أن عدت أتكلم، ومع ذلك، جدتي لا تزال غائبة، وعليَّ أن أقدّر كيف سأتصرف مع والدي، وأحل الوضع معه... لقد فكرت في ذلك كثيراً.
سوف أكتب له. سأعطي "دولاهي" رسالة في آخر يوم من أيام الدراسة، هكذا سوف يرى أنني لست غاضباً منه لأنه تدخل في خصوصياتي.
في الواقع إنه ألطف أستاذ عندنا، إذا فكرنا بالموضوع جيداً!
جدي موافق على أن أكتب له، يقول إنه ليس هناك داعٍ للعجلة، وإنه يمكن أن أقابل والدي بعد الإجازة الصيفية، وأن علي الاعتياد على الفكرة أولاً، لقد أقسم لي أنني سأعيش عنده مادمنا سعداء معاً، ومادام قد بقي سليماً معافى، ولم يمرض.
ثانية واحدة للدعاية:
"لا يوجد نيقولا دون جد
ولا جد دون نيقولا!"
وكتبت رسالة لوالدي المساء ذاته، ووضعت ورقة كربون تحت الرسالة، كي أعطيك الصورة، لقد اجتهدت في الكتابة:
"سيدي العزيز؛
إنه لطف منك أن تشرفني بالاهتمام بوضعي حين أصبح بدون عائلة.
لا تؤاخذني إذا تأخرت في الإجابة على طلبك في الأيام الأخيرة، لأنني كنت مشغولاً جداً بجدي بعد وفاة زوجته، الشيء الذي أثر فيّ أيضاً كثيراً ، ولكنني أصغر سناً منه.
أفهم عدم حاجتك إلى الاهتمام بي من قبل، لأنني كنت بحالة جيدة جداً هنا، في البيت، والآن، إنني عاقل بما فيه الكفاية للتفكير في الوضع.
إنني موافق على التعرف إليك، ولكنني أفضل أولاً، الكتابة إليك وأن ترد على رسالتي.
لنفترض أن جدي "اختفى" على حد قوله، عندئذٍ سوف أكون بحاجة إليك. ولكنه الآن بصحة جيدة، يجب ألا نفكر بذلك، أعرف أن لك بنتاً، لنفترض أيضاً أنها "اختفت، عندئذٍ، أعدك أنني سوف آتي لزيارتك كثيراً، ولكن دون أن أعدك بالعيش معك، ودون أن أجرحك، لأنني اعتدت على الحياة بشكل مختلف.
إنني أرسل لك صورتي بالنظارات، وإلا سوف تندهش عندما تراني أضعها يوم نتقابل. إن لها زجاجتين سميكتين.
هلاّ أردت الإجابة على أسئلتي؟
- كم عمر ابنتك؟
- ماهي مهنتك؟
- ماهي هواياتك؟
- أين تسكن؟
عندما نلتقي، أرجو ألا تتصرف كما لو كنت أبي، ولكن كصديق.
وهكذا أستطيع في البداية أن أدعوك " ياسيدي" وهذا طبيعي أكثر عندما لا نعرف شخصاً، وبعد ذلك، إذا تفاهمت معي، وكذلك عائلتك، فسوف نلتقي من وقت لآخر للذهاب إلى السينما، أو المطعم.
إنني خجول بمافيه الكفاية.
أخيراً، شيء واحد أريد التأكد منه، وهو أننا لن نتكلم عن أمي، أو عن حادثة القطار.
أرجو قبول فائق الاحترام.
نيقولا دولوز".
يا شوكس، لقد تم الأمر، وقد أعطيت الرسالة إلى السيد "دولاهي". احمرَّ وجههُ. وقلت له: "هذا لأبي" بصوت مسموع.
لقد ظننت أنني سأدهشه أكثر حين سأتكلم بصوت مرتفع، ولكنه على مايبدو لم يلاحظ ذلك، كان ينظر للظرف الذي يضم الرسالة.
وبما أنني لم أكن أعرف اسم أبي (عندما سألت جدي قال: ليس الآن، ليس الآن، سوف تكون مفاجأة: "له اسم غريب"؛ فقد كتبت على الظرف:
"إلى سيدي والد نيقولا دولوز"
كان بقية الأولاد قد ذهبوا؛ مددتُ يدي إلى السيد "دولاهي" لأقول. له "إلى اللقاء" ولكنه لم يمسك بها، وقال لي:
" هذه هي العطلة الصيفية، إنني أقبّلك، سوف نتقابل حتماً"
عدت إلى المنزل مع "التجميع المدرسي" الأخير في السنة الدراسية، تعرفين: يقولون ( تجميع) للتلاميذ مثلما يقولونها للقاذورات أو البطاطا إنها كلمة بشعة!!
ياشوكس، يا غاليتي شوكس السرية، سوف أذهب قريباً مع جدي في أثناء العطلة، سوف نذهب إلى مركز من النوع الذي يكون لك فيه غرفتك الخاصة.
وحيث يقدم لك الطعام، ونقوم بنشطات رياضية، سوف يكون هناك مجموعة للصغار وأخرى للكبار، هذا مافهمته من جدي، وهكذا سوف يستطيع جدي أن يكوّن لنفسه أصدقاء من جانبه، وأنا من جانبي. وسوف نلتقط صوراً كي أريك إياها فيما بعد.
أرجو أن يرد أبي على رسالتي قبل ذهابنا.
***
تم الأمر، أحضر لي جدي الرسالة، وضعها على مكتبه وهو يبتسم، ولم يسألني شيئاً. أخذ قلبي يدق بسرعة.
إنها مطبوعة على الآلة الكاتبة، وها إنني ألصقها هنا، تحت:
"عزيزي نيقولا،
لقد سررت جداً لاستلام رسالتك. اطمئن؛ لقد فهمت تماماً تمنّعك عن مقابلتي، لأن لديك كل أسباب العالم كي تكره أباً لم تعرفه أبداً:
سوف لن نتكلم عن والدتك، موافق، إعلم فقط أنها كانت غالية جداً عندي، وأننا قد دفعنا ثمن هذه المرحلة من حياتنا آلاماً كثيرة، سوف أقول لك كل ماتود معرفته عندما تصبح في مثل عمري، إذا، طبعاً، أردت أنت ذلك".
أشكرك على صورتك. إنك تبدو جيداً جداً، وهل لي أن أقول لك مع ذلك إنني كنت أعرفك من قبل. وإنني منذ اثني عشر عاماً (سنوات عمرك) قد تابعت خطوة بخطوة طفولتك، ولم أرد الدخول في حياتك الخاصة، لأنك كنت تبدو سعيداً تماماً مع جدّيك. لقد ربَّتك جدتُك، تماماً مثل ابنها.
وعندما مَرضَتْ، هكذا فجأة، وجب عليها وعلى السيد "دولوز" أن يواجها مستقبلك بطريقة مختلفة، لقد تكلمنا معاً حول ذلك، واعتقدنا أنه من الأفضل أن تعرفني، وأن نتعلم كيف نحب الواحد منا الآخر
ماهو صعب عليك، لن يكون سهلاً كذلك بالنسبة لـ "ديزي" "ديزي" هي ابنتي، إنها تجهل أن لها أخاً يصغرها بعامين. سوف أكون بحاجة لمعرفتك كي تعتاد على هذه الفكرة، فيما لو قدرنا أنا وإياك أن نحدثّها بذلك.
أنا أدعى "إيف" وزوجتي "بريجيت" لن أريها رسائلك، اطمئن اطمئن. ولكنني قلت لها إنك كنت تفضل أن نتراسل في البدء، حتى نصبح كالأصدقاء، دون لعب دور الأب والابن الاجباريين). إنها ترى بذلك طريقة ممتازة في التصرف. يمكنك مناداتها "بريجيت" وأنا "إيف" إنها صحفية، أنا موظف.
بالنسبة لاسم عائلتي فإنني مضطر للاحتفاظ به سرّياً بعض الوقت أيضاً.
استمر بإرسال رسائلك إلى السيد "دولاهي" وسوف يوافيني بها. إننا نسكن في البناية نفسها. إنها صدفة غريبة، اكتب:
إيف عن طريق السيد دولاهي.
8، شارع سانت أوديل.
كليرمون- فيران.
ملاحظة: إنني أرسل لك صورة لبريجيت وديزي، ليس لدي صورة لي في الوقت الحاضر، لكنني سوف أذهب إلى المصوِّر خلال أيام.
والدك: إيف".
حدَّقت إلى الصورة، يا شوكس. الأم ترتدي بنطال جينز وكنزة، إنها بعمر كل الأمهات. لا يوجد تعليق، إنها مقبولة. لكن ديزي ليست واضحة تماماً؛ تبدو جميلة. شيء عجيب، إنني واثق، واثق جداً من أنني سبق ورأيتها في مكان ما، على كل حال ليس في المدرسة، لأنني كنت سأتذكرها ولاشك، إن الإنسان يتعرف على كل الوجوه التي يراها، ولكن أين؟
اللعنة، أين؟ لا أستطيع أن أتذكر.
أمَّا من ناحية أبي، فأنا مطمئن.
سوف يكون صديقاً فقط، يمكنه أن يدعى "صندوق القمامة" وهذا سيان عندي، لن نقول شيئاً لابنته، لن أتكلم شيئاً مع زوجته. سوف نتصرف كما لوأنني فقط "دولوز" الصغير، حفيد جدي، نقطة.
سوف يكون سراً بيننا نحن الاثنين: إيف وأنا نيقولا.
سر أبوي.
يوم زواجنا، يا شوكس، سوف أدعوه هو وزوجته وابنته "ديزي" سوف أريك إياه. سوف أقول لك: "يا شوكس، هذا هو والدي" ولن يعرف أحد شيئاً.
***
يا عزيزتي شوكس الصغيرة، لقد انتهى الأمر، حقائبي جاهزة، سوف نرحل، لن آخذ هذا الدفتر معي لأنه انتهى تقريباً، بقي منه ورقة بيضاء واحدة.
أمس، أرسلت لوالدي كلمة صغيرة على ورقة كرتون:
"هل أنت موافق على السر الأبوي بيني وبينك، مادام جدي على قيد الحياة؟"
اتصل أبي هاتفياً، لم أكن موجوداً في المنزل، أستلم جدي الرسالة:
" موافق على سر الأبوة- إيف".
في الواقع كنت هناك، لكن جدي لم يجدني، أحسن!
لكن الأكثر سرية من ذلك كله، يا شوكس، السر الذي أبوح به لكِ وحدك، والذي أحمله في حقائبي، إلى البحر، هو أنني بالأمس مساءً، وأنا أرتب أغراضي، وجدت شرائط الحذاء الأحمر؛ وفجأة، من الذي رأيته في الطريق، من الذي رأيت، احزري؟ هل حزرتِ، لا ؟
آنسة لها ضفائر، بالقرب من "جود"... إنها هي نفسها التي تظهر في الصورة... "ديزي"!
لن أخبر جدي بذلك مطلقاً خلال هذه الأيام.
أنا بصحة جيدة الآن.
بينما جدي لا يزال نحيفاً.
ملاحظة: "جوليا" قالت لي إن قطتي "مينيت" تنتظر صغاراً، وسوف تحتفظ لي بواحدة منها حتى عودتي من العطلة.
أقبلك، ياشوكس، بكل قوتي.
نيقولا.
-انتهت-